خلصت ندوة «مصر والقضية الفلسطينية» التى نظمها المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط فى الفترة بين 16 و18 أكتوبر الحالى « إلى التأكيد على أن قضية الإرهاب التى تشهدها منطقة الشرق الأوسط تمثل رسالة إنذار على مدى اهتمام الدول والحكومات العربية بالقضية الفلسطينية، وهو الأمر الذى يتطلب ضرورة إعادة النظر فى أولويات الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية فى الوقت الراهن، وطالب المشاركون فى فعاليات الندوة بضرورة وجود استراتيجية عربية موحدة لإعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وجعلها فى المقدمة باعتبارها قضية العرب المركزية التى يجب أن يكون لها الأولوية على سائر القضايا الأخرى بما فيها قضية الإرهاب التى تستهدف فى مجملها الامن القومى العربى وليس فقط القضية الفلسطينية. وطرح المشاركون استراتيجية وطنية للتوصل لمسار لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، حيث أكدوا على أن تكون البداية فى هذا التوقيت على ضرورة إيجاد آليات وطنية للحل ومنها ضرورة تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية والتعددية السياسية وتطوير مؤسسات العمل داخل المنظمة وتعلية المصالح الوطنية العليا الفلسطينية فى هذا الوقت على اعتبار أن ترك الأوضاع بهذه الصورة سيؤدى إلى تكريس سياسة الأمر الواقع وهو ما يعتبر مصلحة أساسية بالأساس لإسرائيل، وهو ما حذر منه المشاركون وطالبوا بأن يكون هناك مسار جديد للقضية الفلسطينية، فيما طالب الأكاديميون المصريون بالإنتباه إلى الخطر الاسرائيلى ومشروعاته الاستراتيجية، الامر الذى يتطلب سرعة الحركة الفلسطينية بالأساس ودعم المفاوض الفلسطينى ومناشدة القوى الفلسطينية المختلفة باستلهام روح المشروع الوطنى الفلسطينى فى مواجهة تلك المخططات. وأكد المشاركون فى الندوة التى حضرها عدد كبير من الأكاديميين والخبراء والسياسيين الفلسطينيين والمصريين المنتمين لشرائح مهنية ومجتمعية وسياسية مختلفة على أهمية إنهاء حالة الجمود والترقب التى تواجهها القضية الفلسطينية حاليا، وذلك فى ظل العديد من التطورات الإقليمية والدولية التى تواجهها وتتطلب تحركاً مصرياً وفلسطينياً لمعالجة هذا الأمر. وكشفت محاورات ومداخلات الندوة عن أن الدور المصرى سيظل هو الدور المركزى فى تحقيق الوحدة الفلسطينية والمشارك بفعالية فى دعم المفاوض الفلسطينى خاصة وأن الدور المصرى يتواصل منذ سنوات طويلة منذ مؤتمر مدريد فى مطلع التسعينيات حتى الآن، وفى ظل الارتباطات الوثيقة بين مصر وفلسطين وحرص مصر على توحيد الصف وإنهاء الانقسام والانطلاق إلى صيغة وطنية لبدء مسيرة التسوية مع الجانب الأخر. وقد أكدت فعاليات الندوة على أن مصر تواصل دعمها وستفتح أفقاً للتسوية يتماشى مع المصالح الوطنية الفلسطينية. كما أكد الحضور الفلسطينى على أن مصر قادرة على القيام بهذا الدور فى ظل تحركها الدبلوماسى متعدد الاتجاهات سواء مع الاشقاء الفلسطينيين فى الداخل أو من خلال الأممالمتحدة، حيث تحتل مصر موقعها كعضو غير دائم فى مجلس الأمن. وأبرز منظمو الندوة ان عقدها فى هذا التوقيت الحساس والمرتبك دوليا بسبب كثرة الصراعات والتوترات حول العالم بشكل عام وفى الشرق الأوسط خصوصا يأتى فى ظل الحرص المصرى على إعادة تقديم القضية الفلسطينية للمحافل الدولية والتمهيد لدعم الأشقاء الفلسطينيين فى المرحلة القادمة استمراراً للدور المصرى فى المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية والتى كانت فيها مصر داعمة ومساندة من خلال دبلوماسيتها عوناً للمفاوض الفلسطيني. وطالب الحضور المصرى والفلسطينى بضرورة أن يكون هناك مسارات للحركة العربية لدعم القضية الفلسطينية ومساندة الاشقاء الفلسطينيين فى عودة وحدة الصف الفلسطينى الموحد، ومواجهة التحديات والمخاطر التى تواجهها القضية الفلسطينية فى هذا التوقيت. ورأى المشاركون أنه من الضرورى فى هذا التوقيت الذى تواجه فيه القضية الفلسطينية مأزقا حقيقياً من انسداد الأفق السياسي، ما يتطلب وضع أولويات وطنية على أكثر من مسار لدعم الجانب الفلسطينى فى المرحلة المقبلة. على جانب آخر حدد المشاركون أسس ومعطيات مستقبل القضية الفلسطينية فى الفترة المقبلة ووضعوا عدة سيناريوهات للحل تبدأ بتشكل معطيات جديدة تحرك المشهد المجمد منذ فترة طويلة نتيجة التشتت والانقسام بين القوى الفلسطينية المختلفة، وتمر بسيناريو التعامل مع المشهد وانتظار تأثير المتغيرات الإقليمية والدولية على المشهد الفلسطينى المتعثر فى إشارة إلى المبادرة الفرنسية والرؤى الأوروبية والتصور المصرى لتكشف المسار الفلسطينى الإسرائيلى، وانتهاءاً بسيناريو البدء فى الإصلاح الذاتى واستنهاض المشروع الفلسطينى فى البناء على أسس جديدة تراعى الظروف التى تمر بها القضية الفلسطينية فى هذا الوقت وفى ظل الممارسات التى تقوم بها إسرائيل بالقدس والضفة الغربية. وشهدت الندوة تأكيدات من المشاركين على أهمية استكمال مناقشة القضايا الفلسطينية الملحة ووضعها على قائمة الأولويات فى المرحلة المقبلة لتكون محوراً لنقاش مصرى فلسطينى على المستوى الأكاديمى والبحثي، وقد طالب الحضور الفلسطينى بإستكمال النقاشات والرؤى الأكاديمية والمتخصصة فى الملف الفلسطينى بإعتبار أن هذا التوجه يخدم المفاوض الفلسطينى ومن أجل ترتيب الأولويات السياسية والاستراتيجية فى الملف الفلسطينى وهو ما يؤكد على تواصل المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط الذى تبنى الحوار الأكاديمى مع القوى الفلسطينية فى قطاع غزة وهو ما سيكون له الأولوية فى المرحلة المقبلة. وقد أكد الحضور المصرى على أن القضية الفلسطينية لا تزال تحتل أولوية متقدمة فى رؤية صانع السياسة الخارجية المصرية لاعتبارات متعلقة بالتاريخ والاستراتيجية والأبعاد الثقافية، والتى تربط مصر بالواقع الفلسطينى الراهن، وقد ركز الحضور المصرى والفلسطينى المشارك فى فعاليات الندوة على أن القضية الفلسطينية فى هذا التوقيت تواجه تحديات جسام خاصة مع الممارسات الإسرائيلية المتواصلة وتجاهلها الدعاوى الإقليمية والدولية لتحقيق السلام فى المنطقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين واستمرار معاناة الشعب الفلسطيني. ودعت الندوة إلى ضرورة التحذير من أثار استمرار المشهد الحالى على ما هو عليه وتجمد الأفق السياسى وانشغال الولاياتالمتحدة بالانتخابات الأمريكية. وقد حرص الخبراء المصريون من خلال تصوراتهم ومداخلات الحضور الفلسطينى المشارك على التأكيد على أنه من الضرورى كسب الوقت والبدء فوراً فى إجراءات لكسر حالة الجمود الراهن وعدم الانتظار، وأن تشارك كل القوى الفلسطينية فى لم الشمل الفلسطينى باعتباره أولوية مهمة فى هذا التوقيت وأن تعلو المصلحة الوطنية الفلسطينية على أى اعتبار آخر، وأن تكون المشتركات الوطنية هى التى تجمع كل الأطراف لبدء عمل فلسطينى جاد يسفر عن وحدة الصف وتجاوز كل مساحة للخلاف. وقد أعاد المشاركون الفلسطينيون فى الندوة التأكيد أمس على التوصيات التى اتفقوا عليها فيما بينهم أمس الأول والتى كانت قد صدرت على لسان ممثلهم النائب أشرف جمعة عضو المجلس التشريعى من قطاع غزة وهى كالتالي: ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية وإتمام المصالحة بين الفلسطينيين وإنهاء الإنقسام بما يضمن استكمال مشروع التحرر الوطنى وإقامة الفلسطينيين لدولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. وضرورة توفير الدعم العربى للموقف السياسى الفلسطينى وعدم تركه وحيدا أمام التطرف الإسرائيلى، وإعادة القضية الفلسطينية إلى صدارة الأولويات العربية. ودعم القيادة السياسية للشعب الفلسطينى فى خطواتها الدبلوماسية والدولية. وضرورة حل أزمة معبر رفح بما يضمن الحفاظ على ضرورات الأمن القومى المصرى وضرورات الحياة الإنسانية لسكان قطاع غزة. وضرورة التمسك بالشرعية الفلسطينية ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية رئيسا ولجنة تنفيذية ومجلس وطنى لضمان استمرار الإستقرار الوطنى وإستكمال مسيرة عودة الأراضى المحتلة لإقامة الدولة الفلسطينية. وأكد المتحاورون على ضرورة إستمرار الحوار والتعاون بين الشعبين المصرى والفلسطينى وتعزيز أواصر الأخوة المصرية الفلسطينية من خلال استمرار الحوارات عبر مؤتمرات وورش عمل متخصصة بكافة الاهتمامات والتخصصات وتوسيع دائرة المشاركة لتشمل فئات أوسع للشعب الفلسطينى وذلك بأقرب فرصة. ولقد وجه المتحاورون تحية للرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس محمود عباس والجامعة العربية، مؤكدين على ضرورة بذل اقصى ما يمكن لخدمة القضية الفلسطينية. وقد جاء هدف هذه الندوة وفعالياتها فى ظل حرص المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط على طرح المشتركات السياسية والوطنية التى تجمع كل القوى الفلسطينية الوطنية فى هذا الوقت الذى تتعرض فيه القضية الفلسطينية لتحديات ومخططات إسرائيلية خاصة بالتهويد والاستيطان، وقد حرص باحثو وخبراء المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط على إبراز أهمها على كافة المستويات. وكانت الندوة قد بدأت صباح الأحد الماضى بكلمة من الدكتور احمد الشربينى مدير المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط ليترأس بعدها الدكتور على الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الجلسات على مدى ثلاثة ايام تحدث خلالها فى أولى فعالياتها الدكتور عبد العليم محمد مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام حيث عرض ورقة بعنوان «الواقع الفلسطينى الراهن» وعقب عليها الأستاذ الدكتور عبد المنعم المشاط عميد كلية الأقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ثم جرى نقاش مفتوح حول الورقة وعلى مدى الأيام الثلاثة تحدث الأستاذ الدكتور طارق فهمى رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط والدكتور صفى الدين خربوش أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وترأس جلسات اليوم الثانى الأستاذ الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة القاهرة وتحدث الأستاذ على بكر الخبير بمركز الدراسات السياسية والأستراتيجية بالأهرام وعقب عليه السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية السابق وبعدها جرى نقاش عام وفى الجلسة الثانية تحدث الدكتور حسن أبوطالب مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وعقب عليه السفير سيد ابوزيد مساعد وزير الخارجية الأسبق قبل ان تدور مناقشة عامة. وفى اليوم الثالث والأخير كان المتحدث الرئيسى هو الدكتور مصطفى الفقى حيث تحدث عن «تداعيات المتغيرات الإقليمية والدولية على القضية الفلسطينية». وعلى مدى الأيام الثلاثة تحدث العشرات من أساتذة الجامعات والباحثين والإعلاميين الفلسطينيين.