مبروك علينا الارتداد إلي نقطة الصفر, وللدقة ليوم الحادي عشر من فبرابر 2011, حينما تنحي الرئيس السابق حسني مبارك, وقتها كان لدينا ما يكفي ويفيض من الزخم الشعبي والمقدرة علي صنع المعجزات. دون أن يجسر احد علي الوقوف في وجه المصريين الثائرين, أو يفكر في إعادتهم بسلام لحظيرة الخنوع والطاعة لبيت الحكم. عدنا والعود أحمد إلي حيث بدأنا, بعد حكم المحكمة الدستورية, ولكن بفارق جوهري لا يصح التغاضي عنه وإنكاره, إذ لم يعد عندنا فائض القوة المؤثرة, التي نستطيع بواسطتها استدراك ما فاتنا, وتوجيه سيارة الوطن التائهة نحو الاتجاه الصحيح, الذي حسبنا أننا نسير فيه أبان ال15 شهرا الماضية. مبروك علينا قطع أنفاس الثورة ومؤيديها, والزج بها عن قصد لطريق حالك الظلمة تعثرت فيه مرات ومرات, حتي أصابها الإعياء وخارت قواها, فبعد عام ونصف كانت حصيلة مكتسبات ثورتنا صفرا كبيرا, فلا نحن أسسنا نظاما سياسيا جديرا بالثقة والتقدير, ولا صغنا دستورا يرتقي بالمواطن والبلد, ولم نحسن اختيار نواب برلمان الثورة الذي تفرغ للتفاهات وصغائر الأمور وتوزيع الهولز والمرطبات, وترحم الكثيرون علي مجلس شعب فتحي سرور, والمهندس أحمد عز. مبروك علينا تعرية كل التيارات السياسية الليبرالية واليسارية والدينية, وثبت بالأدلة القاطعة أن أصحابها من طالبي السلطة والوجاهة وليس خدمة مصرنا, كلهم تصارعوا وتكالبوا علي الغنائم, ومن محاسن قرار الدستورية كشفه الغرض من احتضان المجلس الأعلي للقوات المسلحة المبكر للإخوان المسلمين, فالهدف كان كسرهم وكشفهم أمامنا, فقد ظنوا أنهم اقتربوا خطوات من حلمهم ببلوغ أعلي درجات سلم السلطة, وسعوا للسيطرة علي الموقع تلو الآخر, واعتقدوا أنهم من المهارة والبراعة للمناورة وعقد صفقات علي هواهم, وغفلوا عن الفخ الذي كانوا يساقون إليه. مبروك علينا قبلة الحياة الممنوحة لجسد نظام مبارك الذي يشتد عوده, ويتأهب للرجوع بأداة الديمقراطية, لكي لا يتهم بأنه فاقد للشرعية, سيعود متذكرا جراحه الناتجة عن الثورة, وتحدوه رغبة في الثأر واستعادة كرامته المهدرة, ولا عزاء للبسطاء الحالمين بالتغيير للأفضل. المزيد من أعمدة محمد إبراهيم الدسوقي