"موليير مصر" واحدا من ألقابه الذي أطلقه عليه الخديوي إسماعيل، وذلك بعد حضوره عرض تمثيلي ألفه موليير، و"صديق السلام" لقب آخر، ناله في العام 1891، عندما زار السلطان عبدالحميد الثاني في القسطنطينية، إضافة إلى "صديق فرنسا" و"شارع الملوك" و"الوطني المخلص"، ألقاب عدة نالها يعقوب صنوع، كان آخرها "المنفي المصري". يعقوب صنوع، المولود في 15 أبريل من العام 1839، وهو أحد رواد ومؤسسي فن المسرح في مصر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، بعد أن أُتيح له الاطلاع على مختلف الثقافات، كما أجاد العديد من اللغات، وأتقن الموسيقى والرسم والرقص، فذهب إلى إيطاليا لدراسة الفنون والأدب في العام 1853 وعاد في العام 1855. كتب صنوع العديد من المسرحيات، لكن أغلبها فُقِد، وأنشأ العديد من الصحف مثل: "أبو نظارة زرقاء وأبوزمارة، والوطني المصري، والعالم الإسلامي، والثرثارة المصرية، وهي في أغلبها تنتقد السياسة المصرية في ذلك الوقت. أنشأ صنوع فرقته المسرحية الخاصة لتقديم مسرحياته، وتولى تدريبها بنفسه، بحسب الهيئة العامة للاستعلامات، وساعده على ذلك الدراسة الأكاديمية للفنون واللغات، وإطلاعه على أعمال الكتاب المسرحيين في لغاتهم الأصلية، وبخاصةً "موليير وجولدوني وشريدان"، والاشتراك في العروض المسرحية للفرق الخاصة بالجاليات الأوروبية. استطاع صنوع أن يكوّن المناخ الملائم لفرقته المسرحية، كما استطاع بمساعدة أصدقائه، عرض أعماله على مسرح "قاعة الأزبكية"، فحقق نجاحا جماهيريا كبيرا، لدرجة أن الخديوي إسماعيل نفسه طلب منه أن يعرض مسرحياته في القصر، ولقبه الخديوي ب"موليير مصر". لم يتحرك صنوع داخل دائرة البلاط الملكي والمسرح وحسب، حيث احتك بالدائرة الفكرية التي تَحلَّقت حول جمال الدين الأفغاني، الذي شجعه هو والشيخ محمد عبده على الكتابة في الصحف، وإنشاء صحيفة عربية تُكتَب بالعامية، حسبما روى الدكتور عبدالوهاب المسيري عنه. في فرقة صنوع، ظهرت النساء لأول مرة على خشبة المسرح، وعرض مسرحياته لمدة عامين في القصر، إلى أن قدَّم مسرحية "الوطن والحرية"، والتي سخر فيها من فساد القصر، فغضب عليه الخديوي وأغلق مسرحه ثم نفاه إلى فرنسا بعد ذلك، نتيجة لتحريض أعدائه عند الخديوي ضده. النقد الاجتماعي في قالب فكاهي كوميدي، أحد أنواع المسارح التي قدّمها صنوع، ينتقد فيه ما لا يراه مناسبًا في المجتمع المصري، ومن المسرحيات التي كتبها صنوع في هذا الشأن مسرحية "أبو ريدة وكعب الخير"، وقدم فيها نموذجا للحب الرومانسي في صورة ساخرة، كما تطرق إلى قضايا الحب والزواج فى مسرحيات أخرى، منها مسرحية "العليل" ومسرحية "بورصة مصر"، ومسرحية "الأميرة الاسكندرانية"، ومسرحية "الصداقة"، وغيرهم.