انقلبت الموازين مجددا بفرنسا لتفاجئ الساحة السياسية وتعكس كل التوقعات والاحتمالات بصعود المرشح الرئاسي ورئيس الوزراء الأسبق فرانسوا فيون الذي تصدر فرص الفوز بثقة اليمين والوسط في الانتخابات التمهيدية بجولتها الأولي بحصوله علي 44 في المئة تقريبا ليحل الأول علي منافسيه ويليه الآن جوبيه ب 28 في المئة فقط، ويخرج بذلك الرئيس السابق نيكولا ساركوزي من الحياة السياسية نهائيا حسب إعلانه وتصريحاته بعد ان فشل في كسب ثقة الناخب وخروجه منهزما بحلوله ثالثا ب 21 في المئة -تقريبا- خلف رئيسي الوزراء الأوفر حظا والمقرر لهما أن يخوضا سباق الجولة الثانية والحاسمة الأحد المقبل 27 نوفمبر الحالي. وتتوقع الساحة فوزا ساحقا لفيون بما يقارب 65 في المئة تقريبا في حين لاتغطي التوقعات لجوبيه سوي 55 في المئة... وحسب «جورنال لومانيتي» قد لا تأتى الجولة الثانية بالجديد بل انها ستؤكد علي نتائج الجولة الأولي بفوز محقق لفرانسوا فيون.كما ستُلقي عليه المسئولية لقطع الطريق علي زعيمة الجبهة المتطرفة مارين لوبن، خاصة ان جبهة اليسار بصفة عامة والاشتراكيين علي وجه الخصوص يعانون من انقسامات قد تطيح بأحلامهم في البقاء في السلطة. ومن ناحيته لم يفصح الرئيس الاشتراكي فرانسوا اولاند بعد عن خوضه السباق للاليزيه مرجئا الإعلان عن نيته حتى ديسمبر المقبل في حين تتوقع الساحة ترشيح رئيس وزرائه الراهن مانويل فالس نفسه.وعلي نفس الصعيد خرج المرشح الرئاسي ووزير المالية السابق إيمانويل ماكرون بكتاب جديد ليدعم حملته الانتخابية في السباق الي الاليزيه ويذكر ان إيمانويل ماكرون يثير نفس الجدل من حيث ديناميكيته وشعبيته المتصاعدة وهو ما يطرح احتمالية وصوله إلى الجولة الاولي من الانتخابات الرئاسية في ابريل 2017. اما عن بعض ملامح برنامج فيون فيراه بعض المحللين اكثر تحفظا فيما يخص القضايا الاجتماعية فهو يرفض -مثلا-اجراء عمليات الإجهاض الذي تعتبره المرأة حقا مكتسبا. كما انه يرفض المشروع الذي أقره البرلمان في عهد الرئيس الاشتراكي الحالي فرانسوا اولاند والخاص بزواج المثليين ويعارض بشدة إعطاء الحق للمثلي بتبني الاطفال، وهي القوانين التي ترفضها الجبهة الوطنية لليمين المتطرف بزعامة مارين لوبن ومن هنا يوجه جوبيه الاتهام لفيون بانه ينتهج سياستها المتشددة. وفي ظل النقاش الدائر حاليا حول مساندة منافسه الان جوبيه للمرأة يثار الجدل حول رفض فرانسوا فيون منح المرشحة الرئاسية «ناتالي كوسيسكو موريزيه» منصبا وزاريا كونها حاملا ذلك عندما كان فيون رئيسا للوزراء وهو الامر الذي يطوعه معارضوه لمهاجمته ومساندة الان جوبيه. وعلي الصعيد الاقتصادى يعد فيون اكثر لبيرالية، وفيما يخص السياسية الخارجية يؤيد فرانسوا فيون إنهاء العقوبات الاقتصادية على روسيا معتبرا أنه لا يوجد حل آخر سوى اللجوء إلى الروس والنظام السوري للقضاء على تنظيم داعش. وفيما يخص بعض ملامح سياسية جوبيه الخارجية فهو يتفق تماما على أن الأولوية تتمثل فى القضاء على تنظيم داعش، ولكنه ينتظر من روسيا حلا للخروج من الأزمة حسب تعبيره.ويري الان جوبيه ان الحل ليس بالتحالف الروسي الإيراني الذي يبدو أن فرنسوا فيون يتوقعه. وعلي صعيد منطقتنا العربية يري الان جوبيه ان إيران تلعب دورا لزعزعة الاستقرار إلى حد كبير في اليمن والعراق وسوريا ، مشيرا إلى أن «حزب الله هو حزب إيراني لا يزال يهدد إسرائيل»، مشددا على أنه «يجب أن تكون فرنسا أكث حزما وأكثر وضوحا مع روسيا». وعلي صعيد متصل ندد نحو 215 نائبا بالنهج الذي ينتهجه آلان جوبيه تجاه فرنسوا فيون معلنين عن مساندتهم للأخير وهو الامر الذي يزيد من فرص فوز فيون وباكتساح. وفي الوقت الراهن ونحن في انتظار الجولة الفاصله للانتخابات التمهيدية لليمين والوسط غدا الأحد الموافق 27 نوفمبر تتصدر صور فرانسوا فيون كافة المجالات والصحف الفرنسية بتوقعات اكتساح يطيح بمنافسه جوبيه. ويحرص فيون البالغ من العمر 62 عاما علي مواكبة عصر التواصل الالكتروني متابعا لحملته الانتخابية من مقر الحملة بباريس علي مواقع التواصل عبر الفيسبوك من خلال 200 قاعة منتشرة فى أنحاء فرنسا. والواقع ان ما يحدث بفرنسا والعالم من مفاجآت سياسية جعل البعض لايستبعد وقوع زلزال فرنسي يقلب الموازين وياتي بغير المتوقع وهو الطرح الذي اعتمده الاشتراكي جون ماري لوجون سكرتير الدولة المكلف بالشئون البرلمانية في تصريحاته الأخيرة التي نقلتها وسائل الإعلام الفرنسي،مشيرا فيها الي اننا نعيش في عصر المفاجآت ولا مجال لاستبعاد اي الاحتمالات خاصة مع توالي الأحداث والصفعات التي كانت في نطاق المحال والاستبعاد مذكرا بما حدث في بريطانيا والولايات المتحدةالامريكية . ومضي لوجون في حديثه محذرا من تداعيات ما يحدث علي الساحة السياسية الفرنسية ايا كان علي جبهة اليسار والاشتراكيين او اليمين والوسط مع احتدام المنافسة علي الاليزيه قائلا إنها كلها معطيات تمنح الفرصة لزعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبن للوصول للرئاسة وهو ما يجعل وصول اليمين المتطرف للحكم غير مستحيل. وتعود الساحة السياسية وتطرح السؤال هل سيستطيع الان جوبيه او فرانسوا فيون لم شمل جبهة اليمين والوسط وهل سيقوي الفائز منهما على خوض السباق الرئاسى حتى النهاية ومواجهة زعيمة حزب الجبهة الوطنية لليمين المتشدد مارين لوبن التي تتوقع لها مراكز الاستطلاع الوصول الي الجولة الثانية من انتخابات الاليزيه في 2017.
