حالة من الارتباك والفوضى وعدم النظام شهدها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي انتهي مؤخرا منذ أيام , ليؤكد أننا قد فقدنا الأمل في قدرتنا علي إدارة أي مناسبة حتى لو كان مهرجان عريق مثل القاهرة استمر طوال 38 دورة هي عمره , ويمثل واحدا من أهم عشر مهرجانات علي مستوي العالم ! ولعلنا نتساءل ما الذي كان يمنعنا أن نخرج بدورة ناجحة رغم أن الظروف هذه المرة كانت أفضل كثيرا عن ال6 أعوام السابقة ؟ الإجابة ببساطة شديدة لأنه لم يعد أحد يهتم بما يقع تحت يده من مسئولية وحتى لا نكون غير منصفين دعنا نقول حتى وأن كان هناك اهتمام فهو غير كافي لإدارة أو تنظيم مثل هذه الاحتفالية الكبرى . وقد كان من الممكن أن نتغاضى عن بعض العيوب رغم كثرتها في مقابل أن نجد مميزات ولكن ما أقلها في هذه الدورة ! فحتى الافتتاح نفسه الذي من المفروض أنه الحدث الأهم في المهرجان إلا أنه احتل وحده نصيب الأسد من تلك السلبيات , بداية من الحفل الذي جاء باهتا وفقيرا وكأننا في حفل مدرسي وليس عرس فني كبير ! ومرورا بالضيوف الذين كانوا يصعدون إلي المسرح دون مساعدة أحد كما كان يحدث من قبل , رغم أنه كان يوجد بينهم من هم كبار السن ويحتاجون إلي من يمسك بأيديهم سواء في صعود الخشبة أو النزول منها ! ولعل الجميع قد لاحظ أن المخرج المالي " عمر سيسيكو " الذي تم تكريمه بالإضافة أيضا إلي كونه عضو لجنة تحكيم قد تعثر أثناء دخوله وكاد أن يقع علي الأرض لولا ستر ربنا ! وعلاوة علي ذلك كانت هناك حالة من التخبط والتعجل في النداء علي أسماء الضيوف وهذا الخطأ تسأل عنه المذيعة " جاسمين طه زكي " فهي برغم خبرتها السابقة ، إلا أنها لم تراعي التريث وبدت كأنها في عجلة من أمرها في النداء على أسماء النجوم دون منحهم الفرصة الكافية للصعود كل علي حدة لدرجة أنهم كادوا ومن جراء لحاقهم أن يتصادموا ببعض ! هذا إلي جانب تكرار أسماء الضيوف أكثر من مرة فبمجرد أن ينتهي النجم من تكريمه مثلا يجد نفسه يتم النداء عليه ليصعد إلي الخشبة من جديد , فبدا هؤلاء النجوم وكأنهم بهلوانات في سيرك ! ناهينا عن سوء التنظيم وهو للحق ليس وليد هذه الدورة بل ومن كثرة تكراراه أصبح عادة ذميمة ومتأصلة طوال تاريخ المهرجان تقريبا , ونقيس علي ذلك كل شيء من عدم الالتزام وما يترتب عليه من عدم احترام للمواعيد ومنها مثلا عروض الأفلام التي قد يتم تأجيلها أو إلغائها فجأة في اللحظات الأخيرة ! كما زاد الطين بله وجود تلك الشركة المخصصة للأمن والتي للأسف اتضح أنها افتقدت معرفة أن هناك فرق كبير بين تأمين الناس والتضييق عليهم , فهي مخصصة لحماية ضيوف المهرجان المهمين وليس ملاحقتهم كالمجرمين ! ويبقي غياب نجوم الصف الأول أو " السوبر ستار " وهي بالمناسبة ظاهرة أصبحت متواصلة هي الأخرى ومتكررة بل ومتفشية عند جميع الفنانين بصفة عامة , وما يثير الضحك فعلا هو حجة هؤلاء بحزنهم علي وفاة فنانا الجميل " محمود عبد العزيز , هذا علي اعتبار أنهم كانوا يتواجدون طوال السنوات الماضية ولكن الوفاة هي التي منعتهم هذا العام فقط ! حتى حضور النجم أحمد حلمي وزوجته منى ذكي لا يمكن احتسابه علي أنه ميزة لأنه كان مصحوبا بتكريم حلمي ولولا ذلك لما كنا شاهدنهما من أساسه ! لذلك كان طبيعي عندما غاب هؤلاء النجوم أن يحضر من هم أقل شهرة مثل سما المصري وأخرون. الحقيقة أن الغياب المتعمد مع سبق الإصرار والترصد من جانب نجومنا الأعزاء ليس له معني سوي أنهم عديمي الانتماء لوطنهم ولجمهورهم ولفنهم ! بدليل أنهم في الوقت الذي يهربون فيه من أهم مهرجان يمثلنا رغم حاجته الماسة لهم ولحضورهم ودعمهم ألان تحديدا , نجدهم علي عكس ذلك تماما في باقي المهرجانات الأخرى وخاصة العربية ونضع تحتها خطوطا عديدة حيث أصبح النجوم يتهافتون علي التواجد والمشاركة فيها سواء بحضورهم الشخصي أو بأفلامهم التي يفضلون عرضها فيها علي حساب مهرجان بلدهم ! ومع إسدال الستار علي مهرجان القاهرة في ختام هذا العام نتمنى أن تعود الطيور النافرة له من فنانينا في دورته القادمة , وليتهم يعلموا أنهم قد استنفذوا كل حججهم وتبريراتهم الواهية , ويبقي أن نقول لكم أنه لن يتم قبول أي اعتذارات أخري قادمة لأنه " عفوا فقد نفذ رصيدكم ! [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;