الذي يعود إلي حقبة الانتداب الفرنسي علي لبنان،أسس الصحيفة جبران تويني الأب الذي توفي في العام 1948 فتسلم "النهار" ابنه غسان تويني بعدما ترك قسرا دراسته الجامعية في الولايات المتحدة• اخذت جريدة النهار دورا اساسيا في معركة الاستقلال ومعركة ما بعد الاستقلال، ثم تتالت مواقف هذه الصحيفة في القضايا اللبنانية الداخلية والعربية، لتحقق أسبقية عن غيرها من الصحف بسبب قدرة القائمين عليها علي الوصول إلي مصدر الحدث وايصاله للقراء• وانطلاقا من كل هذه الأسباب يأتي خبر الاستغناء عن هذا العدد من الموظفين خبراً مقلقاً بالنسبة لقراء الصحف الورقية، إذ يأتي هذا الحدث عقب انهيار مؤسسات صحافية عالمية، لم تتردد في الإعلان عن خسائرها المالية الكبري من الصحف الورقية وترجيح كفة الصحافة الإلكترونية علي الصحافة المطبوعة لأنها أقل كلفة من تكاليف الطباعة والورق• فهل هذا السبب أيضاً يكون من ضمن الأسباب التي دفعت بصحيفة "النهار" إلي تقليص عدد موظفيها بهدف تخفيف الأعباء المالية؟ • وفي الحقيقة أن صحيفة "النهار" تحظي بانتشار واحترام واسع محليا ، وعربيا عبر موقعها الإلكتروني خاصة أن لها ملاحق يومية منوعة تغطي احتياج القارئ اللبناني والعربي، أي أنه رغم كونها صحيفة محلية فإنها مقروءة عربياً وعالميا، لاسيما بعد مواقفها السياسية التي لا تحمل أي مهادنة والتي كان ثمنها اغتيال جبران تويني الابن • القائمون علي الصحيفة أعلنوا أن هذه الخطوة لا تعني انهيار إمبراطورية تويني الصحفية،وان الامر لا يعدو كونه اعادة هيكلة علي خلفية وطأة الازمة المالية التي تمر بها كل القطاعات• ولو ان المسألة حدثت في غير صحيفة لربما كانت مرت مرور الكرام ولكن موقع النهار مختلف وهي تصدر منذ اكثر من 75 سنة دون انقطاع ولها ما لها من وزن محلي واقليمي ودولي• وأن عملية الصرف تمت بعد دراسة علمية وهي ظاهرة صحية وتأتي ضمن خطة إصلاحية لتفعيل عمل المؤسسة وإضفاء نوعية أفضل علي إنتاجها• نأمل أن يكون هذا الكلام دقيقا تماما، ولا يحمل ناقوس انذار لوجود الصحافة الورقية ككل، لاسيما مع توالي مؤشرات في عدة صحف عربية (خليجية) أخري قامت أيضا بالاستغناء عن عدد كبير من العاملين فيها، من إدارين ومحررين، ولم تحتفظ إلا بالموظفين الجديرين بالبقاء في مناصبهم،وأيضا تقليص عدد صفحات الصحيفة المطبوعة وإلغاء العديد من الملاحق تخفيضاً للنفقات، وذلك بسبب تأثير الأزمة المالية العالمية التي أدت بطبيعة الحال إلي ركود في سوق الإعلانات التي تحقق دخلا أساسياً للصحف• أما في مصر فتواجه الصحافة الورقية محنة في خسائرها المادية وتضخم هياكلها الإدارية والتحريرية ، خاصة الصحف الحكومية المسماة (القومية)، مما حدا بالحكومة أن تقرر دمج المؤسسات الخاسرة والتي ذهب ضحيتها عشرات من الصحافين والإدارين الذين تم الاستغناء عنهم•