عندما كانت طفلة صغيرة تملكها اليأس والإحباط بسبب عدم تمكنها من اللعب مثل بقية الأطفال، وزاد من معاناتها مشاهدتها زميلاتها وهن يمارسن مختلف ألعاب الطفولة، ولكن بمساعدة أسرتها استطاعت الانتصار على حالتها النفسية، وأكملت تعليمها بمساندة والدتها التى كانت تحملها من المنزل إلى المدرسة يوميا، ولما اشتد «قوامها» بدأت فى التفكير لتعيش حياتها بإيجابية، وعرفت أنها لا ينقصها شئ عن الأسوياء، وبسبب تشجيع إحدى الجمعيات لها وصلت لمستوى الاحتراف فى تصميم الحرف اليدوية الفرعونية، وشاركت بأعمالها فى أكثر من معرض .. إنها الفتاة ذات الأنامل الذهبية بنانه فتحى. تقول بنانه (35عاما): عندما كنت طفلة تعرضت لسخونة فى الجسم وارتفاع فى درجة الحرارة، وأخذنى والدى إلى المستشفى فى محافظتى المنوفية، ونتيجة تشخيص خطأ من الطبيب وكتابة أدوية وعلاج خطأ أيضا، تسبب فى حدوث شلل بأطرافى السفلى، وبعد رحلة علاج استمرت لسنوات طويلة، استقر الوضع عند إصابتى بإعاقة حركية. وتضيف: رضيت أسرتى بقضاء الله وقدره، وحاولوا منذ طفولتى مساعدتى للتغلب والانتصار على حالتى النفسية التى كانت تتملكنى عندما أشاهد الأطفال تجرى وتلعب فى الشارع وأنا لا أستطيع السير، واستطاعت اسرتى اقناعى بالتعامل مع الآخرين بأننى لا ينقصنى شىء عنهم، وبالفعل اقتنعت بذلك، وبدأت التعامل مع الناس على أننى مثلهم. وتكمل: كان التحدى الوحيد الذى يعترض طريقى هو الخروج من المنزل وكيفية الذهاب إلى المدرسة التى كانت تبعد عن منزلنا مسافات طويلة، وكانت والدتى – التى لها الفضل الأكبر فى حياتى – تحملنى يوميا إلى المدرسة، وفى نهاية اليوم الدراسى تعيدنى إلى المنزل بنفس الطريقة، لأن والدى فى ذلك الوقت كان يعمل خارج البلاد، ولم تكتف والدتى بمصاحبتى إلى المدرسة فقط، بل كانت تذهب معى إلى أماكن الدروس الخصوصية المختلفة فى كل مراحل التعليم، وبسبب تعب والدتى معى، استطعت الاجتهاد قدر المستطاع فى دراستى، حتى حصلت على مؤهل تجارة متوسط. وتواصل: بعد حصولى على الشهادة التعليمية، كان لدى وقت فراغ كبير وقاتل، ونصحنى بعض الأصدقاء بالاشتراك فى إحدى الجمعيات الخاصة بذوى الإعاقة، حتى استطيع ممارسة بعض الأنشطة التى تتبناها الجمعية وأقضى الوقت فى عمل مفيد لى وللمجتمع، وبالفعل اشترك فى جمعية، وكان من ضمن أنشطتها مجال الحرف اليدوية، وأخذت قرارى وانضممت إلى هذا المجال. وتضيف: فى بداية ممارستى لتصميم الحرف اليدوية كان الأمر غاية فى الصعوبة، ولكن مع مرور الوقت وبالتعود والممارسة أصبحت أتقن شغل الحرف اليدوية بصفة عامة والفرعونية بصفة خاصة، وشجعنى على الاستمرار فى هذا المجال رئيس مجلس إدارة جمعية المستقبل لرعاية المعاقين بالمنوفية، واخترت هذه الحرفة لانها شيقة فيها «نفحة» من أجدادنا المصريين الفراعنة. وتستطرد: وصلت لمستوى الاحتراف فى تصميم الحرف الفرعونية بالعمل الدائم والاستمرار فيها والممارسة والتعود، وشاركت بأعمالى فى أكثر من معرض، ومنها معرض جامعة القاهرة وعرض شباب الخريجين بالمنوفية وعرض الأيادى المنتجة فى الفيوم. وفى نهاية حديثها تنصح بنانه ذوى القدرات الخاصة قائلة: بالعمل الدائم والمستمر يحقق كل إنسان هدفه فى الحياة، نحن لدينا قدرات فائقة ونستطيع فعل أشياء جميلة وممتعة تبهر الآخرين، لذلك فنحن لسنا «معاقين»، وأرجو من الدولة أن تنظر لنا ولو قليلا وتوفر لنا مساكن تناسب طبيعة الإعاقة لكل منا، حتى نستطيع العيش فى سلام. وعن أحلامها المستقبلية تقول: أتمنى العيش مثل كل إنسان، فأنا لست معاقة، وإنما المجتمع هو من يعيقنى عندما لا يوفر لى متطلبات الحياة الخاصة بى، كما أتمنى أن أحقق لقب ملكة جمال مصر لذوى الإعاقة فى المسابقة التى تقام حاليا بالإسكندرية.