2- يخطئ كثيرا أولئك الذين يدخلون إلي بلاط صاحبة الجلالة ويتوهمون إمكان الجمع بينها وبين أي اهتمام آخر لأن الصحافة لاتعرف الزوجة الثانية ولاتقبل لها ضرة! أريد أن أقول بوضوح: إن كل من يعمل في هذه المهنة الشاقة لابد أن يؤهل نفسه لحياة غير طبيعية قد يصبح فيها النهار ليلا والليل نهارا. والذين قالوا منذ زمن بعيد إن الصحافة هي مهنة البحث عن المتاعب لم يكونوا مبالغين وإنما كانوا يقررون واقعا حيا وملموسا لأنه ليس بإمكان الصحفي أن ينأي بنفسه عما يعكر صفو الإنسان وإنما عليه أن يستقبل دون امتعاض أنباء الكوارث والفواجع والأوبئة والزلازل وجرائم القتل والسرقة والاغتصاب وأن يسرع بالتعامل معها حتي لو اضطر إلي أن يرسم ابتسامة مصطنعة علي شفتيه وهو يجري ويلهث وراء مصادر الأخبار بحثا عن الحقيقة وطلبا للمعرفة! باختصار شديد أقول: إنه ليس هناك صحفي بمعني كلمة صحفي يستطيع أن يعيش بعيدا عن القلق.. فالصحافة هي القلق ذاته ومن لا يقلق يفوته قطار الصحافة دون أن يدري! وليس مبعث ومصدر القلق في حياة الصحفي هو الانفراد والتخلف فقط وإنما المناخ المسموم الذي يتحول بالتنافس إلي عراك وخصام وعداوة ربما تصل إلي حد اللدد ومن ثم فإن علي الصحفي أن يحصن نفسه ضد المقالب التي يمكن أن تدبر له عن طريق دس أخبار غير صحيحة عليه أو إيهامه بمستندات ووثائق يثبت في ساعة الجد أنها مستندات ووثائق مزورة تجعل من الصحفي ضحية وكبش فداء! ومهنة الصحافة شأنها شأن المهن الأخري بها ضرائب غير مباشرة منها علي سبيل المثال أن يجد الصحفي نفسه مضطرا لأن يسمع نكاتا ثقيلة من بعض ثقلاء الدم وأن يبتسم معربا عن رضاه لا لشىء إلا لكي يجد بابا مفتوحا يدلف منه إلي خبر مهم أو خبطة صحفية مثيرة! وغدا حديث آخر.. خير الكلام: إذا تكلم الثعبان سال السم من فمه! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله