المطربة السنغالية «السيدة بنت تيام» ولدت لأبوين سريرين فى مدينة «كازامانس الجنوبية» عام 1978، وأكملت دراساتها الأولية فى «دكار» عاصمة السنغال بمدرسة مملوكة لعمّها. وهى تجيد اللغات العربية والولفية والسيريرية، وبدأت الغناء العربى فى سن 14 عاما, وفى مختلف المناسبات. وفى 2008 أنشأت فرقة موسيقية خاصة بها, هى «الفرقة الأحمدية» لتصبح واحدة من بين مشاهير الفنانات السنغاليات اللاتى ينشطن فيما يسمى محليا بفن «أفروعربية» والمقصود به اللون الفنى الذى يتخذ من العربية لغته ومن الدين الاسلامى مجال نشاطه, أى فن الغناء الإسلامى الأفريقى، وللتعرف أكثر على هذا الفن الخاص بها أجرينا معها هذا الحوار: كيف يستقبل الجمهور السنغالى غناءك باللغة العربية، واللغة الرسمية هى فى البلاد هى الفرنسية؟ الفن ليس له حدود ولا حدود، فمن طبيعته اختراق الحواجز المكانية والثقافية، وبجانب هذا فالعديد من القصائد التى أتغنى بها من مؤلفات المشايخ السنغاليين مثل «أحمد بامبا», و«الحاج مالك», و«الحاج محمد الخليفة نياس», و«سعد أبيه», و«الحاج إبراهيم نياس», و«أحمد التيجانى سى», و«الحاج عبد العزيز سى الدباغ», و«موسى كمرا», وغيرهم. وهؤلاء لهم مكانة دينية مرموقة فى قلوب عامة السنغاليين، ومعانى القصائد ليست مجهولة تماما للعامة، لأنهم يسمعون شروحها خلال حفلات المولد النبوى فى الزوايا الصوفية التى ينتمون إليها، وفى حال الجهل بمعانيها فحسبهم أن يعرفوا أن القصيدة للشيخ فلان الذى يكنون له محبة، ويرجون سعادة الدارين نتيجة إرشاداته وبركاته. - ما الذى يميزك كمطربة عن بقية مطربات ومطربى السنغال؟ من الصعب أن أصف نفسي, أو أحدد الفوارق التى تميز غنائى عن غناء غيرى من الفنانين على وجه العموم، لكنى أسعى لجمع الأصالة الأفريقية الإسلامية بالحداثة العصرية، ما سهل انتشار إنتاجاتى محليا وإقليميا فى بعض الدول العربية. نحن فى مصر لا نعرف الكثير عن الفن السنغالى ولا فنانى التراث هناك, فهل يمكنك أن تعطينا فكرة عن الغناء السنغالى؟ هناك دراسات كثيرة عن الفن والغناء فى السنغال, وإن كانت ليست فى متناول الجميع, غير أن ذاكرة الشعب السنغالى تحفظ تاريخ شخصيات فنية لها بصمات راسخة فى الغناء، خاصة فى أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وما زالوا يحبون أصواتهم ويستمعون إليهم إلى الآن، فالغناء فى السنغال قديم جدا، ولدى اسطوانات قديمة لهم، وحتى الآن نتعلم منهم أصول الغناء الصحيح. وما أوجه الاختلاف بين الغناء السنغالى والغناء الأفريقي، والتشابه بينهما؟ يتميز الغناء السنغالى عن الفنون الأفريقية على العموم، وبعض الفوارق فى الأداء، وبعضها فى الأدوات، فبلاد السنغال إلى حد ما تكاد تكون منفردة فى الطرب المسمى «امبالاخ»، والطرب المسمى «غويان» لا تجدينه خارج منطقة سنغامبيا، أما بخصوص الأدوات الفنية المستخدمة فبالرغم من القواسم المشتركة فى على المستوى الأفريقى لا سيما الغربية فهناك أشكال من الأدوات تكاد بلاد السنغال تنفرد بها مثل «تاما», و«سابار», و«امبغامبنغ»، وبجانب هذا هناك مشتركات بين فنون الغناء الأفريقي، مثل التشابه الكبير بين الغناء المالى والسنغالي، كما يتشابه أيضا مع الغناء «العاجى والغينى والسيراليونى» وغيرها، ولا يقتصر هذا التشابه على الغناء، بل نجد تشابها فى فن الرقص، والمواسم الفنية ذات الطابع التقليدى. وما الدور الذى يلعبه الغناء والفن فى الثقافة الشعبية السنغالية؟ الفن يقوى أواصر التواصل بين البشر، وهناك عبارات عديدة فى الأغانى ذات قيمة أخلاقية تتناقلها ألسنة السنغاليين وأصبحت جزءا من ثقافتهم الشعبية، يأخذونها عن فنان أو آخر من الذين يهتمون بالمحتوى فى أغانيهم مثل «جاغاامباى», و«تيون سك», و«أوزا», وتجدين العامة من السنغاليين يستخدمون جملة من أغنية لمطرب مشهور، وإجمالا فالغناء يلعب دورا مهما فى ترويج ونجاح القنوات الثقافية السنغالية. مما قرأته عنك علمت أنك قمت بإحياء حفلات فى المغرب والجزائر، فحدثينا عن تجربتك هذه، وكيف تواصلت مع الجمهور، وما طبيعة الحفلات التى قدمتيها هناك؟ أواصر تواصلنا الثقافى مع الدول العربية قديمة، وشاركت فى مهرجان دولى للسماع الصوفى فى الجزائر أقيم فى أكتوبر 2015، تحت إشراف وزارة الثقافة الجزائرية، وشاركت فيه وفود من مختلف القارات، مثل فرقة المولوية من مصر, ومجموعة الفردوس من إسبانيا, وفرقة أحباب الرحمن من سطيف, وفرقة عمرو بن يحيى داودى من غرداية, وفرقة الراشدية من قسنطينية, وفرقة فادى طلبى من الإمارات, وفرقة عماد الراوى من سوريا, وغيرها، بجانب اتصالاتنا بدول عربية مثل المغرب ومصر، وهذا التواصل فى نظرى يؤدى دورا أكثر فعالية من الدبلوماسية الرسمية، ومنع هذه المسارات خسارة جسيمة للأمة الاسلامية والتعاون الولى. برأيك ما الذى يحتاجه الغناء السنغالى ليصل إلى العالمية مثل الغناء الفرنسى أو الأمريكى؟ أولا لابد من التخلص من المحاكاة والتقليد الأعمى للغرب، وجمع الأصالة بالحداثة، فالمغنى السنغالى مثلا حين يغنى «سالسا» أو«راب» ومهما أجاد فهو يبتعد عن أصوله وجذوره, فلو غنَّى مثلا «امبالاخ» وبالآلات المحلية سيحلق إلى أعلى مستوى فنى، فلا ينبغى أن يشعر الفنان بالدونية أمام الفن العالمى، وهذا لا يعنى الدعوة للانغلاق الثقافى، فأنا مؤمنة بالتبادل والتكامل والتواصل، ولكن ينبغى أن يكون ذلك على أساس الندية وبمعزل عن التبعية.