تابعت وقائع مؤتمر الشباب الاول بشغف شديد مع شعب مصر العزيزة، والحقيقة انه يشكل حدثا مهما يختلف عن مؤتمرات كثيرة سبقته، وتباين إحساسي من وقت لآخر ، ففي احيان كثيرة شعرت باخلاص وتطلعات واحلام الأطراف الثلاثة التي التقت في هذا المؤتمر وهي الحكومة والصفوة والشباب، وقد اتفقت هذه الأطراف عامة علي بحث الوسائل لنهضة مصر وإصلاحها،، وفي احيان اخري ظهر لي ان كل فريق يتحدث دون ان يستمع بإنصات لما يقوله الفريق الآخر،،، فالشباب كان حريصا علي إظهار معاناته الحاضرة وقلقه علي المستقبل ، بينما ركزت الصفوة، وهم من النواب والصحافة وقادة المجتمع، ركزوا علي إثبات كفاءتهم واستعراض افكارهم وأحيانا التنافس الخفي فيما بينهم ،، اما الحكومة فكانت حريصة كل الحرص علي تأكيد انجازاتها والدعاية لمشروعاتها ورؤيتها.. وسوف تتوقف نتيجة المؤتمر علي الهدف الحقيقي لكل فريق وسلوكه بعد المؤتمر ،فإذا كان هدف فريق هو الإنصات بحرص للاطراف الأخري فهناك أمل كبير ان يتم متابعة التوصيات لاصلاح وتنمية البلاد، اما اذا كان هدف كل فريق ان يستعرض امكانياته وطموحه للفريقين الآخرين دون ان يستمع بحرص لهما فيصبح المؤتمر «حوارا للطرشان» دون جدوي حقيقية. في جميع الأحوال نجح المؤتمر في الوصول الي نتائج مهمة، أولاها ان ممارسهة الحوار والاستماع والمشاركة هي من دعائم الديمقراطية الحقة،، كما نجح المؤتمر في استصدار قرارات محددة كمبادرات او استجابات من السيد الرئيس،، وإذا كان الهدف الأساسي هو مشاركة الشباب فقد تم ذلك بنجاح باعتباره المؤتمر الاول لهم ،، ويبقي العائد الرئيسي للمؤتمر في متابعة النتائج واستمرارية العمل لتطويرها وتنفيذها وليس في الانصراف عنها بعد نهاية المؤتمر كأغلب المؤتمرات. ومن العوامل التي قد تحد من الاستفادة من المؤتمر هو تعدد الموضوعات التي طرحت علي عجالة،،، ولذا يصبح من الأصوب ان تحدد المؤتمرات المقبلة موضوعا واحدا في كل مرة،، والموضوعات الصارخة ذات الاولوية القصوي لمصر حاليا هي اولا منع ومحاربة الفساد بانواعه، وثانيتها الاصلاح الشامل للتعليم والتدريب بانواعه العام والجامعي والفني، وقد حاز هذا القطاع اهتماما واضحا من المؤتمر،،، وثالثها هو الاصلاح الشامل للقطاع الصحي متضمنا نشر التأمين الصحي الحقيقي وتمويله ، وجودة الخدمات ،وإصلاح التعليم الاداري والطبي والتخصصي والتمريضي والفني ،،، وسبب اختيار هذه الأوليات العاجلة قبل غيرها من الاصلاح الاقتصادي والاستثمار والمشاريع الكبري هي ان الاخيرة تحظي تماما باهتمام الحكومة وقد تكون شاغلها الأساسي، فالفساد بانواعه يحتاج منعه ومقاومته الي خطط فاعلة وطموحة تزيد كثيرا عن تصيد من يقع من الفاسدين،،، وهو يمثل السبب الأكبر لهدر الموارد وخفض العوائد المرتقبة من التنمية، وكأننا نصب الماء في الوعاء المثقوب،،، اما الاصلاح الشامل للتعليم والصحة فهمًا القطاعتن اللذان لا يحتملان التأجيل، وهما من اساسيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكل دولة تقدمت في العالم، وتستهلك 40-45 % من دخل الأسر المتوسطة والفقيرة،، وعلي عكس ما يشاع فان كثيرا من وسائل الاصلاح لهذين القطاعان لا يحتاج الي موارد مالية كثيرة مع دعم الارادة السياسية،، وسوف تحقق هذه المؤتمرات المقترحة الثلاثة نجاحا ملموسا لو شارك فيها الشباب مع الخبراء المصريين من داخل البلاد وخارجها في هذه المجالات ، علي ان تشارك الحكومة بقلب وعقل منفتح ورغبة صادقة في التضامن وليس فقط تسويق الخطط الحاليّة.. وتحيا مصر. لمزيد من مقالات د.سمير بانوب;