إنفوجراف| أبرز تصريحات الرئيس السيسي في عيد العمال    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    وزير المالية: الخزانة تدعم مرتبات العاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بنحو 3 مليارات جنيه    رئيس جهاز بني سويف الجديدة يتابع مع مسئولي "المقاولون العرب" مشروعات المرافق    بحضور السيسي.. إطلاق 8 وحدات تدريب مهني متنقلة بقرى حياة كريمة| فيديووصور    الرئيس السيسى يشهد عبر الفيديو كونفرانس بعض مشروعات مبادرة "ابدأ"    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    وزير الإسكان: جار تنفيذ 64 برجاً سكنياً بها 3068 وحدةو310 فيلات بالتجمع العمراني "صوارى" بالإسكندرية    البنك المركزي: تسوية 3.353 مليون عملية عبر مقاصة الشيكات ب1.127 تريليون جنيه خلال 4 أشهر    إصدار 40 مواصفة قياسية مصرية في مجال نوعية وإعادة استخدام وإدارة المياه    الإمام الأكبر ينعي الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    رحلة التنازلات الإسرائيلية في المفاوضات.. هل سيتم التوصل لاتفاق هذه المرة؟    أوكرانيا: الضربات الروسية دمرت 50% من قطاع إنتاج الطاقة في أوكرانيا    غرق عشرات الإسرائيليين في البحر الميت وطائرات إنقاذ تبحث عن مفقودين    وزير الخارجية السعودي يدعو لوقف القتال في السودان وتغليب مصلحة الشعب    أهالي الأسرى الإسرائيليين يقطعون طريق محور أيالون بتل أبيب    محاضرة فنية أخيرة من جوميز للاعبي الزمالك استعداداً للقاء البنك الأهلي    الفشل الثالث.. رانجنيك يرفض عرض بايرن ويستمر مع النمسا    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    هل سيجدد تعاقده؟.. محمد صلاح يتصدر الإعلان عن قميص ليفربول للموسم المقبل    ماذا يحتاج ريال مدريد للتتويج بالدوري الإسباني؟    بسبب معاكسة فتاة.. نشوب مشاجرة بين طلاب داخل جامعة خاصة في أكتوبر    احذروا الطقس خلال الأيام القادمة.. ماذا سيحدث في الأسبوع الأخير من برمودة؟    حملات أمنية ضد محاولات التلاعب في أسعار الخبز.. وضبط 25 طن دقيق    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل مخزن ملابس في العجوزة    "فى ظروف غامضة".. أب يذبح نجلته بعزبة التحرير بمركز ديروط بأسيوط    حركات استعراضية بالموتسيكلات.. ضبط المتهمين بتعريض حياة المواطنين للخطر في القاهرة    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    بلاش الدلع الزيادة.. نصائح مهمة لتربية الطفل بطريقة صحيحة    عزة أبواليزيد: مهرجان بردية يسعى لاستقطاب الشباب لميادين الإبداع |صور    الإفتاء: الاحتفال بشم النسيم غير مخالف للشرع وتلوين البيض مباح شرعا    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    على طريقة نصر وبهاء .. هل تنجح إسعاد يونس في لم شمل العوضي وياسمين عبدالعزيز؟    أحمد كمال ل«صدى البلد» عن مصطفى درويش: معطاء وكان وهيفضل حاضر معانا    الأحد.. «أرواح في المدينة» تعيد اكتشاف قاهرة نجيب محفوظ في مركز الإبداع    تحرك برلماني بشأن الآثار الجانبية للقاح أسترازينيكا    المركزي يوافق مبدئيا لمصر للابتكار الرقمي لإطلاق أول بنك رقمي"وان بنك"    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    فاتن عبد المعبود: مؤتمر اتحاد القبائل العربية خطوة مهمة في تنمية سيناء    ارتفاع حصيلة قتلى انهيار جزء من طريق سريع في الصين إلى 36 شخصا    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    نشاط الرئيس السيسي وأخبار الشأن المحلي يتصدران اهتمامات صحف القاهرة    الكشف على 1361 مواطنا ضمن قافلة «حياة كريمة» في البحيرة    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    مشروع انتاج خبز أبيض صحي بتمويل حكومي بريطاني    تعرف على أحداث الحلقتين الرابعة والخامسة من «البيت بيتي 2»    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحبة كتاب مصحف جيفرسون في حوار خاص للأهرام:
دينيس سبيلبيرج : ترامب لا يصلح إلا رئيسا «لمجلس الكراهية».. وغالبية الأمريكيين ضده
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2016

حواركان توماس جيفرسون أحد الأباء المؤسسين للولايات المتحدة الأمريكية يقتني نسخة من المصحف في مكتبته، وكان مع ذلك يكره الإسلام ويراه دينا خاطئا، لكن جيفرسون كان من أشد المؤيدين لحق المسلمين في التمتع بحريتهم الدينية في الولايات المتحدة.
حول هذه الفكرة كتبت الباحثة الأمريكة دينيس سبيلبيرج كتابها الشهير «مصحف جيفرسون عن علاقة الإسلام بالآباء المؤسسين للتجربة الامريكية». وحول هذه الفكرة وكيف تغيرت النظرة للإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة كانت أسئلتي للباحثة المرموقة النتخصصة في دراسات الشرق الاوسط بجامعة تكساس عبر البريد الإلكتروني، والتي أجابت على كثير منها حول تجربتها في قراءة الإسلام بدءا من كتابها عن تأثير السيدة عائشة في التاريخ الإسلامي وكيف ترى الواقع الراهن في العلاقة بين الإسلام وأمريكا الآن مع تهديدات مرشح الرئاسة الأمريكية الجمهوري دونالد ترامب للمسلمين.. الحوار ليس سوى بوابة للقراءة سواء قراءة الكتاب بالغ الأهمية عن جذور الكراهية الأمريكية للإسلام ومواقف السياسيين منه، وقراءة الواقع المتبدل لفهم الأمريكيين للإسلام وحق المسلمين هناك في الحياة والتعبير عن دينهم كما يريدون، لدرجة أن نائبا برلمانيا عندما أقسم قسم الولاء أمام الكونجرس أقسم على نسخة مصحف جيفرسون، ولم ير أحد أن هذا مخالف للدستور الأمريكي. فالدين هنا ليس صيغة جامدة يتم فرضها على الناس، بقدر ما هو جدلية يصنع قوانينها التاريخ في علاقته مع النصوص المؤسسة..
..................................................................
ما الدافع العلمي والمغزى لكتابة تاريخ علاقة الإسلام والمسلمين بالآباء المؤسسين الآن ؟
كنت قد بدأت أفكر في مسألة كيف كان ينظر للمسلمين في القرن الثامن عشر في أوروبا وفي أمريكا في عام1999،وهكذا فإن بداية بحثي لا علاقة لها بأحداث 11 سبتمبر، التي فجرت مسألة الخوف من الإسلام. فكتابي ليس ردة فعل علمية على ظاهرة الإسلاموفوبيا.
كنت مندهشة من أن هناك مسرحية للفيلسوف الفرنسي فولتير،في نسخة إنجليزية ، قدمت في نيويورك في العام 1780 ، وبالتيمور ماريلاند 1782، أثناء حروب الثورة الأمريكية.وقد قدم الضباط البريطانيون المسرحية في نيويورك وقدمتها شركة أمريكية في بالتيمور.
المسرحية ، وعنوانها الأصلي التعصب ، أو النبي محمد، تم منع عرضها في فرنسا، حيث قدمت أولا. ورغم أنها كانت تدور بشكل ما حول العصور الأولى للتاريخ الإسلامي، فقد ظنت الرقابة الفرنسية الكاثوليكية أنها نقد للكاثوليكية، وربما كانت كذلك، فحظرت عرضها .
وشاعت ترجمة إنجليزية لها، وعرضت في مسرح لندن بنيويورك في العام 1770. وكان هذا هو العرض الجماهيري الأول عن الإسلام في أمريكا الشمالية البريطانية.
مع ذلك فهناك معلومات قليلة دقيقة عن الإيمان والعقيدة في تلك المسرحية، وكذلك عن النبي . وأنا كمؤرخة للتراث الإسلامي، أردت أن أعرف لماذا كتب فولتير هذه المسرحية ؟ وما الذي كان يعرفه عن الإسلام. مثلا، وهل كان يمتلك نفس النسخة من القرآن التي كانت لدى توماس جيفرسون، ولم تكن أهداف فولتير النقدية للإسلام كما ظهرت في العرض المسرحي لم تكن مدعومة بحقائق عن الدين الاسلامي . وقد علمت أن تلك النسخة من المسرحية كان لها علاقة بالنقد الأوروبي لأوروبيين آخرين (الكاثوليك مقابل البروتستانت، والانجليز مقابل الفرنسيين، ثم الأمريكيون أثناء الثورة) أكثر مما كانت تتعلق بالإسلام. لكن عمل فولتير جعلني أتساءل بدهشة: كيف كان الأمريكيون الأوائل ينظرون إلى الإسلام؟ هل كانوا يعرفونه، ومتى وكيف؟
لماذا صار الإسلام خوفا أخضر في الولايات المتحدة؟
لا أعتقد أن كثيرا من الأمريكيين يفهمون معنى الخوف الأخضر هنا، بأكثر مما ندرك أن «الرايات السوداء من الشرق»، تشير لحديث ملغز عن العباسيين القادمين من خراسان لهزيمة الأمويين. (اللون المرتبط بالعباسيين هو الأسود، واللون الخاص بالأمويين الأبيض)!
ربما كان من الأفضل هنا قراءة كتاب محمود مدني «مسلم جيد ومسلم سيىء: أمريكا والحرب الباردة وجذور الإرهاب»، والذي يقدم تفسيرا أفضل لهذه المسألة. فجزء من المسألة سياسي، وجزء امبراطوري، وجزء منه أن كثيرا من الأمريكيين لهم ذاكرة تاريخية قصيرة فيما يخص الغزو الخارجي للشرق الأوسط. ويقول مدني في كتابه أن خطر ما يسمى ب «الإرهاب الإسلامي» انتقل إلى مكان كان يحتله يوما الشيوعيون أثناء الحرب الباردة، والآن يخضع للنظرية الفاشلة : صدام الحضارات.
وهناك مؤرخون الآن يعتقدون أن السلف المعادي للإسلام ، أشعل سياستنا الخارجية منذ عام 1822 ولمائة عام تالية. وهي وجهة نظر سوداوية ربما في النظر الى تاريخ الولايات المتحدة ، لكن الأمريكيين ورثوا نظرتهم السلبية عن الإسلام كقوة سياسية ودينية من الأوروبيين في القرن السابع عشر، خاصة من البريطانيين، والفرنسيين.
ورغم أن بعض تلك الانحيازات والأخطاء ما زالت تتحكم في الحاضر، فإن لها تاريخا للاسف يمكن للجهلاء فقط أن يتمسكوا به. مع هذا ، ففي كتابي «مصحف جيفرسون: الإسلام والمؤسسون» ، أقول أن المؤسسين مثل جيفرسون، رغم قلة عددهم ، قاموا بخلق مساحة قانونية نظرية، لدمج المواطنين المسلمين في الولايات المتحدة والتعامل معهم بمساواة. وللاسف فإن معظم المتخصصين الأمريكيين في تاريخنا القديم فاتهم هذا الدليل.
ولماذا لم يفتك أنت ؟
ربما لم يفتني أنا لأني عملت كثيرا في مجال دراسة التاريخ الإسلامي. وأردت أن أوثق فكرة أن المسلمين في التاريخ الأمريكي لم ينظر إليهم دائما كأعداء.. فقد كانوا في مرحلة التأسيس مندمجين كمواطنين مستقبلين. وما زال لهم مكان مساو ومحمي في أمريكا.
أثار النائب المسلم كيث إليسون جدلا كبيرا عندما أقسم على نسخة جيفرسون من المصحف في الكونجرس. كيف ترين ذلك ولماذا لا يصل المسلمون بكثافة تناسب عددهم في أمريكا إلى الكونجرس؟
أولا النائب إليسون لم يؤد القسم على القرآن أمام الكونجرس. المسألة بالأساس، ، أن الدستور يمنع أي قسم ديني بما فيه على الإنجيل. لذا أقسم إليسون على احترام الدستور مع كل النواب المنتخبين ، وهذا يكفي قانونا.
ما فعله النائب إليسون بعد ذلك، هو أنه أقسم بشكل اختياري وشخصي أمام عائلته وأصدقائه، على مصحف جيفرسون. وكانت النائبة ديبي وازرمان شولتز، وهي يهودية، أقسمت أيضا قسما خاصا على التوراة.
والأساس في هذه القضية هو القسم الديني ومغزاه ودلالته. لماذا يقسم شخص على نص ديني لا يؤمن به؟ هذا هو الأساس الدستوري الذي يمنع القسم الديني في المادة 6 ، الفقرة الثالثة من التعديل الأول للدستور الامريكي التي تؤكد ايضا على احترام الحرية الدينية.
وقد اختار النائب إليسون أن يقسم على مصحف جيفرسون بعد أن حصل على معلومة أن جيفرسون كان يملك مصحفا، وأنه موجود بمكتبة الكونجرس. ولم يكن يعرف هذا من قبل. وكان هناك جهلاء يتحدثون عن القرآن شيء خطر ولا يمت لأمريكا . ولكنه كتب في مقال افتتاحي لهيوستن تكساس، : “لكنه مصحف جيفرسون» – فما الذي يجعله أمريكيا أكثر من هذا؟.
في الواقع أن إليسون تلقى تهديدات، لكنه تلقى أيضا دعما كبيرا من زملائه النواب ومن المواطنين – بمن فيهم يهود وبوذيون ومسيحيون.
ومن المهم أن نتذكر هنا أن غالبية من انتخبوا إليسون في مينوسوتا ليسوا مسلمين ..
وعندما فاز نائب مسلم آخر في انتخابات 2008، في إنديانا، لم يهتم أحد بالقسَم الخاص الذي قام به وعلامَ أقسم. فلم يكن هناك جدل عن المسلم الثاني في الكونجرس.
وكيف تفسرين كمؤرخة قسم إليسون على مصحف جيفرسون ؟
لا أملك معلومة دقيقة عن السبب الحقيقي ولكني اعتقد أن قسم النائب إليسون، وهو حفيد عائلة من العبيد، قدمت أسرته في القرن الثامن عشر إلي أمريكا – ضد رغبتهم – هو تعنيف رمزي لجيفرسون الذي كان يقتني العبيد – واقتناع في الوقت نفسه بنبوءته أن المسلمين سيكونون ذات يوم مواطنين لهم حقوق مدنية مساوية.
لماذا لا نستطيع إحصاء عدد المسلمين في الولايات المتحدة؟
أود أن أشير هنا إلى أن آخر استطلاع يقول إن عدد المسلمين في الولايات المتحدة حوالي 3٫3 مليون مسلم، أي نحو 1٪ من إجمالي السكان البالغ عددهم 300 مليون.
وتشير التقديرات أنه بحلول 2050 سيكون هناك 8 ملايين أمريكي مسلم. ولكن بما أن القانون يحظر سؤال الحكومة عن الديانة، فهذه الأرقام غير مؤكدة. قارني هذا الرقم بحوالي 65 مليون مسيحي من الكاثوليك والبروتستانت، والانجيليين. و هناك نائبان للبرلمان مسلمان الآن. ومن المهم أيضا ملاحظة أن السناتور والمرشح الرئاسي بيرني ساندرز، عين النائب كيث إليسون وجيمس زغبي – وهو فلسطيني ناشط ورئيس معهد العرب الأمريكيين بواشنطن- في اللجنة الرئيسية الوطنية للحزب الديمقراطي.
وهما يكتبان القاعدة الأساسية للحزب كله ومرشحوه يدخلون الانتخابات على أعلى المناصب في البلد.
كثير من المسلمين انتخبوا كذلك للحكومة في ولايات منفصلة. فيلادلفيا كان فيها رئيس وحدة شرطة مسلم. وآخرون خدموا في مواقع وزارة العدل، بمن فيهم سهيل محمد الذي عين في المحكمة العليا في نيوجيرسي، ونحو 6000 مسلم في الجيش.
جيفرسون ومصحفه
*عودة إلى التاريخ كيف حصل جيفرسون على مصحفه؟ ولماذا كان حريصا على شراء نسخة من القرآن حتى أنه اشترى نسخة جديدة بدلا عن نسخته التي ضاعت؟
كان جيفرسون يبلغ من العمر 22 عاما وكان طالب حقوق في وليامسبيرج ، فيرجينيا، عندما اشترى مصحفه الأول في 1765. وقد طلبه ليشحن إليه من لندن. والنسخة التي اشتراها كانت مشهورة بالفعل في أوروبا. وكانت قد ترجمت لأول مرة ، مباشرة من العربية إلى الإنجليزية على يد محام انجليزي يدعى جورج سيل.
وقد تعلم سيل العربية في لندن من مسيحيين سوريين ونشرت ترجمته لأول مرة عام 1734.
*اشترى جيفرسون كثيرا من الكتب في ذلك الوقت عندما كان طالبا كما تشير دراسة سيرته ولكن لماذا القرآن؟
ربما لأنه، مثل الأوروبيين المسيحيين على مدى قرابة خمسة قرون، كان يظن أن القرآن كتاب قانون. فالكاتب جورج سيل مترجم هذه النسخة من القرآن يصف النبي في خطابه التمهيدي للترجمة بأنه «مشرع القوانين للعرب»، وهي جملة لا بد أن جيفرسون اهتم بها.
وقد كتب سيل 200 صفحة كمقدمة للترجمة تعكس في غالبيتها فهم دقيق للمفاهيم الإسلامية والممارسات الشرعية، والتي كانت جديدة حتى في القرن الثامن عشر. وقد امتدح شخصية النبي، ووصفه بأنه «جميل الشخصية، ذو ذكاء لامع، وسلوك محبب،يظهر ليبرالية تجاه الفقراء، واحتراما للجميع، وصلابة في مواجهة أعدائه، وفوق كل هذا لديه تقديس كبير لاسم الله». هذا المدح للنبي أغضب رؤساءه في مجتمع أنجليكاني بروتستانتي.
(هذا بالطبع رأي الكاتبة والباحثة دينيس سبيلبيرج ولا نتبناه إذ نختلف مع تقييمها لمقدمة سيل والتي لم تخل من عوار وتحيزات وفهم خاطئ), ورغم أن مصحف جيفرسون ما زال موجودا في مكتبة الكونجرس وعليه أحرف اسمه الأولى على إحدى الصفحات، ولكن بعض الدراسات تشير الى انه ربما فقد النسخة الأصلية في حريق دمر تقريبا كل كتبه وأوراقه في العام 1770، بعد شرائه المصحف بخمس سنوات. ولا يمكننا أن نثبت أن اشترى المصحف مرة أخرى، لكن هذا منطقي وليس مستحيلا، لأنه سافر إلى بريطانيا وفرنسا كدبلوماسي من 1784-89. وقد قام بشراء عدد كبير من الكتب التي تم شحنها بالباخرة للولايات المتحدة. وفي الوقت الذي تبرع فيه بمكتبته – ومعها المصحف – للحكومة الأمريكية في 1815، كانت أكبر مكتبة خاصة في البلد كلها، وكانت تضم 6700 كتاب.
لماذا كان جيفرسون مناهضا للدين الإسلامي وأية تأثيرات خضع لها خطابه؟ ولماذا فضل الاتكاء على رسائل كاتو ورفض الاعتماد على ترجمة سيل الأكثر فهما للإسلام من وجهة نظر البعض؟ ولماذا كان في الوقت نفسه مع حق المسلمين في الحرية الدينية؟
آراء جيفرسون في الإسلام لم تكن سلبية تماما. فهو لم يجعل الإسلام فقط محلا للنقد، فقد كان ينتقد المسيحية في الغالب، ثم اليهودية والإسلام، خاصة عندما كانت الأديان تندمج مع القوة السياسية للدولة.
الأهم هو أنه كان يعتقد أن المسلمين ، مثل بقية الأمريكيين، يجب أن يُمنحوا حقوقا مدنية متساوية كمواطنين. وبتفكيره هذا، كان جيفرسون يتخذ موقفا نادرا يتعارض مع معظم مفكري عصره، رغم أن جورج واشنطن وجيمس ماديسون كانوا يقفون في صف جيفرسون في هذا.
لقد عاصر جيفرسون في بلدته فيرجينيا اضطهاد الأنجليكان البروتستانت للمسيحيين الآخرين والبروتستانت، بسبب عقيدتهم. فقبل أن يصدر التشريع الخاص بالحرية الدينية في فرجينيا كقانون في العام 1786، كان أي شخص لا ينتمي للكنيسة الأنجليكانية البروتستانتية (الدين الرسمي للدولة – وليس لجيفرسون) عليه أن يدفع ضريبة . وهذا يعني كل المسيحيين الآخرين (البابتيست والكويكرز والميثوديست...) والكاثوليك واليهود – والمسلمين، كانوا جميعا يدفعون ضريبة سنوية لدعم عقيدة لا يؤمنون بها.
وكان جيفرسون يريد إنهاء هذه التفرقة العنصرية الدينية ضد المسيحيين من الطوائف الاخرى ، لكنه كان أيضا يريد أن يدافع عن حقوق غير المسيحيين، بمن فيهم اليهود والمسلمون.
وما الدليل على أنه ضم المسلمين لدفاعه عن أصحاب المعتقدات الأخرى ؟
لأنه بعد بضعة أشهر من كتابته لإعلان الاستقلال الأمريكي، نقل هذه السطور من الفيلسوف الإنجليزي جون لوك من كتابه بعنوان «رسالة في التسامح الديني (1689): “ لا يجب أن يتم استبعاد أي وثني أو مسلم أو يهودي من الحقوق المدنية لدول الكومنولث بسبب ديانته». وقد اقترح جيفرسون قانون الحرية الدينية في العام التالي، مقررا: “أن حقوقنا المدنية لا تعتمد على آرائنا الدينية.” وهذا التشريع كان الملهم وراء حظر السؤال عن الدين في الدستور والتعديل الأول المتعلق بالحرية الدينية .
وقبل بضع سنوات من وفاته، أكد جيفرسون أنه كان يفكر في المسلمين عندما ابتكر هذا التشريع ليكون عالميا، وكتب يقول «إنه كان يهدف إلى أن يدخل تحت مظلته اليهود والأمميون، والمسيحيون والمسلمونوالهندوس والملحدون..”
وفي وقت كتابته هذه الأفكار، كان جيفرسون يتعرض للهجوم من قبل أعدائه السياسيين، ويوصف بأنه «كافر».. وفي أمريكا، هذه الكلمة لا تعني فقط أنه مسيحي سييء بل تعني أنه مسلم أيضا. (فقد كان تكتيك المسيحيين في تشويه بعضهم البعض باستخدام الإسلام موجودا كسلاح سياسي لمئات السنين، وما زال يستخدم للآن), يمكن أن نجد الدليل على احترام جيفرسون للإسلام في عدة مناح خلال فترتي حكمه كرئيس. فقد شن حربا غير معلنة ضد طرابلس (1801 – 1805)، ثم دعم اتفاق السلام النهائي في 1806 مع طرابلس. المادة 14 من المعاهدة تقوم على الفكرة المهمة بأن الولايات المتحدة «كحكومة للأمريكيين في ذاتها لا تحمل عداء ضد القوانين أو الأديان أو سلام المسلمين».
عندما كتب جيفرسون بشكل خاص لحكام طرابلس وتونس، ختم رسائله بهذه العبارة «دعائي أن يحفظكم الله أيها الأصدقاء العظام والطيبون في رعايته المقدسة»، وكان في هذا الوقت قد قرأ القرآن. وبصورة خاصة أيضا، كانت معتقدات جيفرسون الدينية كرجل ربوبي يؤمن بالمسيح كنموذج للبشرية – وكموحد – يعني أنه أيضا كان يعتقد في الوحدانية والتي هي ليست بغريبة على الإسلام.
أرسل جيفرسون رسالته هذه إلى شمال إفريقيا مع سفير من تونس، أول مبعوث مسلم يزور البيت الأبيض عام 1805. وبما أنه كان شهر رمضان عندما أقام جيفرسون مأدبة عشاء لضيفه السفير التونسي، فقد غير الرئيس وقت المأدبة من الثالثة والنصف ظهرا إلى وقت المغرب، احتراما لمعتقدات ضيفه المسلم. وهذا هو أول إفطار في البيت الأبيض، وهو التقليد الذي ظل متبعا منذ ذلك الحين سنويا تحت الحزب الجمهوري والديمقراطي على حد سواء.
نعود للسؤال عن قراءته لكاتو وليس سيل ؟
قرأ جيفرسون رسائل كاتو (الكاتب السياسي البريطاني) لأنها كانت شائعة جدا بين هؤلاء الشباب الثوريين المهتمين بالتأكيد بحقوقهم كمستعمرين بريطانيين ضد الاحتلال الأجنبي والملك. وهؤلاء انتقدوا الإمبراطورية العثمانية للخلط القائم فيها بين الدين والدولة.
وهكذا فإننا قد لا نعرف بدقة ما تعلمه جيفرسون من مصحفه. ربما لأن مذكراته- ومصحفه الأول – دمرت في الحريق الذي دمر منزله بعد 5 سنوات من شرائه المصحف.
كيف تأثر جيفرسون بمسرحية «محمد» الانجليزية عند عرضها في الولايات المتحدة
اللافت ان جيفرسون الذي كان قارئا كبيرا. لم يقرأ مسرحية فولتير. وعلى النقيض من فحواها تأثر مباشرة ب «جون لوك»، بطل حقوق المسلمين في انجلترا في القرن السابع عشر، كواحد من الأبطال الذين كان يقدرهم كثيرا.
وليس مفاجئا أن يستخدم جيفرسون فكرة لوك عن الحقوق المدنية للمسلمين في تشريعه الخاص.
لسنا أمة بيضاء مسيحية
لماذا يرى الكثيرون ومنهم المفكر الراحل صمويل هنتنجتون أن هوية أمريكا بيضاء ومسيحية، مع أن أمريكا تضم أكبر فسيفساء للتعدد العرقي والديني في العالم؟
لا أنظر إلى بلدي على أنه «أبيض» أو «مسيحي». ولسوء الحظ فإن كثيرين من أتباع ومؤيدي دونالد ترامب المرشح الرئاسي يرونه كذلك. والحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر دول العالم تعددية عرقيا ودينيا. وقد وجد المسلمون في أمريكا الشمالية منذ القرن 17، بعضهم جاءوا كأفراد من شمال أفريقيا، في خدمة تجارية أو توسع مع الهولنديين في نيويورك ومع الإسبان فيما يعرف اليوم بتكساس. مع هذا فمعظم المسلمين جاءوا للولايات المتحدة كعبيد من أصول غرب أفريقية. وعددهم غير معروف تحديدا، لكنه كان بالآلاف أو عشرات الآلاف ربما.
ومن السخرية أن جيفرسون الذي كان من ملاك العبيد ، لم يكن يعلم أن هناك مسلمين يقيمون في ولايته، في بلده، بل وربما في مزرعته. والسبب؟ أن المسلمين كانوا أقلية حتى بين العبيد الأفارقة، وكانوا يمارسون شعائرهم الدينية سرا.
ومع هذا فهناك عدة روايات عن مسلمين حاولوا أن يحرروا أنفسهم (أحدهم وكان اسمه عبد الرحمن فعلها بالفعل) عن طريق الكتابة باللغة العربية.
لماذا كانت أمريكا أكثر تسامحا مع الإسلام في أيام الآباء المؤسسين عنها الآن، رغم أن أوباما له جذور إسلامية؟
المشكلة أن هناك أتباعا لنظرية المؤامرة من اليمينيين المحافظين جيدي التمويل، يجنون المال من ترويج أجندة الكراهية والتشكيك في كل المسلمين. وأحدهم : مركز السياسات الأمنية. ومن اسمه قد يبدو كمركز للأبحاث والدراسات، لكن من يديرونه جماعة ممن يعانون الإسلاموفوبيا، تم وصمهم من قبل عدد من مراكز حقوق الإنسان الأمريكية على أنها جماعات كراهية محضة. هؤلاء شر وخطر وهم يكذبون. ولسوء الحظ لا يتم في امريكا تعليم ما يكفي عن الإسلام وتاريخه سواء في الجامعات أو في المدارس العامة. وكمعلمة ، كنت دائما آمل أن تكون هناك مقررات جامعية متوسعة في التاريخ والدين الإسلامي لأنها قد تساعد، وهي تساعد بالفعل لكن ليس بما يكفي لهذه المرحلة. في الغاء ظاهرة الكراهية للمسلمين .لقد كتبت كتابي مصحف جيفرسون وأهديته إلى أجدادي، الذين كانوا مهاجرين، ولكل طلبتي «مع الأمَل». وما زلت آمل أن التعليم والنشاط الفعال في مجال الحقوق المدنية ستجعل من بلدي وطنا أكثر عدالة ودمجا للجميع بمن فيهم المسلمون.
ثلاثة استثنائيون
قلت إن معرفة الآباء المؤسسين بالإسلام لم تكن وافية. ما هي المصادر التي استقى منها المؤسسون معلوماتهم عن الإسلام؟ وما الدور الذي لعبته الكنيسة والكتابات اللاهوتية للبروتستانت الأوربيون في هذا الشأن؟
في كتابي مصحف جيفرسون، اهتممت بالاستثناءات من قاعدة الكراهية والمعتقدات العادية للإسلام. فمثلا هناك 3 رجال يستحقون أن يعرفوا لأنهم رفضوا كراهية المسلمين – وبالعكس دافعوا عنهم كمؤمنين بالله مثلهم.
أولهم طحان إيطالي، كاثوليكي اسمه دومينيكو سكانديللا، والذي حوكم أمام محاكم التفتيش لاعتقاده في أن المسلمين يمكن أن يخلّصوا. وفي محاكمته في عام 1580 قال: “إن الله قد منح الروح المقدسة للجميع: للمسيحيين، وللمهرطقين، وللأتراك (وهو ما كان يطلق خطأ علي كل المسلمين في ذلك الوقت)،ولليهود. وهويحبهم جميعا ويعتبرهم أعزاءه، وجميعهم سيُخلّصون بنفس الطريقة». وقد حكم عليه بالموت حرقا بسبب ما اعتبر في حينها هرطقة.
والثاني هو توماس هيلويس، أول بابوي انجليزي يبني كنيسة بابوية في لندن، في 1612، كتب يقول: “ دعهم يكونون ما يريدون : مهرطقين أو تركا أو يهودا أو أيا ما كان، فلا سلطة لقوى على الأرض أن تعاقبهم ولو أبسط عقاب». وقد اعتبره الملك مهرطقا، ومات في السجن.
وفي أمريكا الشمالية في عام 1644، جادل روجر ويليامز، الإنجليزي مؤسس دولة رود أيلاند، بأن المسلمين يمكن أن يكونوا جيران محبين ومتعاونين، وأن يكونوا تجارا عادلين وأمناء، وصادقين ومخلصين للحكومة المدنية. وقد أسس مستعمرته لأنه قد أعلن مهرطقا في ولاية ماساتشوستس المجاورة. ويمكن أن أظل أسرد قصصا مماثلة ولكن الفكرة هي أن هؤلاء الثلاثة، وكلهم مسيحيون، تحدوا الغالبية في أثناء حياتهم وخاطروا بالكثير لكيلا يمارسوا الكراهية .
أحد الدروس التي تعلمتها في أثناء البحث الذي أجريته من أجل كتابي هو أنه كان هناك كثير من المسيحيين الأوروبيين والأمريكيين الذين كانوا استثناء من قاعدة التعصب الأعمى . كثير من المسيحيين الاستثنائيين الذين احترموا المسلمين ودافعوا عن حقوقهم في ممارسة شعائرهم الدينية.
لوبي اسلامي
هل يستطيع المسلمون تكوين ما يمكن تسميته باللوبي الإسلامي خاصة مع تصاعد حدة انتقاد ترامب لهم بالعنف ولدينهم بالتطرف؟
هناك بالفعل العديد من المنظمات السياسية والمدنية المسلمة يقومون بالتحرك. في الحقيقة هناك الكثير منهم لدرجة أن هناك منظمة واحدة تظلهم هي المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية . الأشهر من بين تلك المنظمات هي «كير» أو مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية. وهو جماعة حقوقية مدنية، تدافع ضد التعدي على الحقوق القانونية للمسلمين وترفع قضايا أمام المحاكم في حالات التمييز بسبب الانتماء الديني للمسلمين الأمريكيين . وهي أيضا جماعة ضغط سياسي . وقد شرفت بالحديث في تجمعات «كير» في كليفلاند بأوهايو، وهيوستن بتكساس، وسانت لويس بميسوري. كما تحدثت أمام مكتب المتحدثين الإسلاميين في أتلانتا بجورجيا، والجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية في ديترويت بميتشيجان.
وهناك فروع لمنظمة «كير» في أنحاء الولايات المتحدة ، تقريبا في كل ولاية، وهناك أيضا معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم، الذي مهمته «القيام ببحوث موضوعية تهدف للبحث عن حلول ، تعمل على تمكين المسلمين الأمريكيين من المزيد من التنمية المجتمعية ، والمساهمة الكاملة في الديمقراطية والتعددية في الولايات المتحدة.”
وأستطيع أن أقول أنه مثلما أن جيفرسون لم ينمّط المسلمين جميعا، فإن معظم الأمريكيين أيضا لم يفعلوا ذلك. وانظر لرسالة الرابع من يوليو في صحيفة نيويورك تايمز. إنها استجابة لافتتاحية قال فيها الممثل الأمريكي المسلم عزيز أنصاري إن الجو السياسي الحالي يجعله يخاف على أسرته. وكاتب الرسالة، وهو رجل واحد، يعرض مأوى وضيافة ودعما لأنصاري. وهو يقول أيضا أنه يمكنهما معا أن يصوتا ضد ترامب في نوفمبر. ليس كل الأمريكيين متعصبين وأعتقد أن غالبيتنا ضد ترامب كمرشح لأي منصب غير رئيس مجلس الكراهية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.