السادات.. وملحمة أكتوبر    لتعزيز المشاركة السياسية في انتخابات مجلس النواب 2025    منافسة عالمية على «تلال الفسطاط» |تأهيل 5 تحالفات دولية لتشغيل أكبر «حدائق الشرق»    مدبولي: الموافقة على الطرح وإنهاء التعاقد ل9 مشروعات بنظام المشاركة مع القطاع الخاص    اجتماع خليجي أوروبي يدعم خطة ترامب ويدعو إسرائيل لضمان المساعدات والإفراج عن أموال السلطة    صحة غزة: 21 شهيدا خلال يوم واحد جراء الغارات الإسرائيلية    استطلاع: 64% من الإسرائيليين يطالبون باستقالة نتنياهو الآن    الكرملين: تصريحات ترامب حول تمديد معاهدة ستارت الجديدة تبعث على التفاؤل بالحفاظ على الاتفاق النووي    منتخب 2008 يستعد لمونديال المغرب بمواجهات قوية أمام كبار دوري اليد    الزمالك يدعو لجمعية عمومية من أجل تعديل لائحته    أيمن الشريعي: جميع أندية مصر تضم لاعبين من إنبي    القبض على صانعة المحتوى دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة للحياء بالجيزة    جيل يتحدث مع الآلة    خالد العناني يقود اليونسكو.. تفاصيل عن المنظمة العالمية التي تحمي التراث وتعزز التعليم    الألباني روبرت بودينا يحصد جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو عن فيلم قطرة ماء بمهرجان الإسكندرية السينمائي    حزب الجبهة الوطنية يحتفي بفوز العناني في انتخابات اليونسكو: انتصار جديد للإرادة المصرية    الوثائقية تكشف أسرار الجمسي مهندس الحرب والسلام احتفاءً بنصر أكتوبر المجيد    نوفمبر المقبل.. بدء تصوير «أب ولكن» ل محمد فراج    عندهم شرف ويقفون بجانب الغلبان.. 5 أبراج تتمتع بصفات نبيلة (هل أنت منهم؟)    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    جولة مفاجئة لنائب وزير الصحة بمستشفى أم المصريين: استبعاد المدير ونائبه ونقل المدير المناوب    الهجرة العشوائية لامريكا أو اللوتري الأمريكي .. طريقة التقديم والشروط المطلوبة    سوسن بدر للوثائقية: الجبهة الداخلية هى الجبهة الأولى فى ضهر قائدها    إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قرية كفر عين شمال رام الله    الاتحاد الأوروبي: يجب إنهاء دورة الموت في قطاع غزة    رئيس جامعة كفر الشيخ يشهد احتفال الطلاب بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل استئناف المتهم بقتل شقيقه فى الجيزة على حكم المؤبد لجلسة 6 نوفمبر    آية سويلم تحصد الذهب في بطولة نيويورك للقوة البدنية    ذا أثلتيك تكشف طبيعة إصابة ريس جيمس    سلة – الأهلي يهزم الأولمبي في دوري المرتبط    «البترول» تستعد لحفر بئر جديدة في البحر المتوسط    سر صفاء الذهن..عشبة صباحية تمنحك تركيزًا حادًا وذاكرة قوية    الأهلي يحدد 16 أكتوبر موعدا مبدئيا لرحلة بوروندي    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    الرابط مفعل.. خطوات التقديم على وظائف وزارة الخارجية عبر منصة مسار في السعودية    وزير الخارجية يلتقي رئيسة المؤتمر العام لليونسكو والمندوبة الدائمة لرومانيا لدى المنظمة    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الإثنين 6102025    شاهد فرحة 2735 نزيلا مفرج عنهم بعفو رئاسى فى ذكرى انتصارات أكتوبر    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    الجريدة الرسمية تنشر عدة قرارات لرئيس مجلس الوزراء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-10-2025 في محافظة الأقصر    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    وزير العمل: القانون الجديد أنهى فوضى الاستقالات    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ سانوا
«أبو نضارة زرقا»
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2016

الشيخ جيمس سانوا. .. أبو نضارة .. أبو نضارة زرقا ... موليير مصر .. صديق فرنسا .. شاعر الملوك .. الوطني المخلص .. المنفي المصري .. كلهم أسماء ومسميات لشخصية واحدة عاشت في مصر في القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ، شخصية غامضة لمعت في سماء الفن والثقافة والأدب والصحافة في زمن الخديو إسماعيل ، فنالت الإستحسان والتكريم مرات وأصابتها سهام الغضب واللعنات مرات أخري ،
ولكن هذه الشخصية الغامضة كانت تجيد المراوغة ولا تستسلم أبداً ، فكان كلما تم عرقلته كان يغير مساره ويعود في شكل جديد ومثير للجدل ، حكاية هذا الأسبوع عن هذه الشخصية وهو يعقوب روفائيل صنوع وجريدته " أبو نضارة وأبو نضاره زرقا " أحد رواد المسرح المصري والصحافة المصرية الساخرة الذي أطلق عليه الخديو إسماعيل إسم " موليير مصر " حينما أُعجب بمسرحياته قبل أن يسخط عليه حينما قدم مسرحية تنقد النظام .. حكاية هذا الأسبوع من خلال مجموعة من الرسومات التي نُشرت علي صفحتين في أحدى الجرائد الفرنسية هي L'illustration بتاريخ 18 مارس 1882 وهي تحكي قصة جريدة أبو نظارة " لسان حال الأمة المصرية الحرة " كما وصفها صاحبها الذي كان ينشر صورته علي صدر الصفحة الأولي من جريدته - التي كانت تباع بشكل سري - بجلباب بلدي مصري أنيق وهو يجلس متكئاً علي إحدي يديه ومرتدياً نظارته التي أصبحت أشهر نظارة في القطر المصري وهو يتفكر في حال الأمة المصرية وقد إختارت المجلة الفرنسية أن تعرض صورته وحوله 19 لوحة مرسومه بالفحم من لوحات المجلة تصف ما يحدث علي الساحة السياسية المصرية من وجهة نظر صنوع أولها صورة لإثنان من المواطنين يتداولان المجلة سراً ثم صورة لشرطي يقبض علي فلاح يخبئ المجلة تحت عمامته وصورة أخري للفلاحين يضربون ويلسون المندوب الإنجليزي بالعصا وصورة ساخرة للمندوب الفرنسي وهو يشد أذن الخديو إسماعيل وصورة ساخرة لشريف باشا في إفتتاح البرلمان وهو يلقي كلمته أمام الخديو إسماعيل وهو يحمل دمية في يده وصورة للخديو توفيق وهو يدعو الله أن يصل الي عرش مصر ثم صورة كبيره لمجموعه من الأحرار المصريين كما أسمتهم المجلة أثناء لقاء سري للتداول في الشأن المصري ، أما الصفحة المقابلة فقد نشرت ثلاث صور بالتتابع الأولي للماضي التعيس من خلال صورة للشمس وهي تغرب وبداخلها إسماعيل وإبنه ووزيره ، ثم الحاضر الخديو توفيق داخل القمر ومعه أتباعه ثم المستقبل المشرق وهو عبارة عن شمس ساطعة بداخلها حليم باشا عم إسماعيل الذي كان يحلم بتولي عرش مصر مما يعني أن صنوع كان من الداعمين للأمير حليم ، ثم تتوالي الرسومات الساخرة من خلال صور لحال الفلاحين المزري وأخري لأبو نظارة وهو يعزف الفلوت علي كتف الخديو إسماعيل ووزرائه وصورة للخديو وهو يتلقي رفض أحد الإنجليز علي طلب سفر أبو نضارة الي فرنسا للدلالة عن أنه ليس مسئول عن إتخاذ أي قرار ، كما رسم صنوع الأمير حسن إبن إسماعيل علي شكل قرد يمتطي أحد الوزراء علي شكل كلب ثم مجموعه من اللوحات توضح صراع الوزراء بعضهم مع بعض.
من هذه الرسومات نتبين أن صنوع كان شديد السخط علي إسماعيل باشا وأسرته وكان يري أن الوزراء دمية في يد الخديو الذي هو نفسه دمية بين أيدي مندوبي فرنسا وإنجلترا كما كان يري أن حال الفلاح المصري أصبح مزرياً وأن الخلاص يكمن في تولي حليم باشا عم الخديو الحكم وفي نفس الوقت أوضح من خلال الرسومات أن جريدته تلقي رواجاً وتباع سراً بشكل كبير وأن الشرطة تطارد المشترين ..كما لم ينس أن يرسم نفسه وهو يسخر من الخديو ووزرائه .
بقي أن أقول أن صنوع من مواليد حي باب الشعرية عام 1839 لوالدين مصريين يهوديين و كان والده مستشاراً للأمير " يكن " حفيد محمد علي، ويُروى أن يعقوب كتب قصيدة مدح في يكن الذي أعجب بها ولم يصدق أن فتى في الثالثة عشر من عمره هو الذي كتبها، فأبتعثه لدراسة الفنون والأدب في إيطاليا ثم عاد ليعمل مدرسا لأبناء الخديو يُدرِّس لهم اللغات والعلوم الأوروبية والتصوير والموسيقي وكان لديه قدرة فائقة على تعلم اللغات وقول الشعر وكان بارعا في عدة لغات أهمها العربية والعبرانية والإيطالية والفرنسية والإنجليزية والألمانية فعمل بالترجمة ونشر دراسات من الآداب الإسلامية وبعض المقالات في الجرائد الإنجليزية والفرنسية ، ثم ألف ثلاث تمثيليات باللغة الإيطالية عن العادات المصرية ، وفي 1869 فكر يعقوب في تأسيس مسرح مصري وكتب مسرحيات قصيرة ممزوجة بأشعار وقام بتلحينها وعرضها في قصر الخديو إسماعيل وأمام حاشيته من الباشوات فأعجبوا بها، قرر يعقوب أن ينشئ فرقة وكان هو يلعب دور المدير والمؤلف والملحن والملقن، وعرض مسرحياته على منصة مقهى بحديقة الأزبكية ، وفي مسرحياته ظهرت النساء لأول مرة على خشبة المسرح ثم بدأ يعرض على مسرحه الخاص في قصر النيل ، إلى أن قدم مسرحية (الوطن والحريه) فغضب عليه الخديو لانه سخر فيها من فساد القصر ثم أغلق مسرحه ونفاه إلى فرنسا التي إستقر فيها إلى آخر حياته وفيها أصدر عدداً من الصحف منها " أبو نضارة " التي اضطر إلى إعادة إصدارها باسم «أبو نظارة زرقاء»، ثم " أبو صفارة " التي تغير إسمها الي " أبو زمارة " ، وقد أصدر صنوع هذه الجرائد لعرض وجهة نظره وللدفاع عن مصر وأخد ينتقل بأفكاره في أوروبا عارضاً وجهة نظره .. وكانت البداية في مصر حينما أغلقت الصحف أبوابها في وجهه هو ومقالاته بأمر الخديو بسبب طول لسانه وسخريته اللاذعة فلجأ إلى إنشاء صحيفة عربية هزلية مع جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده فاتفق ثلاثتهم على إنشاء جريدة عربية هزلية لانتقاد أعمال الخديو إسماعيل على أن يتولى صنوع إدارتها. وصدر العدد الأول في 1877 وتعد بذلك أولى الصحف الهزلية بالعربية ، ولاقت إقبالا منقطع النظير ولكنها توقفت بأمر الخديو وفي باريس إستكمل صنوع رحلته فأصدر «رحلة أبى نضارة زرقا» في 1879 وكانت تصدر في أربع صفحات مليئة بالمحاورات الساخرة والمهاجمة لسياسة الخديو وحكومته، وكان يكتب مقالاته إما باللغة العربية أو بالزجل . وكان ينتقد حياة التواكل والدعة التي يعيشها المصريون، ثم أصدر «النظارات المصرية" في سبتمبر 1879 وكانت مليئة بالمحاورات التمثيلية التي استعاض بها عن غلق مسرحه، ثم أصدر « أبو صفارة « في 1880 وصدر منها ثلاثة أعداد ثم « الحاوى « في 1881 وقد صدر منها أربعة أعداد ، ثم أصدر « أبو نضارة» التي صدر منها خمسة عشر عددا ً وكان شعارها « لسان حال الأمة المصرية الحرة»، وقد امتازت بوجود الصور الكاريكاتيرية الجميلة والمقالات البليغة التي كانت تهدف الي تنبيه المصريين إلى حقوقهم وتدعوهم الي التمسك بالاستقلال.
وعلي من أن أبو نضاره أقسم أن جريدته لم تكن سياسية وأنها «شيء للضحك» ولكن الشئ الأكيد أنها كانت تحظي بإهتمام البسطاء ، وكان تصل الي مصر علي ظهر البواخر وفي كل مرة كانت السلطات تمنعها كان ببساطة يقوم بتغيير العنوان حتي توفي في 1912 ...والله علي مصر زمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.