شراقي: استمرار التوسع الإثيوبي في بناء السدود يهدد الأمن المائي للقارة السمراء    محافظ القاهرة يتابع اللمسات النهائية لأعمال التطوير ورفع كفاءة الطرق والمحاور المؤدية إلى المتحف الكبير    هند الضاوى: نتنياهو يخرق اتفاق وقف النار للانقلاب على خطة ترامب    اليونيفيل تعرب عن قلقها إزاء التوغل الإسرائيلي المسلح في بلدة بليدا جنوبي لبنان    أسواق أوروبا تغلق على انخفاض بعد تثبيت البنك المركزي الأوروبي معدلات الفائدة    وليد صلاح: الكل سيسافر إلى الإمارات.. وهذه حقيقة رحيل داري ورمضان وتأكيد للجماهير    9 مصابين في حادث انقلاب ميكروباص بطريق أسوان الزراعي    محافظ القاهرة : شاشة عملاقة بمدينة الاسمرات لإذاعة حفل افتتاح المتحف الكبير    الرئيس الألماني يعلن مشاركته في افتتاح المتحف المصري الكبير: العالم ينتظر بفارغ الصبر    هادي الباجوري يحتفل بزفافه على هايدي خالد | صور وفيديو    من الطين بنبى أبرج للسماء.. صانع أبراج الحمام: مهنة متوارثة وهذه اسرارها    أشرف الشرقاوي: نتنياهو قضى على أي فرصة لظهور قيادات بديلة في إسرائيل    «الرقابة الصحية» و«جامعة المنيا» تطلقان برنامجًا تدريبيًا مكثفًا لتأهيل الكوادر الصحية بالمحافظة    يوسف شاهين الأشهر.. 10 مخرجين ظهروا أمام الكاميرا قبل محمد سامي    روبيو: مستعدون لتقديم مساعدات للشعب الكوبي بعد الدمار الذي أحدثه إعصار ميليسا    من قلب التاريخ يبدأ المستقبل.. فودافون مصر الشريك التكنولوجي للمتحف المصري الكبير    القاهرة الإخبارية: الصليب الأحمر تسلم جثماني محتجزين إسرائيليين وسط قطاع غزة    أشرف زكي يلتقى حفيظ دراجى على هامش مهرجان وهران السينمائي    أمين الفتوى يوضح حكم وثواب قيام الليل    لبنان يعلن عودة 320 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم منذ يوليو الماضي    الأهلي ينفي شائعات رحيل بيكهام ويوضح خطة الفريق قبل السفر للإمارات    رئيس جهاز حماية المنافسة يجتمع مع رؤساء أجهزة المنافسة الأفريقية    الأوقاف تُطلق (1010) قوافل دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    موظف بالمعاش يتهم خادمته بسرقة مشغولات ذهبية من فيلته ب6 أكتوبر    شاهد|«المجلس الصحي المصري»: إطلاق الدلائل الإرشادية خطوة تاريخية لحماية المريض والطبيب    تناولها بانتظام، أطعمة تغنيك عن المكملات الغذائية الكيميائية    رفع 141 ألف طن مخلفات من شوارع الإسكندرية واستقبال 1266 شكوى    رئيس جامعة سوهاج يلتقي طلابه ذوي الإعاقة ويشاركهم وجبة الغذاء    بالتوقيت الشتوي.. مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف LRT    إصابة 4 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة ملاكى بالطريق الزراعى فى البحيرة    براءة الشاب المتهم بالتعدى بالضرب على طفل العسلية فى المحلة    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    لا فرق بين «الطلاق المبكر» والاستقالات السريعة داخل الأحزاب    ياسر عبد العزيز يكتب: مصر الكروية كاملة الأوصاف ولكن!    جماهير الزمالك تنفجر غضبًا بسبب مجلة الأهلي.. ما القصة؟    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    اتحاد السلة يعلن جدول مباريات ربع نهائي دوري المرتبط «رجال»    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك» وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة.. الأوقاف تطلق (1010) قافلة دعوية بمراكز الشباب على مستوى الجمهورية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    محافظ بني سويف: تخصيص 11 شاشة عرض لنقل افتتاح المتحف الكبير    «يوم الوفاء» محافظ أسيوط يكرم أسر الشهداء وقدامى المحاربين    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    والد أطفال ضحايا جريمة فيصل: سأحاسب كل من أساء لسمعتنا    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بضوابط لسرعة حسم شكاوى العملاء    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    مرموش يسجل هدف مانشستر سيتي الثاني أمام سوانزي سيتي في كأس كاراباو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أردوغان .. نظام سلطوى يتآكل
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 10 - 2016

الديمقراطية هذا المصطلح العجيب ، بات فى تركيا الأردوغانية فقط يكتسب معانى فريدة ودلالات شبه أسطورية ، فمنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة فى يوليو الماضى، اكتسحت تلك المفردة الساحرة فضاء الأناضول،
وعلى أرضه طغت على كل الأبجديات ، تلوكها بشكل خاص وحميم ألسنة النخبة الحاكمة ومن يدور فى فلكها ليلا ونهارا دون كلل أو ملل ، وبالطبع تكون مصحوبة بأهازيج الفرح ، لأنها تكرست وترسخت فى ربوع البلاد وإلى الأبد . المثير فى الأمر ، أن أى تحليل للخطاب الرسمى سيجد المراقب معه صعوبة بالغة بل استحالة ، إذا اراد حصر المرات التى تكررت فيها هذه الكلمة الخالدة ، ولازالت ولن تتوقف .
فقبل مغادرته إلى نيوريوك لم يجد الرئيس رجب طيب اردوغان أدنى غضاضة فى القول ، انه وعلى منصة الأمم المتحدة ، سيوضح للدنيا بأسرها وفى افتخار ، كيف انتصر الشعب التركى على الانقلابيين وأنه قدم أبناءه فداء ودفاعا عن ديمقراطيته التى لم تزدهر إلا فى عهده هو وحزبه القائد قدر تركيا. وخلال حواراته وتصريحاته مع وسائل الإعلام العالمية أعاد ذات الجمل الأثيرة إلى قلبه وقلوب ما يفترضهم بالملايين ليس من قبل مواطنيه فحسب بل الإنسانية جمعاء ، فالأخيرة عليها أن تسجد لله حمدا ، لهذا النصر الديمقراطى المظفر الذى أبلاه ورثة الإمبراطورية العثمانية ضد الذين ارادوا اغتصاب إرادة الشعوب الحرة التى اختارت زعيمهم عبر الانتخابات لأول مرة فى مسيرة الجمهورية ، والمعنى واضح فالكماليون (نسبة إلى مصطفى كمال أتاتورك) لم يعدوا هم النموذج الذى يجب أن يحتذي،
وتتوالى المشاهد فى إفراطها المذهل ، ودون مبالغة وصلت إلى حد الهوس ، بحيث جعلت مراقبو الداخل قبل الخارج فى حيرة من أمرهم ، ولأنهم لا يعتقدون وربما لا يصدقون فيما يروج لهم ويرونه زيفا وأكاذيب ، راح يتساءلون عن هذا الذى يحدث فى بلادهم ؟ ومنهم من لجأ إلى السخرية حتى لا يزج بهم فى غياهب السجون حيث نعتوا أنفسهم بأنهم هم الفاشيون الاستبداديون واردوغان ومناصروه هم الديمقراطيون الوحيدون على كوكب الارض ، وبدواخلهم هم على يقين أن تركيا لم يعد فيها صوت يعلو على صانع القرار فى القصر الرئاسى الابيض المسيطر على التلفاز والراديو والصحافة ، وتلك ربما سمحت بأن تشذ عنها صحيفة أو صحفيتان ولكن فى حدود والدليل على ذلك انهما بالكاد يتنفسان وزعيم معارضة يفرد له ساعة كل اسبوع كذر رماد فى العيون إنها بحق ديمقراطية لا تليق سوى بالرئيس رجب طيب اردوغان.
لكن هناك من يصر على كسر التابو فالروائى البارز أورهان باموك أكد أن حرية التفكير لم تعد موجودة، فى بلاده التى تبتعد بأقصى سرعة عن دولة القانون وتتجه إلى حكم الإرهاب.
جاء ذلك فى مقالة تم نشرها فى الصفحة الأولى لجريدة لا ريبابليكا الإيطالية على خلفية اعتقال الصحفى البارز أحمد ألتان وشقيقه محمد ألتان الأكاديمى والاقتصادى الشهير وكلاهما لا علاقة لهما لا بما بات يوصف بمنظمة الكيان الموازى الإرهابية والتى يتزعمها رجل الدين فتح الله جولين الذى تتهمة السلطات بأنه مدبر المحاولة الانقلابية ، اللهم سردهما تعليقات عشية الانقلاب 14 يوليو فى برنامج توك شو على أحدى شبكات الفضائية فسرتها دولة البصاصين بأنها موالية لجولين باموك قال ايضا ان كل من يتحدث بحرية وينتقد الحكومة ولو بشكل طفيف يتم القبض عليه ووضعه خلف القضبان وأضاف قائلا إن عملية القمع تحركها كراهية متوحشة.
ومن الخطأ تصديق ادعاءات رجل الدين فتح الله جولين ، الذى يصور للعالم أنه بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب ، وللدفاع عن نفسه ها هو يصول ويجول بتصريحاته عبر وسائل الإعلام الدولية ، منددا بالأكاذيب والافتراءات التى تلصقها بلاده ضده ، ويدعو قادة أوروبا لأن يهبوا جميعا ويتخذوا مواقف حاسمة وواضحة ضد ما تقوم به الحكومة التركية من إجراءات قمعية سجنت وعزلت الآلاف من الأتراك وطردتهم من أعمالهم ومناصبهم . غير أن السؤال الذى تبادر إلى ذهن الكثيرين بمن فيهم المناوئون للرئيس رجب طيب اردوغان : أين كان السيد جولين من حمالات الاعتقلات والإقصاء التى طالت المئات من عسكريين ومثقفين وقضاة وصحفيين واكاديميين ، على خلفية ماعرف بمحاولات الاطاحة بحكومة العدالة والتنمية والتى أصطلح على تسميتها بقضيتى الارجينكون والمطرقة ، وسيثبت بعد خمس سنوات كاملة ، أنها كيدية وكاذبة ، ولماذا لم يناشد أهل الفرنجة من الغرب الذى يريد الآن الاحتماء به ، بالتدخل وأنقاذ من وضعوا ظلما وراء القضبان بإتهامات ملفقة لأنه ببساطة كان هو من دبرها واعدها كى ينفذها اردوغان عندما كان رئيسا للوزراء .
وهكذا تظهر العملة بوجهيها الظلاميين فكلاهما جزء لا يتجزأ من حالة الفوضى المكتومة ودفع البلاد دفعا إلى أتون من الاستقطابات والاحتقانات فلم يعد هناك شك فى سعى اردوغان ونظامه لهدم العلمانية رغم ما يدعيه وتكريس حكم سلطوى من منطلقات دينية أمام تلك المحاولات الممنهجة شرعت فصائل يطلقون على أنفسهم الاتاتوركيون فى العمل من أجل الحفاظ على ميراث الجمهورية ، يستثمرون فى ذلك حالة الغضب المتنامية فى صفوف المواطنين الذين بدءوا يتكشفون تدريجيا نوايا رئيسهم الحقيقية خصوصا بعدما تبين لقطاع عريض منهم أن المئات من اقرانهم اتهموا ظلما بأنهم من أتباع جولين. هذه المظاهر المشوشة والمضطربة والتى فقدت بوصلتها تنعكس على الاوضاع الحياتية للملايين من الشعب وما قالته مؤسسة التصنيف الائتمانى موديز مؤخرا عن إخفاقات يعانى منها الاقتصاد التركى ما هو إلا نذر يسير ولا زالت ردة فعل الحكومة على محاولة الانقلاب الفاشلة فى 15 يوليو والتى عرقلت مسيرة الإصلاحات المتوقعة بعد اعتقال الآلاف فى قطاع التعليم والمؤسسة العسكرية والقضاء والإعلام مستمرة غير عابئة بالعواقب ولا يبدو فى الأفق ما يشير إلى أنها ستعدل مسيرتها بيد إصرارها المزمن على أن تركيا قوية واقتصادها متين راسخ ، فقط الأعداء وخونة الداخل هم الذين يريدون تدميرها .. ولن يتمكنوا !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.