وظائف خالية اليوم 3209 فُرص عمل جديدة في 59 شركة خاصة تنتظر شباب 14 محافظة    رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر يلتقي نظيره البرازيلي في جنيف    نسب وأرقام.. أول تعليق من حزب الأغلبية على «القائمة الوطنية» المتداولة ل انتخابات مجلس الشيوخ    جاسمين طه زكي: نشأت في بيت سياسي ودخولي الإعلام قوبل باستهجان    الزراعة: المجازر الحكومية تستقبل أكثر من 9800 أضحية أول أيام العيد    من الصلاة والأضاحى للاحتفالات.. بلاد العرب تستقبل عيد الأضحى.. ألعاب نارية وكرنفالات.. زيارة المقابر فى الكويت.. المغرب بدون "النحر" للمرة الأولى و"الرومى" بديل الأضحية.. مشهد مهيب للصلاة بالمسجد الحرام    الطيران الإسرائيلي يحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت    القناة 12 الإسرائيلية: مقتل جندي خلال معركة جنوب قطاع غزة    زيزو في أولى كلماته كأهلاوي: "جئت لأرض التاريخ... كل الطرق تؤدي للجزيرة"    ضبط سيدة دهست عامل تسببت في وفاته بالمقطم    وزارة الداخلية توزع هدايا على المواطنين ابتهاجا بالعيد.. صور    حمزة العيلي يكشف تأثير فيلم «إكس لارج» على الجمهور وأجره المتواضع في العمل    نجوم الفن يحتفلون بعيد الأضحى: تهاني وطرافة على السوشيال ميديا    وزير الأوقاف يشهد صلاة الجمعة بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة    جولات ميدانية للتأكد من جاهزية مستشفيات الأقصر خلال عيد الأضحى    الصحة: إجراء 2 مليون و728 ألف عملية جراحية    الرئيس النمساوي يهنئ المسلمين بعيد الأضحى المبارك    مظاهر احتفالات المواطنين بعيد الأضحى من حديقة الميريلاند    مراسلة "القاهرة الإخبارية": المصريون يقبلون على الحدائق العامة للاحتفال بعيد الأضحى    هل خالف ترامب قواعد الفيفا ب"حظر السفر" قبل مونديال الأندية؟ .. "BBC" تجيب    باكستان تدين الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    الهيئة الوطنية للإعلام تنعى الإذاعية القديرة هدى العجيمي    حضور مصرى بارز فى مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربى    قرار تاريخي.. اعتماد فلسطين عضو مراقب بمنظمة العمل الدولية باكتساح    حالة من الاستقرار في أسعار اللحوم الحمراء بالأسواق أول أيام عيد الأضحى المبارك    السياحة تشكل غرفة عمليات لتلقي الشكاوى خلال إجازة عيد الأضحى    صحة الأقصر تتابع سير أعمال مستشفى الحميات فى أول أيام اجازة العيد    خاف من نظرات عينيه وبكى بسبب أدائه.. هكذا تحدث يوسف شاهين عن المليجى    جبر الخواطر.. محافظ القليوبية يشارك الأيتام فرحة عيد الأضحى ويقدم لهم الهدايا    حكم من فاتته صلاة عيد الأضحى.. دار الإفتاء توضح التفاصيل    جوزيه بيسيرو يهنئ الزمالك بعد الفوز بلقب كأس مصر    أهالى بنى سويف يلتقطون الصور السيلفى مع المحافظ بالممشى السياحي أول أيام عيد الأضحى المبارك    الهلال الأحمر المصري يشارك في تأمين احتفالات عيد الأضحى    محافظ دمياط يحتفل بمبادرة العيد أحلى بمركز شباب شط الملح    نانسي نور تغني لزوجها تامر عاشور في برنامج "معكم منى الشاذلي"|فيديو    تركي آل الشيخ يطرح البرومو الدعائي لفيلم "The seven Dogs"    حبس المتهم بقتل شاب يوم وقفة عيد الأضحى بقرية قرنفيل في القليوبية    لا تكدر صفو العيد بالمرض.. نصائح للتعامل مع اللحوم النيئة    «وداعًا للحموضة بعد الفتة».. 6 مكونات في الصلصة تضمن هضمًا مريحًا    روسيا: إسقاط 174 مُسيرة أوكرانية فيما يتبادل الجانبان القصف الثقيل    وفاة الملحن محمد كرارة.. تعرف على موعد ومكان الجنازة    محافظ الشرقية يلتقط صور تذكارية مع الاطفال بمسجد الزراعة بعد أداء صلاة العيد    إقبال ملحوظ على مجازر القاهرة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    مواعيد مباريات الجمعة 6 يونيو - تصفيات كأس العالم.. والمغرب يواجه تونس    وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد لبنان: لا استقرار دون أمن لإسرائيل    تعرف على سعر الدولار فى البنوك المصرية اليوم الجمعه 6-6-2025    محافظ جنوب سيناء يؤدي صلاة العيد بشرم الشيخ ويوزع عيديات على الأطفال    فرحة العيد تملأ مسجد عمرو بن العاص.. تكبيرات وبهجة فى قلب القاهرة التاريخية    محافظ الفيوم يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك بمسجد ناصر الكبير.. صور    أجواء من المحبة والتراحم تسود قنا بعد صلاة عيد الأضحى المبارك وتبادل واسع للتهاني بين الأهالي    مدح وإنشاد ديني بساحة الشيخ أحمد مرتضى بالأقصر احتفالا بعيد الأضحى    عاجل - موضوع خطبة الجمعة.. ماذا يتحدث الأئمة في يوم عيد الأضحى؟    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك    سنن وآداب صلاة عيد الأضحى المبارك للرجال والنساء في العيد (تعرف عليها)    «ظلمني وطلب مني هذا الطلب».. أفشة يفتح النار على كولر    بالفيديو.. استقبال خاص من لاعبي الأهلي للصفقات الجديدة    «3 لاعبين استكملوا مباراة بيراميدز رغم الإصابة».. طبيب الزمالك يكشف    المثلوثي: جمهور الزمالك نمبر 1.. وناصر منسي: سنبني على تلك البطولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة قانونية في دستورية العزل السياسي
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 06 - 2012

الحياة لا تسير في أي بلد من البلدان‏,‏ أستاذ القانون الدولي
ومنها بالطبع مصرنا العزيزة المحروسة علي وتيرة واحدة قوامها السلام والأمن والهدوء, بل تفاجئها بين الفينة والفينة, بعض من النوازل والحوائج والنوائب, تحدثها الحروب أو الثورات أو الاضطرابات الداخلية, تجتاز خلالها أوقاتا عصيبة تتعرض فيها سلامتها وأمنها لأشد الاخطار إلي الحد الذي تقصر معه التشريعات العادية عن مواجهة هذا الظرف الاستثنائي, ويكون من المتعين معه الالتجاء إلي مواجهة ذلك الظرف باتخاذ إجراءات استثنائية تمكنها من السيطرة علي زمام الأمن في البلاد, وتساعدها علي المحافظة علي كيانها وسلامتها.
ويجمع القاصي والداني في مصر, أن الأوضاع السياسية, والأمنية, والاقتصادية, وغيرها منذ إقصاء النظام السلطوي المستبد البائد, وبعد ثورة25 يناير المجيدة قد تغيرت بشكل كبير, مما استلزم علي المؤسسات الدستورية في البلاد, ومنها البرلمان, والمجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يصدرا قانونا يعدل مباشرة الحقوق السياسية والمدنية في مصر, والذي يعرف شعبيا بقانون العزل السياسي, وقد تعلل نفر من المعارضين لذلك القانون, بأن القانون المشار إليه ينتهك الحقوق الأساسية للإنسان والتي تأتي حقوقه السياسية في الاقتراع والترشح للمناصب السياسية وغيرها, موقع القلب والجوهر من هذه الحقوق, وتشدق هؤلاء بأن مصر إحدي الدول الأطراف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يكفل للأفراد في دولهم ذات السيادة الحق في مباشرة الحقوق المشار إليها.
ناصر هؤلاء البعض الذين زعموا بأن المحكمة الدستورية العليا ذاتها سبق وأن قضت بتنفيذ الحقوق الأساسية للإنسان التي كفلها الدستور واعترافها أيضا بالقيم والأعراف العليا العالمية, التي تفوق الأحكام الدستورية في مجال حقوق الإنسان, فضلا عن أن سيادة القانون تعد أساسا للشرعية الدستورية, وضرورة خضوع جميع الجهات في الدولة لسيادة القانون, بيد أن هؤلاء المتشبثين بعموم نصوص العهد أغفلوا عمدا النصوص الصريحة المباشرة لذلك العهد, وتحديدا المادة الرابعة منه والتي تنص علي أنه: في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة, والمعلن قيامها, رسميا, يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضي هذا العهد, شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخري المترتبة عليها بمقتضي القانون الدولي وعدم انطوائها علي تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. ولقد حدد العهد الحقوق الأساسية للإنسان التي لا يجوز للدول أطرافه أن تقوم بتقييدها, وليس من بين هذه الحقوق: الحق في مباشرة الحقوق السياسية والمدنية, حيث تحدث عن الحق في الحياة, والتحرر من التعذيب, والتحرر من العبودية, وحرية العقيدة.
ما من شك أن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر الجديدة بعد ثورة52 يناير المجيدة قد تبدلت وتطورت, وقد يكون ما قضت به المحكمة الدستورية العليا بالأمس لا يتناسب ولا محالة مع ظروف اليوم, فإذا كانت المحكمة الدستورية العليا في ظروف الأمس أي ما قبل ثورة52 يناير قد انحازت وبحق للحقوق الأساسية للإنسان والحريات العامة لجميع المواطنين المصريين, بيد أن الأمر جد مختلف مع ظروف اليوم, أي الظروف الأمنية والسياسية في المقام الأول, والتي أصبحت تتهدد مع استمرار بقايا النظام البائد القديم التي تعيث في الأرض فسادا, ولا تهنأ بأي استقرار أو سلم أو أمن لهذا الوطن الحبيب, مما يستدعي المحكمة أن تعدل عن بعض أحكامها القديمة التي أصبحت لا تواكب التطورات الثورية, والظروف الاستثنائية الحاصلة والمتغيرة الآن في مصر الجديدة.
جلي أن مصر ليست من الدول التي يقرر نظامها القانوني مبدأ حجية السابقات القضائية والمعروف في النظام القانوني الأنجلوسكسوني, ومن ثم فليس هناك ما يحول دون مراجعة بعض المبادئ التي قررتها الأحكام السابقة للمحكمة, والتي كانت قد قررتها وسنتها في ظروف عادية طبيعية, لا تمت بأي صلة لواقع الحال الآن في مصر, فالحاجة ماسة إلي مراجعة الأحكام السابقة للمحكمة الموقرة, والوضع في الاعتبار ما طرأ بعد صدور هذه الأحكام بسنين عدة من تطورات سياسية, واجتماعية, واقتصادية تستوجب تلك المراجعة.
ويظل الأمر في النهاية مرتبطا بسياسة المحكمة ومدي قدرتها علي التوفيق بين اعتبارات الاستقرار والاستمرار, واعتبارات الرجوع إلي الحق حين يتكشف وجه الخطأ.
إن نظرية الضرورة التي أقرتها الأنظمة الدستورية المتتابعة في ألمانيا تنادي بأن الدولة أوجدت القانون, لتحقيق مصالحها, فلا تخضع له إذا كان تحقيق هذا المصالح يتنافي مع أحكامه, فالقانون وسيلة لتحقيق غاية هي حماية الجماعة, فإن لم تؤد القواعد القانونية إلي تحقيق هذه الغاية فلا يجب علي الدولة الخضوع للقانون وعلي الحكومة أن تضحي به في سبيل الجماعة, من ذلك أنه إذا صادفت الحكومة ظروف خطيرة تهدد السلامة والنظام العام, يمكنها عندئذ مواجهة الحال باتخاذ تدابير سريعة هي أصلا من اختصاص السلطة التشريعية وأن الحكومة تكون في مثل هذه الأحوال مضطرة إلي العمل تحت مسئوليتها بكل ما تملك من الوسائل, وعلي البرلمان بعد ذلك أن يصلح الأمور بتصديقه اللاحق علي ما صدر مخالفا للقانون.
لقد تبنت العديد من المحاكم الدستورية في أوروبا, ومن بينها الألمانية والنمساوية والإيطالية, مبدأ قانونيا مهما وهو العدول عند مبادئها القانونية السابقة, والتي اعتنقتها بمناسبة الفصل في الدعاوي الدستورية, مما يعني نقص الحجية المطلقة لأحكامها, وذلك في حالة واحدة وهي إذ تغيرت الظروف والأوضاع للمجتمع لاعتناقه أفكارا جديدة وقيما تؤدي إلي إمكانية تغيير في الحكم في المسألة الدستورية, وعللت هذه المحاكم اعتناقها مبدأ دستوريا جديدا, وقضاءها المختلف عما سبق أن أصدرت من أحكام دستورية تخالف ما ارتأته من قبل يأتي استنادا إلي أن من سلطاتها اعتناق أفكار وقيم جديدة للمجتمع عبر عنها الدستور ضمنا, وما يمكن أن يعكس تفسيره من تأويلات مختلفة في ظل تطور الظروف, والتطورات اللاحقة في المبادئ الأساسية للنظام القانوني لما يمكن أن تؤدي إليه هذه التطورات من حلول مختلفة.
إن عدول المحكمة الصريح عن بعض السوابق أمر يبعث علي الثقة, بها ويكشف عن مدي حرصها علي مواكبة التطورات المختلفة الحاصلة في السياق المجتمعي المصري, مؤثرة التعرض للصدمة الناتجة عن هذا العدول, من الالتجاء إلي تصورات وتفريعات مصطنعة لتبرير الخروج علي السوابق القديمة التي تكتشف عدم ملاءمتها للواقع القانوني والسياسي والمتغير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.