جاء انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدةالامريكية كوقع الزلزال علي الطبقة السياسية الفرنسية خاصة علي مستوي الجبهتين اللتين يتبادلان السلطة منذ عقود بالبلاد...وهما اليمين الجمهوري بزعامة نيكولا ساركوزي والاشتراكي الحاكم حاليا. والواقع ان الموضوع يثير جدلا شديد بفرنسا وباتت الساحة تتحسب من تكرار السيناريو الامريكي في الانتخابات المرتقبة في ابريل 2017, خاصة إن الاشراكيين ومن قبلهم الجمهوريون في حقبة نيكولا ساركوزي لم يحركا ساكنا من ناحية الأوضاع التي انتظر المواطن الفرنسي حلولا لها دون جدوي وهي القضايا الملحة كخفض منسوب البطالة وتحسين مستوي المعيشة وقضية الهجرة وتوفيرالامن في ظل تكرار الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها باريس. والواضح ان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند قد أخطأ التقدير مثله مثل كثير من المسئولين الذين توقعوا فوز هيلاري كلينتون الامر الذي جعله يخرج بتصريحات مضادة للأخير قبيل الانتخابات الامريكية بساعات قليلة وهي التي جاء بها عبر تغريدة علي حسابه الخاص عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر حيث حذر من «مرحلة من الغموض» مع انتخاب ترامب ودعا الى وحدة صف أوروبية. والواقع ان الساحة عابت علي تصريحات اولاند وصنفتها بغير المسئولة من رئيس دولة مما دعي اولاند الى سحب تصريحاته علي الفور الا ان جبهة اليمين المتشدد بزعامة مارين لوبن انتهزت الفرصة لمهاجمة الرئيس الفرنسي والذي تصنفه مراكز الاستطلاع بالاضعف حظا بالفوز بحقبة ثانية في الوقت الذي لايتبقي فيه سوي خمسة أشهر تقريبا علي السباق الرئاسي. وعلي الصعيد نفسه قامت مراكز الاستطلاع بعمل مسح لاراء الفرنسين لمعرفة توقعاتهم عن المرشح الأوفر حظا لدخول الاليزيه حيث سجلت زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن اعلي مستوي علي الإطلاق بحصولها علي 79%، ويليها الرئيس الفرنسي الجمهوري السابق نيكولا ساركوزي بحصوله علي 35%،وبعدهما جاء وزير المالية السابق الشاب إيمانويل ماكرون بحصوله علي 18%، وهو ما يزيد التاكيد علي وصول لوبن الي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقرر لها مايو 2017 لتنافس بذلك مرشح الجمهوريين الأوفر حظا الان جوبيه . اما تداعيات فوز ترامب علي زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتشدد مارين لوبن فكانت إيجابية للغاية فهي قد اعلنت مرارا تأيدها ودعمها له. وتجدر الإشارة الي انه قبيل صدور النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة سارعت مارين بنشر تغريدة على حسابها تويتر هنأت فيها ترامب على فوزه بالانتخابات وكتبت فيها “أطيب التهاني للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وللشعب الأمريكي الحر.” وفي تصريحات لها قارنت زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتشدد والمرشحة للانتخابات الرئاسية الفرنسية في 2017 بين ترشحها وترشح دونالد ترامب .قائلة نحن لسنا من القصر ولا نشارك في النظام الحالي ولا نتبع أحدا ولن نأخذ أوامر من قوة مالية أو بناء لمصالح شركات متعددة الجنسية. والمحصلة ان فوز دونالد ترامب في أمريكا يطرح وبقوة احتمالية ان يواجه المجتمع الفرنسي نفس المصير بفوز زعيمة الجبهة الوطنية لأقصي اليمين مارين لوبن خاصة ان حالة الامتعاض الشعبي قد واصلت أقصي معدلاتها نظرا لإخفاق السياسات الراهنة في توفير الامن للفرنسيين ومكافحة الاٍرهاب الذي ترجعه الساحة الي فتح الحدود و نزوح المهاجرين بالاضافة الي تفاقم البطالة وتدني مستوي المعيشة ليظل ملف الهجرة والأمن والارهاب والإصلاح الاقتصادي من أقوي الملفات المطروحة علي برامج المرشحين لخوض سباق الاليزيه. وياتي هذا الجدل الشديد ليظل وصول لوبن الي الاليزيه بين الشك واليقين ولكن في عالم السياسة تبقي كل الاحتمالات مطروحة.