أي زهو ذلك الذي يحس به المرء وهو يتنقل بين جدران معابد الأقصر حيث كانت عاصمة مصر القديمة طيبة فيسترجع في ذاكرته معارك رمسيس الثالث كما لو أنها حدثت بالأمس القريب.. فجدران المعابد تحمل وصف تلك المعارك الطاحنة والانتصارات المذهلة التي حققتها عبقرية وفروسية أجدادنا القدامي. ومع تقدم الزمن وتقدم العلم توصل المصريون إلي ورق البردي واستخدموه مع جلود الحيوانات بعد دبغها في إصدار الصحف والنشرات التي توزع علي ذوي الشأن والحيثية من رجال الدولة وقد احتوت نسخ من هذه الصحف والمجلات أنباء وتحليلات علي درجة كبيرة من الأهمية تتناول أحداث الحروب وكفاءة الجيش وتنقلات القادة. وليس من قبيل المبالغة أن نعترف بأن مثل هذه المواد الصحفية التي نشرت منذ آلاف السنين تماثل وتطابق- إن لم تتفوق- علي ما يكتبه المراسلون الحربيون والمحررون العسكريون في الصحف هذه الأيام. إن من يود أن يحتفظ بطاقة الأمل في قدرة هذا الوطن وعظمة هذا الشعب عليه أن يتوقف بالتأمل مع عهد الملك مرن رع ليستوعب أخبار الحروب والمعارك التي أنجزها قائده العسكري حرحوف ودونها بنفسه علي جدران مقبرته بأسلوب روعي فيه الدقة والإيجاز. ثم ماذا عن جبروت تحتمس الثالث إنه أعظم ملوك الأسرة الثامنة الذي أنجز سبع عشرة حملة عسكرية حقق النصر فيها جميعا وسجلها علي أعمدة معابد الأقصر والكرنك. هكذا كانت مصابيح الحضارة تشع بنورها من فوق أرض مصر منذ آلاف السنين تحميها قوة عسكرية قادرة وتساندها صحافة عسكرية متخصصة من قبل أن تعرف الدنيا شيئا عن الكلمة المكتوبة أو يصطلح علي وجود مهنة اسمها مهنة الصحافة. والخلاصة أن مصر ليست حديثة العهد باحترام وتقدير قواتها المسلحة وإنما هي أول دولة عرفت هذه الأخلاقيات الحميدة عن طريق بوابة الصحافة العسكرية في زمن الانتصارات والفتوحات التي صنعها أجدادنا القدامي قبل أكثر من خمسة آلاف عام عندما كان للصحافة دور ملموس في شحذ الهمم ورفع المعنويات وحشد الأمة كلها خلف الأهداف السياسية والعسكرية المنشودة. خير الكلام: شرف نباهي الدنيا به... وبناء للمعالي لا يداني! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله