أعرض اليوم حكاية «يا رايحين للنبى الغالي.. هنيالكم وعقبالي» من عدة جوانب مهمة: أولها اننى أقدمها يوم وقفة عيد الأضحى بعد غد الأحد 11/9 وتودع فيها الفنانة القديرة ليلى مراد الحجاج المسافرين إلى المدينةالمنورة لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم، والصلاة ركعتين فى الروضة الشريفة حيث يقول الرسول الكريم »ما بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة«، وثانيها أننى أقدمها يوم 9 سبتمبر الحالى الذى يوافق ذكرى رحيل السنباطى التى تحييها أسرته وأقاربه فى منزله بمصر الجديدة وهو الذى قدم لنا روائعه اللحنية التى ستبقى فى وجدان الجماهير مئات السنين وأذكر منها »مصر تتحدث عن نفسها« التى استمعنا إليها فى ذكرى الاحتفال بافتتاح قناة السويس الجديدة بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى وكبار رجال الدولة »وقف الخلق ينظرون جميعا.. كيف ابنى قواعد المجد وحدي.. وبناة الأهرام فى سالف الدهر كفونى الكلام عند التحدي.. ما رمانى رام.. وراح سليما.. من قديم عناية الله جندي« إلى أن نصل إلى البيت الشهير الذى قاله حافظ إبراهيم ولم يسبقه شاعر قبله أو بعده ليصل إلى معناه »أنا إن قدر الإله مماتي.. لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي« بمعنى أن مصر لو حدث لها أى مكروه لا قدر الله لانهار وسقط الشرق كله، وكذلك رائعته »طوف وشوف لعبدالفتاح مصطفى وعبر فيها عن أجمل معالم مصر السياحية« طوف وشوف فى بلدنا واتفرج وشوف.. ضفتين بيقولوا أهلا والنخيل واقف صفوف.. وابتسامة شمسنا أجمل تحية للضيوف »ولا ننسى رائعته الدينية التى غنتها أم كلثوم« »القلب يعشق كل جميل.. ويام شفت جمال يا عين.. واللى صدق فى الحب قليل.. وإن دام يوم ولا يومين« للشاعر الكبير بيرم التونسى إلى أن نصل إلى أروع ما كتبه عن المدينةالمنورة »جينا على روضة هالة من الجنة.. فيها الأحبة تنول كل ما تتمني.. فيها طرب وسرور.. وفيها نور على نور.. وكاس محبة يدور.. واللى شرب غني« وهو نفس المعنى الذى نعرضه فى رائعة اليوم »يا رايحين للنبى الغالي.. هنيالكم وعقبالي« وتتلخص حكايتها فى أن الفنانة القديرة ليلى مراد شعرت وملأ الحب قلبها لزيارة قبر الرسول متمنية أن تحظى بهذه الزيارة مثل كل المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها الذين يتطلعون ويبتهلون إلى الله ويكثرون الدعاء لكى يكتب لهم هذه الحجة المباركة وزيارة مكةالمكرمة والطواف حولها والسعى بين الصفا والمروة وكل مناسك الحج وفى مقدمتها الوقوف على جبل عرفات، وتجمعت كل هذه الأمنيات وغمرت قلبها وسط انشغالها بفيلمها السينمائى الرائع »ليلى بنت الأكابر« الذى تقوم فيه بدور البطولة مع أنور وجدى وإسماعيل يس وسليمان نجيب وزكى رستم، ووسط اصرارها على تحقيق رغبتها فى الحج، أبلغها المسئولون عن الفيلم أن انقطاعها عن اتمام دورها وتعطيل التصوير فى الأماكن التى تم تحديدها سيتسبب فى تحقيق خسائر مادية فادحة لا تتحملها الميزانية المخصصة لإنتاج الفيلم وربما تؤدى إلى إلغائه أو تأجيله فاضطرت ليلى مراد استجابة للمسئولين أن تبقى فى القاهرة لاستكمال مهمتها السينمائية باحثة عن وسيلة أخرى تعوضها عن تأجيل زيارتها للرسول، فطلبت من الكاتب والشاعر الملهم أبوالسعود الإبيارى أن يكتب لها أغنية تودع فيها المسافرين لأداء فريضة الحج على أن يقوم صديقها الموسيقار رياض السنباطى بتلحينها شخصيا بنفسه لثقتها فيه كموسيقار كبير وعلم السنباطى بما حدث وابدى استعداده الكبير لتحقيق رغبتها وطلب منها أن تتسلم الكلام وتأتى إليه فى فيلته (فيلا راوية 8 شارع إسماعيل الفلكى مصر الجديدة) وبعد لقائهما وترحيب الأسرة بها وعدها بأنه سيترك كل شيء من أجل أن يتفرغ لتلحينها وبالفعل دخل صومعته كالمعتاد عندما يطلب منه عمل فنى كبير وقرأ السنباطى النص الكامل لأغنية »يا رايحين للنبى الغالي.. هنيالكم وعقبالي« وكان فى قمة سعادته بهذه الكلمات الرائعة للشاعر أبوالسعود الابياري، وظل لأكثر من أسبوعين ممسكا بعوده (والمعروف أن السنباطى عازف متمكن على آلة العود لا يضاهيه أحد فى ذلك) وانفعل السنباطى بمذهب الأغنية وهو يغنى بصوته والدموع تسيل من عينيه وهو فى قمة خشوعه ورهبته وتأثره البالغ بالرسول لتدخل عليه زوجته (كما علمت من الأسرة) وتسأله ماذا بك؟، فيطلب إليها أن تجلس إلى جواره لتستمع منه إلى مطلع الأغنية حكاية اليوم ويستهل الغناء بكلمة الله الله أربع مرات إلى أن يصل للمقطع »يا ريتنى كنت وياكو.. وأروح للهدى وأزوره .. وأبوس من شوقى شباكه.. وقلبى يتملى بنوره وأحج وأطوف سبع مرات.. وألبى وأشوف منى وعرفات.. وأقول ربى كتبها لي.. يا رايحين للنبى الغالي«، وتتأثر زوجته بأدائه الرائع وتسعد به وتقول له مبروك ل ليلى مراد ويارب يا رياض تتكتب لك زيارة النبى الغالى كما تقول الأغنية ووسط اندماجه فى اللحن يطلب منها الاتصال ب ليلى مراد وإبلاغها بانتهاء اللحن وأن تحضر غدا فى المساء لتحفظ معه الأغنية وتسعد بهذا الخبر وتحضر فى الموعد المحدد وتجلس إلى جواره وتغنى معه على العود بعد أن حفظت المذهب وارتاحت له »أمانة الفاتحة يا مسافر ل مكة.. تأدى فرض الله.. حترجع والإله غافر ذنوبك.. لما نلت رضاه« وتندمج معه أكثر فى الشطر الذى يقول »يا ريتنى معاك فى بيت الله.. وأزور وياك حبيب الله.. هنيالك وعقبالي.. يا رايح للنبى الغالي« وترددها مع السنباطى مرات ومرات وهى فى قمة سعادتها وفرحتها بالموسيقار الكبير الذى حقق لها أمنيتها بأغنية أبوالسعود الابيارى التى عوضتها عن زيارة الرسول عليه الصلاة والسلام وبقائها فى القاهرة لاستكمال الفيلم ويتم تسجيل الأغنية فى الاستوديو وتحصل ليلى مراد على نسخة من مهندس الصوت وتهديها إلى الإذاعة لتكون واحدة من أجمل أغانى الحج التى تتغنى بها الأجيال المتعاقبة من حجاج بيت الله الحرام كل عام وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.