يتسلل الشعر الأبيض, يتوغل, ثم ينتشر, هذه مرحلة جديدة, لها شكل جديد, كبرنا ومن الطبيعي أن نكبر, ننوء بأعباء السنين, في القلب جروح, وفي العقل بعض من خبرة الحياة, نتطلع إلي المرآة, لا نري الشكل بل المضمون, بداخل كل عجوز شاب يتساءل: ماذا حدث؟ الكبر حتمي, لكن النضج اختياري, هناك من يكبر ولا ينضج, النضج لا علاقة له بالعمر, القضية فهم وإحساس, وأيضا قدرة علي التفاعل مع الآخرين, الكبر غير الشيخوخة, هناك عجوز في العشرين, وشاب في التسعين, الشيخوخة مسألة ذهنية, إذا لم تشعر بها لا تشيخ, العمر مفهوم يحدده الإنسان, ولكل منا مفهومه. نحن لا نتغير مع الزمن, لكننا نري الأشياء بشكل مختلف, حين نكبر نصبح أكثر واقعية, فالطريق كان طويلا, والرحلة لم تكن سهلة, الأزمة ليست في كبر السن, وإنما في الحفاظ علي اللياقة وقهر الإحباط, الرمادي لون الواقعية والتأمل, عند نقطة ما تدرك أن الأهم من العمر..الطاقة. لا يهم كم تعيش, ولكن كيف تعيش؟ العبرة بالكيف وليس الكم, ولكل مرحلة طبيعتها, العمر هو الزمن الذي أسعدك, ربما تعيش طويلا وليس لديك حياة, التقدم في العمر ليس نقمة, بل نعمة لا يحظي بها الجميع, المهم الصحة وراحة البال, الزمن يهدم أو يدعم, ونحن نختار. بالتأمل لا تكسب شيئا, لكنك تخسر القلق والغضب, كلما تقدم عمرك تغيرت مفاهيمك, ورأيت مالم تكن تراه, نحن لا نصبح أكبر, بل نصبح أكثر وعيا, وأكثر تجددا, بشرط ألا نفقد حماسنا, وأيضا حبنا للحياة, نحن لا نتوقف عن اللعب لأننا كبرنا, بل نكبر حين نتوقف عن اللعب. عزيزي الشاب سوف تكبر يوما وتقرأ الحياة بشكل مختلف, عزيزي الكهل الحياة قصيرة, فلا تضيعها في الأوهام!. لمزيد من مقالات عبد العزيز محمود