لا تخطيء العين, مبني جريدة النهار في وسط العاصمة اللبنانية بيروت,تلك الصحيفة العلامة التي أسسها ورعاها كبير الصحافة اللبنانية غسان تويني,الذي رحل قبل أيام عن عمر يناهز 86 عاما. لتبقي شاهدا علي بصمات كبيرة في الحياة لهذا الرجل العملاق كما يعرف. غسان تويني اسم لايحتاج إلي ألقاب أو تعريف,هو صاحب تجربة مهنية فريدة لها تقاليد وقراء ليس في لبنان وإنما من المحيط إلي الخليج. عاش ومات وهو في ضمير اللبنانيين رمزا للتنوير والتسامح والفخر. جسد المعني العظيم للصبر علي الابتلاء. فقد وهو علي قيد الحياة الزوجة ناديا حمادة والأبناء الثلاثة نايلة وكرم وجبران. اختبار قاس ومحنة حقيقية, تعامل معها بصبر وإيمان يحسد عليهما. لم يستسلم لعمق الأحزان, وإن كانت موجعة وإنما استلهم صبر الصابرين. كانت المحنة الأولي في وفاة الابنة نايلة وهي في السابعة من عمرها إثر إصابتها بالسرطان, ثم زوجته ناديا, فقد توفيت بعد أربع سنوات من وفاتها بالمرض نفسه, ثم وفاة الأبن مكرم في حادث سير في فرنسا, وهو في ربيع العمر, ثم اغتيال نجله النائب والكاتب الصحفي, جبران تويني, في تفجير سيارة مفخخة, 2005, وبذلك رحل آخر فرد من أفراد عائلته الصغيرة. يومها كان في باريس وعاد في الليلة نفسها إلي بيروت, اتصل بفريق التحرير بالجريدة ليملي عليهم عنوان الصفحة الأولي في اليوم التالي, وهو العنوان الذي صدرت به الصحيفة علي ثمانية أعمدة: جبران لم يمت.. والنهار مستمرة. وبالقوة نفسها, وقف تويني في مأتم ابنه يدعو إلي التسامح والتعالي عن الأحقاد. سيبقي غسان تويني في الوجدان, قيمة بعطائه, رمزا بتضحياته, رائدا بتجربته, فارسا في مواجهة قسوة الحياة, نبيلا في حب الوطن, كريما في الإيثار, معلما للأجيال, مثقفا رفيعا كأنموذج للكاتب والسفير والبرلماني, وأبا وفيا وجدا يترك رصيدا وميراثا زاخرا بكل ما له معني وقيمة في الحياة. وتفخر الآن الحفيدة نايلة التي تتحمل المسئولية في النهار والبرلمان بأنها من صلب غسان وجبران. المزيد من أعمدة ماهر مقلد