في الوقت الذي أكد فيه علماء الإسلام رفضهم للتجاوزات التي تصدر عن بعض المنتسبين إلي التيار الإسلامي, كواقعة البلكيمي التي أثيرت قبل أشهر, وما يثار حاليا حول عضو البرلمان بالقليوبية, اكدوا كذلك رفضهم استغلال تلك الوقائع الفردية والمتاجرة بها ومحاولة الإساءة للدين وتعميم الحكم السلبي ضد من يسمون بالإسلاميين أو التيار الإسلامي بسبب ما يصدر عن بعض الشخصيات. وأكد العلماء أن تصرفات المنتسبين للإسلام ليست حكما علي الدين مهما تكن درجة التزامهم أو سمتهم وهيئتهم, وان الإسلام بشريعته هو الحاكم للجميع الضابط لهم. ويقول الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية, أنه علي الرغم من سماحة الإسلام وعظمة شريعته في إسعاد البشرية ونشر روح الود والإخاء بين البشر, فإننا قد نجد بعض المسلمين الذين يخطئون أو يقصرون في تطبيق قواعده التي ينادي بها وأرساها..ومن عجب أن يحكم البعض علي الإسلام بسلوك هؤلاء المقصرين, وكأن سلوك المسلمين أو تدينهم حجة علي الدين. ويضيف: إن شريعة الإسلام شريعة حاكمة للعباد وتصرفاتهم, وليست محكومة بما يصنعون أو يصدر عنهم من سلوك..لذا فيجب أن نفرق بين أمرين مهمين هما الدين والتدين, فالدين هو ما أنزله الله وأمر به عباده, أما التدين فهو تطبيق الدين المتمثل في أوامر الله, وإنزال تلك الأوامر علي أرض الواقع..ومعلوم أن المسلمين مختلفون في تدينهم, وبدرجات متفاوتة وقد يكون البعض تدينه منقوصا أو خاطئا لخلل في الشخص نفسه.. أما الدين فقد أعطاه الله صفة الكمال والتمام, لقوله تعالي اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا.. ومن ثم كان الدين حجة علي العباد وليس العكس. وأوضح أبو طالب أن الإسلام الصحيح يقاوم كل اتجاه ينزع إلي التشدد والغلو والتنطع في الدين, ولكننا قد نجد مسلما يخطئ فهم نصوص الإسلام فيكون به نوع من التشدد أو الغلو أو ما شابه ذلك, وهذا ليس بغريب فالمسلمون بشر يصيبون ويخطئون, أما الدين الحق فقد نزهه الله من الخطأ والزلل والباطل.. فالإسلام كنظام إلهي يضبط العالم ولكن لا يمكن إلزام جميع الخلائق به, أو حتي اتباعه بتنفيذ تعاليمه, ذلك أن الله تعالي بعد أن بين القواعد التي تضبط سلوك الناس في معاملاتهم فيما بينهم وبين العباد, وبين المنهج السليم في التعامل في شتي شئون الدنيا والآخرة..بعد كل ذلك علم أن بعض الناس بحكم بشريتهم قد يحيدون عن هذا المنهج ومنهم من لا يلتزم بتطبيقه كما ينبغي..من أجل ذلك شرع العقوبات وبين الجزاءات التي تقع علي المخالفين في الدنيا والآخرة, بل وفوق ذلك بين الجهة التي تطبق هذه الجزاءات وهي القضاء. ومن هنا فإن وجود مخالفين لمنهج الإسلام من أتباعه حتي الملتزمين سمتا وشكلا, الذين يحسن مظهرهم دون جوهرهم, فذلك أمر طبيعي وليس ببعيد, وإلا فما الحاجة إذن إلي العقوبات التي هي جزء أساسي من التشريع الإسلامي؟ لذلك فمن الخطأ أن يحكم علي الإسلام بما يفعله المخالفون ففي ذلك ظلم عظيم للإسلام.من جانبه رفض الدكتور ناصر محمود وهدان أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة قناة السويس استغلال الأحداث الفردية التي يقع فيها بعض أتباع التيار الإسلامي في إثارة الشبهات والفتن ضد الإسلام وأتباعه, لاسيما من قبل أجهزة الإعلام المختلفة التي تحاول توجيه الأحداث لتنفير الرأي العام من كل ما هو إسلامي, دونما وجه حق أو سند من حقيقة, وناشد الإعلام التزام الحياد والموضوعية تجاه المشتبه فيهم ممن تجري معهم التحقيقات, وعدم التشهير أو تجريحهم قبل انتهاء التحقيقات, وأوضح أنه إذا كانت إحدي قواعد القانون تقول بأن المتهم برئ حتي تثبت إدانته, فلا يجوز لنا أن ننصب أنفسنا قضاة ونتعامل معهم كمجرمين قبل أن يثبت ضدهم أي اتهام, هذا بالإضافة إلي أنه يجب أن نعلم أن من تثبت إدانته فإنما يعبر بتجاوزه عن نفسه ولا يعبر عن الإسلام ككل. وقال وهدان إن التعامل مع تجاوزات أو المخالفات التي يقع فيها بعض المسلمين الملتزمين شكلا يعكس نوعا من الخلل في إفهام بعض أطياف المجتمع, حيث نجد الناس يتعاملون مع هذا الصنف من الناس وكأنهم معصومون من الخطأ, هذا بالإضافة إلي خطأ تعميم الأحكام علي كل من يتشابه معهم في الهيئة ووضع الجميع في سلة واحدة وهذا ظلم كبير لهم. الأمر نفسه يؤكده الدكتور عبد الله كامل إمام وخطيب وباحث إسلامي, مشيرا إلي أنه إذا كان الله عز وجل قد فصل في حسابه بين العباد كل حسب عمله ونيته, وقال في كتابه العزيزولا تزر وازرة وزر أخري, فلا يجوز لنا كبشر أن نعمم ونصدر أحكاما مطلقة علي فئة أو تيار أو فصيل بأكمله بأنه فاسد لمجرد فساد شخص أو اثنين مثلا, لاسيما إذا كان هذا التيار يضم عشرات الآلاف من المنتسبين له, وأكد أن الخلل حينئذ يكون في الأشخاص وليس بالضرورة أن ينسحب ذلك علي الفصيل أو التيار كله خاصة إذا أعلن رفضه هذا السلوك المنحرف وتبرأ منه.