كان يمكن ان يسبب قرار سجن جنرال ما ، أو سحقه ، فرحة لشعوب كثيرة من بلدان العالم الثالث ، الا الشعب التركى لسبب بسيط ألا وهو ايمانه بأن مؤسسته العسكرية ليست كقريناتها سواء بالقارة اللاتينية أو الافريقية . صحيح كانت هناك مساوىء لتدخل العسكريين الاتراك فى الحياة السياسية ، لكن الثابت أيضا أن الانقلابات الثلاثة التى قاموا بها لم تكن لتحدث بدون رضاء قطاعات عريضة من مواطنيهم الذين خشوا على جمهوريتهم الكمالية من الضياع ، وما حدث فيما عرف بمرحلة 28 فبراير 1997 وفيها تمت الاطاحة بحكومة نجم الدين اربكان الاسلامية ، جاء فى ذات السياق. ولعل فرحة قطاعات عريضة من أهل الاناضول باطلاق سراح الجنرال البارز اليكار باشبوغ ، بعد 26 شهرا خلف القضبان ، لهو دليل آخر يدحض ادعاءات بتراجع مكانة الجيش فى الذهن الجمعى التركى ، التى روج لها حزب العدالة والتنمية الحاكم ، وحاول التهليل لها طوال العقد المنصرم. ولأن دموع الرجل بدت عصية وهو القائد الصارم ، الا أن تأثره واحساسه بالاهانة لحظة اعتقاله كان مروعا ، وهو يرى نفسه بعد عقود فى مكافحة الارهاب الانفصالى ، يزج به فى غياهب الظلام بحجج انقلابية ساذجة راحت تتساقط يوميا حجة تلو أخرى . وها هى السياسة الانتقامية ، تنقلب على الذين أرادوا الانتقام من أصحاب البيزات والنياشين ، عقابا لهم لحمايتهم المبادئ العلمانية ، وصراع أجنحة الحكم الحالى ، ما هو الا انعكاس لها ، فالداعية النوريسى الصوفى المقيم فى ولاية بنسلفانيا الامريكية ، فتح الله جولين بالاشتراك مع حليفه رجب طيب اردوغان ، خططا أيام ماكان الود متصلا والمصالح متشابكة ، لحكايات العسكر وانقضاضهم المزعوم على الحكومة المنتخبة ديمقراطيا والتى عنونت بالارجينكون والمطرقة. وهل ينسى لجولين كيف كان يوصى من منفاه الاختيارى كل فتاة تركية مسلمة ، أن تحرص على أن تتزوج من ضابط أو جندى كى تؤثر على أفكاره وولائه ، ليصبح للنورسيين وليس للعلم الأحمر ونجمته وهلاله الابيضين ، كم كان واهما واردوغان نفسه أدرك ذلك ولكن بعد فوات الآوان. لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد