شرق بورسعيد.. محور اقتصادى جديد

العمل مستمر طوال ال 24 ساعة يوميا فى منظومة متكاملة حيث تتواصل عمليات الحفر والبناء بكل همة وحزم ونشاط فى مشروع تنمية شرق بورسعيد.
«تحقيقات الأهرام» ذهبت لرصد العمل عن قرب داخل الموقع، فبعد أن وصلنا إلى مدينة بورسعيد الباسلة استخدمنا عبارة كبيرة حتى نعبر القناة إلى مدينة بور توفيق ، والتى تعتبر من أجمل المدن الساحلية على مستوى العالم ، ومنها أخذنا عبارة أخرى لكى نكون فى ميناء غرب بورسعيد، وعندما وصلنا إلى هناك كان تعليق السائق المرافق «هذا المنظر العظيم يشبه كثيرا جدا منطقة جبل على بالإمارات العربية التى عملت بها لسنوات طويلة امتدت لأكثر من عشر سنوات»، والتنمية والبناء وبروح عالية وحالة من الرضا لا تخطئها العين، يمهد «المصريون» الموقع لإقامة صناعات رئيسية ومنطقة لوجستية عالمية.
حكايات عديدة نابعة من القلب لمن يسطرون تاريخا مجيدا لمصر والمصريين.
فإن الميناء كما رأيناه يبدو وكأنك فى جبل علي/ أو دبى أو ماليزيا أو سنغافورة ، ويعتبر ميناء شرق بورسعيد الجديد من أهم الموانئ فى العالم لأنه يقع فى قلب العالم وملتقى ثلاث قارات، وعلى الطريق الرئيسى لملتقى الشرق والغرب، حده الشمالى البحر المتوسط، وحده الجنوبى المنطقة الصناعية، حده الشرقى بحيرة الملاحة، وحده الغربى التفريعة الشرقية لقناة السويس، وتحتاج الأرصفة التى ترسو عليها السفن العملاقة إلى خدمات كثيرة منها إمدادها بالوقود، مع اقامة ترسانة لإصلاح السفن التى بها أعطال ، مع أعمال صيانة السفن ونقل الحاويات منها وإليها، وكل خدمة من هذه الخدمات سوف تدخل إلى مصر العملة الصعبة التى تحتاجها بعد أن يدخل المشروع مرحلة التشغيل، حيث يتوقع أن يجلب ميناء شرق بورسعيد مليارات الدولارات سنويا، ومنها ينتعش الاقتصاد مع تشغيل مئات الآلاف من الشباب فى هذه المنطقة الواعدة.
البداية
يقول عادل الغضبان محافظ بورسعيد: بورسعيد قاطرة التنمية فى البلاد حيث إنها مدخل مصر من جهة الشمال الشرقي، ومن ضمن المشروعات التى تسهم فى تنمية بورسعيد تنفيذ أكبر ميناء محورى على مستوى العالم ، حيث سيضم أكبر نسبة فى حجم التجارة العالمية، وتقوم 9 شركات مقاولات تشرف عليها القوات المسلحة ، كما يتم تنفيذ أكبر منطقة لوجيستية وأكبر منطقة حرة صناعية.
قيمة مضافة
ويقول اللواء الدكتور إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية لعلوم التكنولوجيا والنقل البحري: المشروع القومى فى غرب بورسعيد يعد من أهم المشروعات القومية التى تشيدها مصر بأياد مصرية وهذا المشروع يعتبر قيمة مضافة للتجارة والخدمات اللوجيستية فى المنطقة، وترجع جدوى المشروع الى عدة عوامل منها التوافق فى رؤية الأكاديمية فى هذه المنطقة المهمة فى شرق بورسعيد كمحور اقتصادي، ليقام بها العديد من المشروعات العملاقة ، وتعتبر قيمة مضافة مع التنمية والمزارع السمكية فى فرع بورسعيد بعد فترة توقف، وهناك استفادة من موقع المشروع فى مجال النقل الدولى واللوجيستيات وهذا التخصص هو الأنسب لبورسعيد.
ويشير اللواء إسماعيل عبد الغفار إلى أن ميناء غرب بورسعيد يعد عامل جذب للمستثمرين فى منطقة غرب شاملة لتطوير المنطقة بمتطلباتها لأنها تعد من أهم المناطق الاقتصادية فى مصر، نظرا لقدرة ميناء بورسعيد ومكانته التى كان عليها مع إعادة المنطقة لوجيستيا للتطوير، وإن ميناء غرب بورسعيد يعد من أهم الموانئ المصرية ويعتبر أكبر ممر ملاحى لقناة السويس نظرا لموقعه المتميز على مدخلها بالشرق ويعتبر أكبر ميناء عبور فى العالم.
وليد جديد
وهناك بروتوكول تعاون بين الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى ببورسعيد ، وهيئة الميناء ، وقد شاهدنا منظومة عمل هائلة داخل خلية نحل منظمة ونكاد نجزم بأن العاملين بها كالمحاربين على أرض المعركة، مصرون على الإنجاز وتحدى الذات من أجل رؤية «وليد جديد» ينير للأجيال القادمة طريقا مليئا بالأمل والتفاؤل نحو مصر جديدة وعملاقة أمام العالم أجمع.
قاطرة العبور الاقتصادى
ويقول الدكتور محمد على إبراهيم مدير الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى فى بورسعيد وعميد معهد النقل الدولى واللوجيستيات للدراسات العليا : مشروع شرق بورسعيد هو مشروع قومى مهم، أعدت الدولة العدة لتنفيذ هذا المشروع ليكون قاطرة العبور الاقتصادى لمصر نحو اجتياز الأزمة الحالية إلى الرخاء الاقتصادي، وهذا المشروع من المشروعات الصناعية المهمة واللوجيستية والتى توجد قيمة مضافة للسلع التى تمر عبر قناة السويس للاستفادة من موقع مصر المتميز الفريد، وتنفيذ هذا المشروع يتطلب دعامات ثلاث أساسية ومتطورة، وهى : استحداث نظم إدارية وتشريعية حديثة لتشغيل هذا المشروع ، وأيضا إعداد كوادر بشرية مؤهلة للنهوض بالإنتاج، وتنفيذ البرامج عن طريق «الهارد وير» وإن الجهد واضح فى أن الدولة تقوم ببذل جهود ضخمة فى منطقة شرق وغرب بورسعيد الصناعية، والمفروض أن تكون الحوافز حسب الإنتاج مثل المنتج سواء كانت صناعات حديثة واستحداث نظم عالمية لحسن إدارة وتشغيل هذه المنظومة التى تتطلب وجود عمالة على درجة عالية من الكفاءة والخبرة على التعامل مع النظم العالمية المتوقع استقطابها من جميع أنحاء العالم ، ومن هنا اشتركت أكاديمية النقل البحرى وتفاعلت مع هذا المشروع القومى الضخم المهم، وأنشأت فرعا فى بورسعيد ليكون فى منطقة مهمة فى العالم، كما أننا نقدم دراسات فى المجالات الإدارية والتشريعية وانعقاد المؤتمرات لرفع الكفاءة الإدارية، وأيضا تقوم الأكاديمية العربية فرع بورسعيد فى مجال واسع بالنسبة للوجيستيات سواء على مستوى البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراه للعمل فى هذا المجال وأيضا للإداريين والمهندسين المتخصصين فى شتى المجالات المختلفة وخاصة الاستزراع المائى »السمكي« وعلوم الصيد والإعلام واللغات وعلوم الحاسب، فهى منظومة متكاملة تخرج متخصصين لتخدم التنمية المستدامة فى مفهومها الشامل، كما أن الأكاديمية تقوم بتدريب موجه الى سوق العمل، حيث أتاح فرع بورسعيد 4 آلاف فرصة عمل فى العامين السابقين، وتم اختيار متدربين وفقا لاحتياجات سوق العمل الفعلية حتى لا يعتبر التدريب هدرا فى الأموال وإحباطا للشباب، بل هو استثمار فى رأس المال البشرى وهو أغلى ما تملك مصر وإتاحة فرص عمل لهم .
كما أن الأكاديمية تجهز لإنشاء أكبر مركز للتحكيم التجارى والبحرى لتسوية المنازعات التى قد تنشأ لا قدر الله دون اللجوء إلى الخارج، فإن مصر هى دولة المقر ومصر تستشعر مسئوليتها الاجتماعية والتنموية وتتجاوب معها.
ويقع ميناء غرب بورسعيد على المدخل الشمالى لقناة السويس ويعتبر أحد أهم الموانى المصرية نظرا لموقعه المتميز على مدخل أكبر ممر ملاحى فى العالم ، وتبلغ المساحة الكلية للميناء 29كم المساحة المائية تبلغ 1.7كم والمساحة الأرضية تبلغ 12كم، ويتميز الميناء بأن العمل فيه موزع على شكل محطات مستقلة ، فهناك محطات الصب الجاف (الغلال) ومحطات الحاويات، ويبلغ عدد الأرصفة بالميناء 37 رصيفا ، تنقسم الأرصفة إلى أرصفة للبضائع العامة ، ورصيف دحرجة ، ورصيف اليخوت، ومحطات الركاب ، وكل محطة عبارة عن مجموعة أرصفة مع منطقة العمل الخاصة لها بما فى ذلك الساحات والمستودعات والمعدات ومراكز الصيانة.
رصيف تداول حاويات
ويقول المهندس على حسين النحال مدير مشروع المنطقة الخامسة بغرب ميناء شرق التفريعة ببورسعيد: المشروع عبارة عن رصيف تداول حاويات المرحلة الأولى بطول 5كم موزعة على 9 أرصفة وموزعة على 9 شركات عملاقة منها شركتان تابعتان ل»المقاولون العرب» تعملان فى رصيفين هما: رصيف «4» ورصيف «5»، وإن الرصيف الواحد طوله 500 متر بساحات خلفية لتداول الحاويات بطول 500 متر ، وكل رصيف مقسم على جهتين بينهما قناة ملاحية عرضها 500 متر .
وتقوم هيئة قناة السويس بتكريك هذه المنطقة ما بين الأرصفة بعمق 22 مترا، والرصيف مكون من أربعة محاور، المحور الأول عبارة عن 143 ماسورة بعمق 68 مترا بقطر 2 متر تحت سطح الأرض، وهناك ستائر معدنية طولها 36 مترا، بالإضافة إلى تركيب شماعات الرباط وهى (عبارة عن حديدة يربط عليها المركب على الرصيف) والمصدات المطاطية «الفنادر»، وتركب على قضبان الأوناش اللازمة لتحميل وتداول الحاويات وبالنسبة للمقاولين العرب فإن عدد العاملين فى هذا المشروع 450 ما بين مهندس وفنى وعامل ووناش وحفار.
وتم إنجاز العمل فى حوالى 60% من المشروع والعمل الضخم فى المشروع هو الخوازيق ، وهناك ماكينات عملاقة تقوم بدقها ، وهى أول مرة تعمل فى مصر ، وبالنسبة للأنفاق فإن شركتى المقاولون العرب وأوراسكوم تقومان بعمل أنفاق 50 مترا تحت سطح المياه 2 نفق للسيارات ، ونفق واحد للسكة الحديد ، وجار العمل حاليا فى نفقى السيارات.
تذليل العقبات
ويقول المهندس حاتم الحمايمى مدير مشروع إدارة الأساسات إن المشروع كحجم عمل سوف يتم فى الوقت المحدد له، وهو سنة واحدة للأرصفة وسنتان للمشروع ككل، وفى الظروف العادية فإن هذا العمل وبهذا الحجم لا يقل العمل به عن خمس سنوات، ولكن الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تقوم برفع أعباء كثيرة وتقوم بتذليل العقبات التى تقف أمامنا سواء كانت عقبات فى العمل أو فى المواد الخام من حديد التسليح بكميات كبيرة وأقطار مختلفة ومواصفات محددة مع توفير الأسمنت الكافى للمشروع وكذلك المواسير أو السواتر المعدنية ، وإن نسبة الخوازيق فى المنطقة الرابعة وصلت إلى 95% وبالنسبة للمنطقة الخامسة فإن نسبة الإنهاء منها وصلت إلى 70% والعمل هنا فى غرب بورسعيد لا يتوقف على مدار ال 24 ساعة فى اليوم وتعمل كل وردية 12 ساعة، وجميع الشركات التى تعمل فى المشروع هى شركات مصرية 100%.
ويضيف أنه نظرا لطبيعة الأرض فى الميناء لابد من عمل «إحلال» لها ، أى نقوم برفع كميات الأتربة وحفر على أعماق كبيرة ثم نقوم بردم هذه الأرض مرة أخرى بالرمال لكى يتم صب الخرسانة الأسمنتية ، بحيث تستطيع المعدات الثقيلة أن تتحرك فى الموقع ، ولكن بدون عمل ذلك فإن المعدات سوف تغطس فى الأرض ، وجميع المعدات التى نعمل بها معدات ثقيلة جدا وهى عبارة عن 8 أوناش فى شركة المقاولون العرب وزن كل ونش 100 طن و3 أوناش وزن كل ونش 600 طن، و8 معدات حفر خوازيق بأعماق تصل إلى 72 مترا تحت سطح الأرض.