لم تكن نبروه تعرف أن مساء ذلك اليوم سيظل محفورًا في ذاكرتها كأحد أبشع فصولها.. أب يُفترض أن يكون السند، يتحوّل إلى قاتل يطارد البراءة داخل بيته، ويترك مدينة بأكملها غارقة في صدمة لا تنتهي. - الطعنة الأولى.. زوجة لا تعود في محل أدوات منزلية صغير تملكه «نجوى»، الزوجة الثانية، بدأت الشرارة؛ حضر الزوج في محاولة يائسة للصلح، طالبًا منها التراجع عن قرار الطلاق.. رفضت بثبات، فطلب منها الصعود إلى «السندرة» لمحادثة هادئة بعيدًا عن العيون. لكن الهدوء تحول إلى طوفان دماء، حين استل سكينًا وسدّد إليها 13 طعنة متفرقة في جسدها، قبل أن يتركها غارقة في دمائها ويفر هاربًا. - أطفال في حضن الموت لم يكتف القاتل بما فعل، ترك زوجته تنزف في محلها، وعاد إلى بيته الآخر حيث يسكن أطفاله الثلاثة من زوجته الأولى المتوفاة؛ كانوا ينتظرونه ببراءة، ربما ليحكي لهم حكاية قبل النوم، أو يربت على رؤوسهم الصغيرة ليعوضهم عن غياب الأم. لكن القادم لم يكن دفئًا، بل موتًا مكتومًا. اقرأ أيضًا | أسرة زوجة قاتل أولاده: طلبت الطلاق فطعنها 13 مرة.. وعاملت أطفاله كأبنائها - اللحظة الفاصلة.. حين توقفت أنفاس الصغار دخل الأب غرفة أطفاله بخطوات متثاقلة. اقترب من السرير الأول وكتم أنفاس طفلته حتى توقفت شهقاتها الصغيرة.. انتقل إلى الثاني، الذي حاول أن يقاوم ببكاء قصير، لكنه لم يجد سوى يد قاسية تُطبق على صدره وتمنع عنه الهواء.. أما الثالث، فلم يسعفه الوقت ليفهم ما يحدث؛ لم تدم محاولاته الصغيرة للدفع أو التوسل أكثر من لحظة، قبل أن يسقط صامتًا بجوار لعبه. لم يكن هناك ضجيج، فقط سكون ثقيل اخترق البيت فجأة، وكأن الزمن نفسه توقّف احترامًا لرحيل البراءة. - المنشور الأخير.. وجسد على القضبان هرب الأب من البيت، لكنه لم يهرب من ذنوبه.. كتب على صفحته في «فيسبوك»: «محمد ومريم ومعاذ ماتوا في الشقة.. روحي لهم هناك».. ثم اتصل بجدة الأطفال بصوت بارد يكرر نفس الكلمات. بعدها توجّه إلى شريط القطار بمدينة طلخا، وألقى بجسده أمامه ليتحول إلى أشلاء متناثرة، معلنًا النهاية بنفسه. - مدينة تبكي ولا تنسى في شوارع نبروه، تحوّلت الصدمة إلى دموع ودعوات.. أمهات يضممن أبناءهن بخوف، وجيران يتساءلون بذهول: كيف تحول الأب، رمز الحماية، إلى آلة قتل؟ أما الأطفال فيسألون ببراءة: هو بابا ممكن يقتل ولاده؟ سؤال بلا إجابة، لكنه يطارد كل من سمع القصة. - قصة اغتيال الأمان لم تكن مذبحة نبروه مجرد جريمة قتل؛ كانت اغتيالًا للأمان، وجرحًا مفتوحًا في قلب الإنسانية، أب قتل زوجته ب13 طعنة، وخنق أطفاله الثلاثة، ثم ألقى بنفسه تحت القطار. ترك وراءه ثلاثة وجوه بريئة لن تكبر أبدًا، ومدينة بأكملها تعيش على صدى سؤال واحد: كيف ينهار السند ليصير خنجرًا؟!