الأمريكان الذين أبادوا حضارة الهنود الحمر بالمجازر، وبنوا اقتصادهم على ظهور عبيد إفريقيا، ودبروا الدسائس في شتى بقاع العالم باسم الحرية والديمقراطية، وارتكبوا مجازر بشعة بداية من هيروشيما ونجازاكي ومرورًا بفيتنام وأبادوا شعوبًا بأكملها، وهم من ساندوا تنظيم القاعدة وأيدوه في حربه ضد الروس في أفغانستان، وبعد أن أخرجوا الروس دبروا أحداث سبتمبر وراحوا يزجون فيها بأسماء عربية مسلمة واتهموا فيها دولا عربية مسلمة بريئة، ولمَ لا؟ فهم من امتلكوا الميديا وهم مروجوها، وهم كذلك من صنعوا تنظيم داعش وساندوه كي يتذرعوا به للنفوذ إلى ثروات بلاد العرب والمسلمين والهيمنة عليها متدثرين بالحرب على الإرهاب. وها هم الأمريكان اليوم متمثلين في الكونجرس الأمريكي، يرفضون قرار الرئيس أوباما الذي استخدم فيه حق الفيتو ضد مشروع قانون يسمح لذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية؛ ليعربوا بكل وضوح عن مقصودهم وهو العداء التام للعرب والمسلمين، وذلك بعد أن تحالفوا مع الإيرانيين. هل من المصادفة أن آلاف اليهود تغيبوا عمدًا عن العمل في يوم 11 سبتمبر؟!، أي مقاضاة تريدها أمريكا؟ ألم تطلق هي الحكم والاتهام؟! ثم قامت بالانتقام من شعب أفغانستان الأعزل دون محاكمة أو قانون!! ثم قتلت أسامة بن لادن شر قتلة وبأسلوب وطريقة يخالفان كل العهود والمواثيق الدولية، كما قتلت الرئيس العراقي صدام حسين يوم عيد الأضحي في الأشهر الحرم!!. وها هي أمريكا تنتقل من مجزرة الى أخرى متسببة في هلاك البشر الأبرياء، وليس ببعيد منا إبادة الشعبين الأفغاني والعراقي، وكذلك السماح بتدمير الشعب السوري والشعب الفلسطيني والشعب العراقي مرة ثانية، إنها سياسة أمريكا وأعوانها من الأوروبيين على مر التاريخ، وعلى رأسهم بريطانيا وحقدها على الإسلام منذ حملة ريتشارد قلب الأسد، فلن يهدأ لهم بال حتى يقوضوا كل أنظمة الحكم في العالم العربي والإسلامي كله. منذ أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق بوش الابن "الحرب على الإرهاب" عقب أحداث 11 سبتمبر عام 2001م، وهذا المصطلح متميع، وغير محدد، ويُظهر مروّجوه خلاف ما يبطنون، حيث يسيرون في هذه الحرب دون أن يصرحوا بماهية هذا الإرهاب الذي يقصدون. وبالطبع كل ذي عقل يرفض الإرهاب الذي هو ترويع الآمنين والاعتداء على الأوطان والمقدسات بدون وجه حق، ورسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- نهى عن ترويع الآمنين والاعتداء على أهل الذمة، إلا أن المراد من هذه الحرب ليس هذا الهدف، ولكنه هدف آخر يخفونه أحيانًا ويظهرونه أحيانا أخرى. لقد أعلنها بوش الابن "حملة مقدسة"، وتم الغزو الأمريكي لأفغانستان التي لم يثبت قانونًا أنها ارتكتب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم العراق التي لم يثبت أن لديها أسلحة الدمار الشامل وإلا فأين هي؟ وخلال هذه الأحداث والحروب الظالمة أسفرت الشهادات الأمريكية عن أن المراد بالإرهاب هو الإسلام، الإسلام الرافض للحداثة الغربية والعلمانية الغربية والقيم الغربية على وجه الخصوص. وليس هذا محض افتراء بل هو كلام مؤكَّد بالأدلة والبراهين، حيث كتب المفكر الاستراتيجي الأمريكي "فوكو ياما" في العدد السنوي "للنيوز ويك" ديسمبر 2001م، يقول: "إن الصراع الحالي ليس ببساطة ضد الإرهاب، ولكنه ضد العقيدة الإسلامية الأصولية، التي تقف ضد الحداثة الغربية وضد الدولة العلمانية، وهذه الأيديولوجية الأصولية تمثل خطرًا أكثر أساسية من الخطر الشيوعي، والمطلوب هو حرب داخل الإسلام، حتى يقبل الحداثة الغربية والعلمانية الغربية ومبدأ "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"!. إن هذا الظرف الراهن الذي نحن فيه يحتم علينا -نحن العرب والمسلمين- أن نستشعر روح حرب أكتوبر 1973 التي نصَرَنا الله فيها على إسرائيل وحليفتها التي كانت تساندها في الخفاء أمريكا، وأن نتحد ونقف صفًّا متعالين على ما بيننا من شحناء، وساعتها سوف ينحسر عدونا أمام وحدتنا، كما حدث في حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، فينبغي على العرب والمسلمين جميعًا الوقوف صفًّا في وجه من تسول له نفسه المساس بأرض الحرمين الشريفين –حفظها الله من كل مكروه وسوء- وصدق شاعرنا العربي ابن الأهرام الأستاذ فاروق جويدة حيث قال: اِغْضَبْ.. إذا شاهدْتَ كُهَّان العروبة كل محتال تَخفَّى في نفق ورأيتَ عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق وتزاحم الكُهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق اِغْضَبْ.. فإن مدائن الموتى تَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا عندما سقطت خيول الحُلم وانسحقت أمام المعتدين إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد ماتوا جائعين فالأرض لا تنسى صهيل خيولها حتى ولو غابت سنين الأرض تُنكر كُلَّ فرع عاجز تُلقيهِ في صمت تُكفِّنُه الرياح بلا دموعٍ أو أنين الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ وتحب عُشاق الحياة وكل عزمٍ لا يلين لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر ;