حتماً يأتي الخريف، للزمن أحكامه، وأيضا قوانينه، الجسد يفقد حيويته، والذاكرة تعاني، وما كان سهلا يصبح صعبا، والصعب يصير مستحيلا، هذه دورة حتمية، وكذلك أمرٌ واقع، له نظام مختلف، لكن البعض لا يعترف بالواقع، ويعيش في الخيال، ولكل إنسان اختياراته. للطبيعة أيضا دوراتها، الربيع غير الخريف، والصيف عكس الشتاء، ولكل فصل ظروفه، حين يبدأ الخريف في نصف الكرة الشمالي، يحل الربيع في النصف الجنوبي، الطبيعة لا تعرف الثبات، ولا تعترف بالاستقرار، كل ما فيها يتغير، ونحن أيضا نتغير، التغيير قانون الحياة. أحيانا تبدو الرمال صلبة، لكنها غير مستقرة، ومع الضغوط تصبح متحركة، وتبتلع كل ما يتحرك عليها، وقد تنهار بفعل الرياح، وهذا ما يحدث دائما، الرمال شيء، والجبال شيء آخر، الرمال لا تعرف الثبات، والجبال تتسم بالجمود، وهذه حكاية أخرى. التقدم في العمر حتمي، لكن النضج اختياري، هناك من يكبر ولا ينضج، النضج لا علاقة له بالعمر، القضية فهم وإحساس، وكذلك قدرة علي التفاعل، العمر مفهوم يحدده الإنسان، ولكل منا مفهومه، والأهم من العمر..الطاقة، ليست القضية كم تعيش، ولكن كيف تعيش؟ في الخريف.. لا يهم كيف كنا، بل كيف أصبحنا، لا يهم كيف نبدو، ولكن كيف نفكر، حين نصبح أكبر نفهم أعمق، وتتسع دائرة الإدراك، ربما نفقد أشياء ونكسب أشياء، لكن أهم ما نكتسبه الخبرة، وهذه تمنحنا رؤية أوسع للبشر وأيضا للحياة. لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود;