غيّب الموت، اليوم الجمعة، الإعلامي غسان تويني، والملقب ب «عملاق الصحافة اللبنانية»عن عمر يناهز 86 عامًا، ونال غسان هذا اللقب؛ بسبب عراقة صحيفة «النهار» التي تملكها عائلته، والتي خرجت أجيالا من الإعلاميين، وأرّخت لعقود من أحداث المنطقة. هو ابن عائلة أرثوذكسية عريقة من الأشرفية، شرق بيروت، ولد عام 1926، وتخرج من الجامعة الأميركية في بيروت، في عام 1945، في قسم الفلسفة، ثم حصل على ماجستير في العلوم السياسية من جامعة «هارفرد» في الولاياتالمتحدة. دخل البرلمان و لم يبلغ الخامسة والعشرين من عمره، وشغل مناصب وزارية مهمة، وكان مندوب لبنان الدائم في الأممالمتحدة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، في أوقات عصيبة، تخللها خصوصًا اجتياحان إسرائيليان... ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه "عراب" القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 1978، والذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من لبنان، الأمر الذي لم يُنفذ حتى العام 2000.
تزوج غسان تويني، في الخمسينيات من الشاعرة ناديا تويني، متحديًا وإياها كل التقاليد والأعراف، كونها متحدرة من عائلة درزية عريقة من جبل لبنان... ورزق الزوجان بثلاثة أولاد، نايلة التي توفيت في السابعة إثر إصابتها بالسرطان، ومكرم الذي قُضي في حادث سير في فرنسا، وهو في ربيع العمر، وجبران الذي كان في الثامنة والأربعين عندما قتل. أما زوجته ناديا، فقد توفيت بعد أربع سنوات من وفاة ابنتها بالمرض ذاته... وتزوج غسان تويني مرة ثانية من شادية الخازن، عام 1996.
من أبرز مؤلفاته "اتركوا شعبي يعيش" في 1984، و"حرب من أجل الآخرين" عن الحرب الأهلية اللبنانية في 1985، و"سر المهنة وأسرار أخرى" في 1995... كتاب "لندفن الحقد والثأر، قدر لبناني" وهو عبارة عن سيرة ذاتية، تروي محطات مهمة من حياة الصحافي والسياسي والدبلوماسي والإنسان.
كتب غسان تويني آلاف الافتتاحيات في صحيفة «النهار»، وزُجَّ به في السجن؛ بسبب جرأته ومواجهته السلطات في عز نفوذ ما كان يعرف ب «المكتب الثاني» (استخبارات الجيش) في الحياة السياسية على الدولة، في حقبة الستينات وأوائل السبعينات.
تركت السنوات آثارها على وجه غسان، إلا أنه ظل يطل عبر محاضرات أو حلقات تلفزيونية خاصة أو منتديات ثقافية، بشعره الأبيض ونظارتيه الكبيرتين وسيجارته، وصوته الهادىء الواثق، يروي خبرات حقبة واسعة من تاريخ لبنان الحديث.
جاهر غسان تويني بإيمانه المسيحي، إلا أنه آمن، كما كتب، بأن "جوهر لبنان الرسالة هو الديمقراطية التي يجب أن يكون عاصمتها... أي ألا يستوطنه الإرهاب، ولا تتخمر في أرضه الأصوليات أيًا تكن، مسيحية كانت أم إسلامية لا تمييز".. كما دعا إلى عروبة الحداثة والتجديد والانفتاح.