«نافذة مضيئة بشمس إفريقيا الجديدة.. إفريقيا التى نتمنى أن نجدها». هذا الوصف الذى تمنت «بنت النيل» الدكتورة «إيمان مهران» أن يطلق على أحدث كتبها الذى يحمل عنوان «الفلكلور الأفريقي.. مدخل لدراسة الثقافة التقليدية». والمؤلفة عضو هيئة تدريس بأكاديمية الفنون بالقاهرة وعضو اتحاد الكتاب، والمنظمة العالمية للكتاب الآفروأسيوية وعضو نقابة الفنانين التشكيليين، ولها العديد من المؤلفات والدراسات حول فنون التشكيل الشعبى والمقدسى وروائع الخزف، ومؤلفات فى توثيق الأغنية المصرية بجانب مجموعة قصصية إضافة إلى مسرحيتين استوحتهما من إفريقيا القديمة (الأمازيغ). والكتاب تقديم للدكتور اجاستن جون بيليب (دكتوراه الفلسفة فى الإخراج المسرحى وهو ناقد وأكاديمى فى جوباجنوب السودان)، كشف فيها أن الكتاب يطرح فى أحد أبوابه مسألة جوهرية وهى «إشكالية الهوية الأفريقية»، حيث يتناول صراع مكونات الموروث من السحر والمعتقدات القديمة مع المتغيرات وأسئلة الراهن المتجددة، ووصف الكتاب بأنه «رحلة عميقة فى تضاريس البنية الهيكلية للوجود الثقافى الإفريقي.. رحلة تلج عميقا فى الفلكلور الأفريقى بسحره وطقوسه المعقدة التركيب رحلة تستطيع عبرها الدخول إلى عوالم الروح عبر بوابة الإدراك الحسى. وتشير المؤلفة فى مقدمتها إلى أهمية «إعادة قراءة التاريخ الإفريقى من منظور الأفارقة، أمر ينعكس على جدية التعامل مع القضايا الافريقية الملحة، كما أن هناك أهمية فى قراءة تلك القضايا الإفريقية من منظورها الاجتماعى الواقعى ونسقها الثقافى الخلاق». فالكتاب محاولة لبدء جهد علمى جماعى لقراءة أفريقيا بعيون الأفارقة التى ترى أحلام أبنائها وليس بعيون الغرب الذى كان ينقسم إلى (رحلات تبشيرية واستعمارية أو رحلات لتهجير مئات الآلاف من العبيد الأفارقة خارج القارة، وهو ما جعل نظرة الغرب متدنية لثقافة الأفارقة ومجتمعاتهم). ويضم الكتاب دراسات للمؤلفة عرضتها فى مؤتمرات دولية فى مصر وخارجها، ونُشر بعضها فى دوريات علمية متخصصة. ويناقش الفصل الأول «ماهية أفريقيا»، وماذا تعنى كلمة إفريقيا جغرافيا القارة وتضاريسها واللغات الافريقية والتعليم وإشكالية اللغة والأديان والجغرافيا البشرية والسكانية والهجرة وحركة السكان والجغرافيا الاقتصادية والمواصلات، تاريخ القارة السياسى وتحريرها من الاستعمار، والاتحاد الأفريقى ودور مصر فى تحرير دول القارة. ويستعرض الفصل الثانى ماهية الفلكلور والثقافة التقليدية الافريقية والدراسات العلمية والكتب التى تناولت هذا الموضوع فى جامعات مصرية وسودانية وأخرى أفريقية، بينما يستعرض الفصل الثالث إشكالية تنمية الثقافة التقليدية الإفريقية من خلال بحث ماهيتها، وعلاقة التعليم والسحر الأفريقي، وموروث الثقافة والهوية الإفريقية وصراع اللغة والدين والعراق وأسباب تعثر برامج التنمية فى القارة، ومخطط أولى لتنمية الثقافة الإفريقية التقليدية. ويتناول الفصل الرابع الفن الإفريقى من خلال الفن السحرى والإبداع الأفريقي، وفلسفة الفن الأفريقي، وخصائصه ومتحف الإنسان الأفريقى وفلسفته ومخطط أولى له. والفصل الخامس موضوع «الجسد فى الموروث الإفريقي» من خلال فلسفة الجسد وفنونه والتحليل التشكيلى للجسد والجسد فى فنون التشكيل الشعبى (الوشم نموذجاً). وتختتم الدكتورة إيمان مهران كتابها بالفصل السادس «كنوز إفريقيا الحية»، حول تنمية الحرف التقليدية مع عرض تجربة «أسعد نديم» كنموذج تطبيقي، وهو واحد من رواد الفلكلور التطبيقى له تجاربه الرائدة التى تدور حول التنمية والموروث والحداثة المرتبطة بالقديم والذى يحمل بين طياته الحفاظ على الهوية والشخصية المحلية، وله مؤلفات عديدة ومشاريع رائدة أهمها مشروع توثيق وترميم بيت السحيمى فى الجمالية بالقاهرة ومشروع (الأرشيف القومى للمأثورات الشعبية) وعرضت المؤلفة فى هذا الفصل تجربة أسعد نديم فى إنشاء (معهد مشربية فن بلدنا) فى عام 1978، وكذلك تواصل نديم مع الإخوة (أبو زيد) وهما ينتميان إلى أبرز الأسر فى فن النجارة العربي، ومن أعمالهما صناعة سقف مسجد الرفاعى بالقلعة مع تادرس بادير، وترميم آثار لدى الياس ملوك تاجر العاديات بخان الخليلي، وعمل قواطع (فواصل) برواق الصعايدة بالأزهر الشريف ونجارة معهد الموسيقى العربية وجامع الخازندار، وجوامع سارية الجبل بالقلعة وقنطرة الدكة، ومسجد المرسى أبو العباس وعبد الرحيم القنائى والمسجد العتيق بالخرطوم وجامع عمر مكرم والمنبر الذى أهدته مصر إلى المركز الإسلامى بواشنطن ومنبرى المركزين الإسلاميين بسان باولو بالبرازيل ولندن وكنيسة بطرس غالى بالعباسية وقد خلفهم المهندس وائل سعيد أبو زيد الذى يمثل الجيل الخامس لهذه العائلة، والذى يقوم حاليا بتحديث فن النجارة العربى وتسجيله. وتختتم المؤلفة هذا الفصل والكتاب بعبارة فيها خلاصة دراستها: «إن موت كنز معرفى إفريقي، هو احتراق لجزء من ذاكرة أمتنا الإفريقية».