ما أكثر الكلام عن حقوق الإنسان في زماننا، حيث ضاعت تلك الحقوق تمامًا، وأهينت كرامة الإنسان أيما إهانة بخاصة الإنسان العربي المسلم، والثابت أن الإسلام هو الذي أرسى حقوق الإنسان بل هو الذي حرَّر الإنسانية من العبودية والاستعباد، إذ جعل من الكفّارات تحرير العبيد، وأكثر من ذلك جعل الله الجنة مثوى لمن سقت كلبًا حتى ولو كانت بغيًّا، والنار مثوى لمن حبست هرة حتى ولو كانت تقية!! وقد أعلن الصحابيان ربعي بن عامر وعمر بن الخطاب رضي الله عنها تحرير الإسلام للإنسان فقال ربعي لقائد جيوش الفرس رستم: "نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخر"، وقال الفاروق عمر لابن عامله على مصر وكان قد اهان قبطيًّا: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا". فالإسلام دين احترم الإنسان وراعى حقوقه حيًّا أو ميتًا مسلمًا أو كافرًا، كثُر الكلام في أيامنا هذه عن الحرب على الإرهاب، ومحاولة لصق كل ما هو شائن بالإسلام والمسلمين، علمًا بأن العالم لم ينعم بأمن ولا اطمئنان مثلما نعم به في رحاب الإسلام دين الوسطية والحنيفية السمحاء، ولم تُعرف حقوقُ الإنسان حقيقةً إلا على يدي رسول الله الإسلام صلى الله عليه وسلم، فهو حقًّا من حرَّر المرأة، بل هو من حرر الإنسان عمومًا. الإسلام بريء مما يحاول أعداؤه أن يلصقوه به من إرهاب، بل إن الرسول الكريم قال لأصحابه عندما خرجوا في غزوة مؤتة لحرب الأعداء: "لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا، أو امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا معتصمًا بصومعة، ولا تقربوا نخلاً، ولا تقطعوا شجرًا، ولا تهدموا بناءً..."، فأين هذا مما حدث في بلاد العالم مما فعلته أمريكا التي أبادت حضارة الهنود الحمر بالمجازر وبنت اقتصادها على ظهور عبيد إفريقيا، وحاكت الدسائس في بقاع العالم باسم الحرية، مسببةً مجازر ابتداءً من هيروشيما ونجازاكي ومرورًا بفيتنام وإبادة شعبها، وها هي تنتقل من مجزرة إلى أخرى ومن إبادة شعب إلى آخر متسببة في هلاك البشر الأبرياء، وليس ببعيد منا ما جرى في أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين الضحية الأقدم، ولا ننسى أعوان الإدارة الأمريكية من الأوروبيين وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وحقدَهم على الإسلام منذ الحملة الصليبية الأولى بقيادة "تشارلز قلب الأسد" حتى الآن، فلن يهدأ لهم بال حتى يقوضوا كل أنظمة الحكم العربية والمسلمة. لقد نشرت الصحف الأجنبية ما يفضح هذه النيات الخبيثة لهؤلاء الزاعمين حمايةَ حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب، وما يؤكد أنها حرب على الإسلام وليس الإرهاب وتتذرع بتصرفات تنظيم داعش -مع تحفظنا على ما يصدر عن داعش من مخالفات- فقد كتب المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" في "النيوز ويك" عدد 14-1-2004م: "إن إرهاب اليوم هو جزء من كفاح طويل بين الإسلام والغرب، فالنظام الأخلاقي الذي يستند إليه الإسلام مختلف عما هو في المسيحية واليهودية الغربية، وهذه الحرب هي حرب بين الأديان"، وكتب المفكر الأمريكي "فوكو ياما" في "النيوز ويك" (العدد السنوي: ديسمبر 2001 م – فبراير 2002م)، يقول: "إن الصراع الحالي ليس ببساطة ضد الإرهاب، ولكنه ضد العقيدة الإسلامية الأصولية، التي تقف ضد الحداثة الغربية وضد الدولة العلمانية، وهذه الأيديولوجية الأصولية تمثل خطرًا أكثر من الخطر الشيوعي، والمطلوب هو حرب داخل الإسلام، حتى يقبل الحداثة الغربية والعلمانية الغربية والمبدأ المسيحي "دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله"!. وهكذا يتضح لنا أن الإسلام أمر بالإحسان حتى في القتل والذبح ففي الحديث "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة" وهو دين الرحمة الذي يدعو إلى التسامح والإخاء وينبذ العنف والإرهاب ويؤصل لصناعة سلام حقيقي مع النفس ومع البشر عمومًا. لمزيد من مقالات د . جمال عبد الناصر