في جميع دول العالم, حتي دول العالم الثالث التي تمارس الديمقراطية في اختيار رئيس البلاد يتوجه الناخبون فيها لدعم أحد المرشحين سواء كان حزبيا أو مستقلا, فيقف أعضاء الحزب في جانب مرشحهم, فهم لا يصوتون للمرشح بل يؤيدون حزبهم وذلك بعد تصويت بطريقة أو بأخري في داخل الحزب لاختيار مرشحهم, وبذلك عندما يقف أعضاء الحزب داعمين لمرشحهم فإن فرصه ستكون أفضل من المرشح المستقل. ولا شك أن إبطال الصوت عن عمد واصرار لم نعتده من قبل, فقد يتخلف فريق من الناخبين إما لظروف اضطرارية, أو لعدم قناعتهم بأي من المرشحين, وهذا لا يجب مصادرته أو فرض غرامة أو عقوبة من أي نوع كان. أما أن يحرض الناس علي المقاطعة بإبطال الصوت لقناعة بأن الخيار هنا بين الحريق والغريق, كما نادي البعض, أو الاختيار بين الطاعون والكوليرا فإن هذه الخيارات تحوي مبالغة شديدة إذ لو أن الأمر كان واقعا فكيف حصل المتسابقان الاخيران علي أعلي الأصوات بين عدد كبير من المتسابقين؟ وكيف لا يحترم المواطنون ما يقرب من نصف عدد المواطنين الذين شاركوا في المرحلة الأولي من التصويت؟ إننا نريد رئيسا نحترمه إذا جاء بإرادة حرة ليعرف أن وصوله إلي كرسي الرئاسة الامتحان ليس سهلا, فقد ينجح فيه فينتقل إلي الفترة الثانية, وقد يرسب في الامتحان ولن يتمكن من الاعادة إذ لا ملاحق ولا رأفة, كما ينبغي أن يدرك المرشح المنتخب أنه جاء بإرادة شعبية لخدمة هذا الشعب الذي عاني كثيرا من الرئاسة بالتملك فلا ملكية بعد أن أسقط الجيش نظام الملكية الوراثية عام 1952 وأسقط نظام الرئاسة الملكية التي فرضت عليه لأكثر من نصف قرن وأسقط الشباب برقع الحياء فلا خوف بعد يناير 2011, والذي يختاره الشعب بإرادة حرة سوف لا يخنع أو يخضع لارهاب أو إغراء بل سيقف خلف من سيختاره إذا ما أفلح, وسوف يقومه إذا ما أخطأ, سيحكمه بعد ذلك, إنني ارجو أن يفكر أصحاب دعوة ابطل صوتك ألف مرة, فمع الحرية تكفل لهم هذا الخيار لكن الصالح العام يدفعهم لإعادة النظر, أو فليكن مسلكا شخصيا لا دعويا للتأثير علي الارادة الحرة, وقد يندمون كثيرا إذا اجتازت الدولة فترة عصيبة كان يمكن تفاديها باختيار هذا أو ذاك فقط بإرادة حرة بلا ترغيب أو تهديد. المزيد من مقالات د. القس صفوت البياضى