جاء حادث غرق مركب الموت في منطقة ساحل رشيد ليكشف الوجه القبيح للهجرة غير الشرعية التي راح ضحيتها حتي الآن نحو مائة شخص علي الأقل حسب المؤشرات الأولية ، بعد العثور علي نحو 165 متوفيا وإنقاذ نحو 165 ، لتجسد أزمة مزمنة تعاني منها بعض الدول، بسبب الاضطرابات السياسية في بعض البلاد المجاورة وارتفاع معدلات البطالة في المنطقة. الدكتور عصام محمد إبراهيم، أستاذ الجغرافيا البشرية والسكانية بجامعة سوهاج أكد أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية بين قطاعات الشباب تمثل مشكلة خطيرة، وتحديًا من التحديات التي أصبحت تواجه المجتمع المصري وبعض الدول الإفريقية، مما يتطلب ضرورة وضع منظومة متكاملة من الإجراءات والجهود المحلية والدولية، وينبغي أن ندرك أن التصدي لهذه الظاهرة هو مسئولية مجتمعية متكاملة مع أجهزة الدولة من وزارات وأجهزة ومؤسسات رسمية وحزبية ومنظمات مجتمع مدني ، لوضع حلول لهذه المشكلة، مما يستلزم تشكيل مجلس قومي أعلي مسئول عن مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشديد عقوبة أصحاب المراكب المتورطين من خلال تشريع عاجل، ولابد من ايجاد حلول لمشكلة البطالة التي تواجه معظم دول العالم. النجاح الاجتماعى وأضاف أستاذ الجغرافية البشرية، أن من دوافع الهجرة غير الشرعية أيضا بعض حالات النجاح الاجتماعي والذي يظهره المهاجر عند عودته إلي بلده لقضاء العطلة والكشف عن تحسن مستواه المادي والاجتماعي، وكذلك اقتراب السواحل الأوروبية خاصة إيطاليا بالنسبة لمصر , فيقع الشباب في دائرة المحظور من خلال اللجوء إلي سماسرة السوق ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة الذين يتقاضون عشرات الآلاف من الجنيهات من كل شاب للسفر، وتنتشر علي الحدود مع ليبيا أو في بعض محافظات الصعيد عصابات للنصب علي الشباب، وتتقاضي منهم مبالغ طائلة، بدعوي توفير فرص عمل لهم في ايطاليا أو أوروبا، ثم يهربون بهذه الأموال دون أن يحاسبهم احد، وتنتهي رحلة الشباب إما بالموت أو السجن والترحيل. مصدر رزق ويضيف الدكتور أسامة حسين، أستاذ التنمية البشرية بجامعة المنيا أن فئة الشباب في هذه السن لا يدركون خطورة الهجرة غير الشرعية ، ويبحثون عن مصدر للرزق بطريقة خاطئة، فيقعون فريسة سهلة أمام طمع وجشع أصحاب المراكب التي تسافر دون ترخيص إلي دول أجنبية ومنها إيطاليا مع احتمال كبير لغرق المركب مثل مركب الموت الأخيرة والتي خضعت لجشع «تجار الموت»، حيث اتضح أن سبب الغرق هو الحمولة الزائدة وتعريض حياة المهاجرين للخطر . وبالنسبة للقوارب المستخدمة في الهروب فهي اصلا مخصصة للصيد، فيكدس في القارب الصغير أكثر من 200 شخص ويتم تركهم قبل وصول الشاطئ بمسافة بعيدة ليكملوا الطريق بأنفسهم وبأي وسيلة، متعرضين بذلك لمخاطر شتي منها الغرق . شبكات سرية ويضيف الدكتور محمد نبيه البدري، أستاذ التخطيط العمراني أن الدراسات والتحقيقات كشفت عن أن النسبة الأكبر من المهاجرين غير الشرعيين من المصريين تأتي من محافظاتالفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط ولعل أسوأ ما يتعرض له طالب اللجوء، هم سماسرة الوهم حيث توجد في الخفاء شبكات سرية واسعة وعصابات منظمة تصطاد الحالمين باللجوء وتنهب أموالهم لتختفي بعدها وربما تسلمهم للسلطات . وأن وزارة القوي العاملة والهجرة مطالبة بوضع خطة إستراتيجية واعداد العمالة المطلوبة والمناسبة لسوق العمل الاوروبي من خلال معرفة متطلبات هذه الدول من الخبرات اللازمة مع تقنين أوضاع المصريين المهاجرين هجرة غير شرعية، بقدر ما تسمح به ظروف الدول المستقبلة وبما يخدم الأوضاع الاقتصادية لكل من دول المهجر ودول المنشأ.