محافظ المنوفية: 647 مليون جنيه حجم استثمارات الدولة في قطاع التعليم قبل الجامعي    وزارة البيئة نفذت حملات تشجير موسعة خلال العامين الماضيين    محافظ الجيزة يوجه رؤساء المراكز والأحياء بالتوسع فى إنشاء منافذ بيع السلع    حزب الله: دمرنا المنظومات التجسسية في موقع مسغاف عام الإسرائيلي    بوتين يحدد شروط وقف الحرب في أوكرانيا    يورو 2024 – ناجلسمان: وجود كروس مهم للغاية.. واسكتلندا فريق مزعج    "هيروين وهيدرو وشابو وسلاح ".. الداخلية تلاحق تجار الكيف الأسود في 4 محافظات    24 مليون جنيه حجم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    "أولاد رزق3 وأهل الكهف".. سينمات تعرض أفلام جديدة في العيد ب 40 جنيها للتذكرة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الكبير بالمحلة    تفعيل غرف الطوارئ.. توجيهات عاجلة من وزير الري بشأن الاستعداد لعيد الأضحى    الجيش الإسرائيلي: اعتراض 11 طائرة معادية انطلقت من لبنان    الرئيس الروسي: موسكو ستوقف إطلاق النار وتبدأ المحادثات مع كييف في هذه الحالة    بسبب الأمواج.. الجيش الأمريكي يدرس تفكيك الرصيف العائم قبالة غزة    للسنة الثانية على التوالي، جامعة الوادي الجديد ضمن تصنيف التايمز للتنمية المستدامة    "بعد بيان بيراميدز".. رئيس منظمة مكافحة المنشطات يكشف تفاصيل جديدة في أزمة رمضان صبحي    وسام أبو علي يغيب عن قمة الأهلي والزمالك    وزير التنمية المحلية يهنئ الرئيس السيسي ورئيس الوزراء و شيخ الأزهر بعيد الأضحى    مساهمو "تسلا" يقرون حزمة تعويضات ضخمة لإيلون ماسك    إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين على الطريق الزراعي بالقليوبية    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بمدخل مدينة قنا الجديدة    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الزراعي بالقليوبية    ضبط شخص بتهمة النصب على المواطنين بتوريد أختام شعار الجمهورية بالفيوم    منح دراسية ومنتدى.. وزير التعليم العالي يلتقي نظيره البيلاروسي لبحث سُبل التعاون    فيديو جديد.. حنان ترك تهنئ جمهورها بعيد الأضحى المبارك    "المسرح التجريبي" يكرم "بانوراما برشا" الحائز على جائزة العين الذهبية بمهرجان كان    اليوم يوم التروية.. تعرف على سنن وأعمال للحاج في هذا اليوم    مقام سيدنا إبراهيم والحجر الأسود في الفيلم الوثائقي «أيام الله الحج»    يلقيها الشيخ بندر بليلة.. خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة (بث مباشر)    هيئة الدواء: 4 خدمات إلكترونية للإبلاغ عن نواقص الأدوية والمخالفات الصيدلية    فحص 694 مواطنا في قافلة متكاملة بجامعة المنوفية    وزير التنمية المحلية يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    بايدن يتجول بعيدا فى قمة ال "G7" ورئيسة وزراء إيطاليا تعيد توجيهه.. فيديو    تبدأ من 220 جنيها| تعرف على أسعار اللحوم الحمراء بمنافذ التموين    وزارة الثقافة تعلن فعاليات برنامج عيد الأضحى بقطاعاتها.. اعرف التفاصيل    مهرجان المسرح التجريبي يكرم فريق بانوراما برشا الفائز بالعين الذهبية في كان    إزالة مخالفات بناء بمدن 6 أكتوبر والشروق والشيخ زايد وبنى سويف الجديدة    وزير الإسكان: جار إجراء التجارب لتشغيل محطة الرميلة 4 شرق مطروح    تشكيل ألمانيا المتوقع ضد اسكتلندا في افتتاح كأس الأمم الأوربية 2024    ضبط لصوص المواد البترولية من أحد خطوط البترول بالقليوبية    تفاصيل ضبط أخطر تشكيل عصابى تخصص فى النصب الإلكترونى بالشرقية    الكشف على 902 مواطن فى قافلة طبية مجانية بدشنا فى قنا ضمن "حياة كريمة"    الكشف على 902 مواطن في قافلة طبية مجانية بدشنا ضمن «حياة كريمة»    مواقيت الصلاة.. موعد آذان المغرب يوم عرفة 2024    أزهري يوضح موعد ذبح الأضحية.. والصيغة الصحيحة لتكبيرات العيد    «غرفة أزمات مركزية».. خطة وزارة الصحة لتأمين احتفالات عيد الأضحى وعودة الحجاج    يورو 2024| إنجلترا يبحث عن إنجاز قاري في المجموعة الثالثة.. فيديوجراف    الجيش الأمريكى يعلن تدمير قاربى دورية وزورق مسير تابعة للحوثيين    أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 14-6-2024 في قنا    صفارات الإنذار تدوي في كريات شمونة بسهل الحولة والجليل الأعلى شمالي إسرائيل    إنبي: زياد كمال بين أفضل لاعبي خط الوسط في مصر.. ولا أتوقع تواجده في الأولمبياد    مصطفى فتحي يكشف حقيقة بكائه في مباراة سموحة وبيراميدز    باسل عادل: لم أدع إلى 25 يناير على الرغم من مشاركتي بها    حاتم صلاح: فكرة عصابة الماكس جذبتني منذ اللحظة الأولى    سموحة يرد على أنباء التعاقد مع ثنائي الأهلي    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 14 يونيو: انتبه لخطواتك    جامعة الدلتا تشارك في ورشة عمل حول مناهضة العنف ضد المرأة    مستقبلي كان هيضيع واتفضحت في الجرايد، علي الحجار يروي أسوأ أزمة واجهها بسبب سميحة أيوب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين»
«هناَ أرندت» واليهودية الليبرالية (141)
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 08 - 2016

والسؤال إذن: مَنْ هى هناَ أرندت؟ وما هى اليهودية الليبرالية؟
وما العلاقة بينهما؟ هناَ أرندت فيلسوفة ألمانية تتلمذت لفيلسوفين ألمانيين مشهورين هما مارتن هيدجر وكارل يسبرز. نالت درجة الدكتوراه وعمرها 22 عاماً، ولكنها هربت من ألمانيا إثر استيلاء هتلر على السلطة فى عام 1933. وفى عام 1940 رحلت إلى أمريكا حيث عينت فى نهاية المطاف أستاذة للعلوم السياسية بكلية المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية، وهى مدرسة تتميز بإعادة النظر فى مفهوم التنوير.
وفى عام 2013 صدر كتاب عنوانه الرئيسى إرث اليهودية الليبرالية وعنوانه الفرعى المحادثة المختبئة بين أرنست كاسيرر وهناَ أرندت. ثم أعيد نشره فى هذا العام وهو من تأليف ند كورثيز أستاذ الدراسات الانجليزية والثقافية بجامعة استراليا الغربية. وواضح من عنوان الكتاب بشقيه الرئيسى والفرعى أنه يدور حول العلاقة بين إرث اليهودية الليبرالية من جهة وآراء كل من كاسيرر وأرندت من جهة أخرى.
يتميز هذا الإرث بأن تاريخه متجدد فى مواجهة التحديات المعاصرة. وكانت لدى أرندت رغبة عارمة فى تبنى رؤية يهودية دنيوية، أى يهودية مشاركة فى الثقافة المعاصرة، وهى ثقافة يقال عنها إنها ثقافة ما بعد التنوير الألمانى اليهودى فى نهاية القرن الثامن عشر، وهى ثقافة تتميز باتجاهها نحو التأثير فى اليهود الذين هم ليسوا يهوداً بمعنى اليهود الذين تركوا المجتمع اليهودى أو هربوا منه، ومن أمثالهم الفيلسوف اليهودى سبنوزا. ومن هنا تركز اليهودية الليبرالية على أهمية التاريخ اليهودى فيما بعد الشتات- فى تشكيل الهوية اليهودية مع مراعاة تنوع المصادر الدينية والأدبية والثقافية فى اليهودية المعاصرة، وكذلك مع مراعاة دمج أفكار المفكرين من غيراليهود، من أمثال كانط، فى الفلسفة اليهودية. والغاية من كل ذلك أن تسهم اليهودية الليبرالية فى تكوين هوية يهودية ذات سمة علمانية ومتفاعلة مع العالم غير اليهودى حتى تصبح هوية إنسانية كونية فى مواجهة اليهودية القومية المنغلقة. وكانت أرندت فى هذه الرؤية متأثرة بأستاذها كاسيرر الذى كان قد ارتحل إلى أمريكا وبقى فيها حتى وفاته فى عام 1945. كان ناقداً حاداً للفلسفة الحديثة التى وقعت فى براثن المذاهب المادية التى كانت شائعة فى القرن التاسع عشر، كما كان ناقداً حاداً لاشتراكية هتلر التى هيمنت على الفكر الأوروبى، ومن هنا كان انحيازه للتنوير على نحو مايراه كانط والمتمثل فى سلطان العقل والذى بمقتضاه يكون الفيلسوف هو المشرع للعقل الانسانى. وفى هذا السياق كان كاسيرر ناقداً حاداً للفيلسوفين الألمانيين هيدجر و شبنجلر اللذين كانا لهما تأثير هائل على العقل الألمانى فيما بين الحربين العالميتين من حيث تنبؤهما بانحلال الحضارة. الأول وهو هيدجر كان يقول عن الانسان إنه المُلقى، أى إنه الموجود الذى يولد بلا هوية. وعند تأسيسه لهويته فإنه يؤسسها فى إطار حياته مع الناس ومن ثم يفكر كما يفكر الناس ويحكم كما يحكم الناس، أى يصبح مجرد نسخة من كائن بلا اسم هو الناس وبذلك يقضى الإنسان الفرد على فردانيته، أى على وجوده الحقيقى.
أما هناَ أرندت فلم تكن ترى فى التنوير ما كان يراه أستاذها كاسيرر من حيث رؤيته للعقل ،على أنه مجاوز للزمان وللتاريخ، بل كانت على الضد من ذلك إذ كانت ترى العقل فى مسار الزمان والتاريخ. وأظن أن سبب ذلك مردود إلى انشغالها بالمسألة اليهودية. ولا أدل على صحة هذا الظن من أنها نشرت مقالا فى عام 1932 عنوانه التنوير والمسألة اليهودية وجاء على النحو الذى ارتأته. وبعد ذلك نشرت مقالاً فى عام 1943 عنوانه يحتمل رفاهية الانسحاب من العالم بل هو على الضد من ذلك، إذ وهو ينتقل من بلد إلى آخر يكون فى الوقت نفسه من طليعة هذا البلد أو ذاك. ومعنى ذلك أن التاريخ اليهودى ليس منفصلاً عن تاريخ البلدان الأخرى. وإذا قيل عن اليهودى المهاجر إنه يهودى منبوذ فرأى هناَ أرندت أن هذا المنبوذ هو أيضا فى علاقة حميمة مع الشعب الذى يحيا معه. ومن ثم يكون اليهودى كمهاجر أو كمنبوذ تراثاً مستتراً فى الشتات اليهودى. ومن هنا جاء اهتمام أرندت بتحليل الشخصية اليهودية فارتأتها شخصية مكتسبة، ولكن بالرغم من أنها مكتسبة فإنها لا تبارح اليهودى وبالذات يهودى الشتات الذى يرتهن سعادته باحترام مبدأ الاختلاف، ومن هنا فإن شعاره لا أحد يكون حراً إلا إذا أصبح الكل أحراراً. ومن هنا يقال إن الالتزام بالثقافة اليهودية التزام فى الوقت نفسه بتحرير الانسان فى أى بلد كان.
وأظن أن رؤية هناَ أرندت جديرة بأن نكون على وعى بها فى ضوء تنفيذ بنود المعاهدة المصرية الاسرائيلية التى من أهمها البند الثالث من المادة الثالثة وهو على النحو الآتى:
يتفق الطرفان على أن العلاقات الطبيعية التى ستقام بينهما ستضمن الاعتراف الكامل بالعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والثقافية، وانهاء المقاطعة الاقتصادية والحواجز ذات الطابع المتميز المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع.
ومغزى هذا البند أن التطبيع الثقافى لازم من لزوم المعاهدة، ومن ثم فإن منعه يعنى عودة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل المعاهدة، أى إلى العداوة. والمفارقة هنا أن مَنْ يدعو إلى التطبيع الثقافى يتهم بالخيانة من المثقفين المصريين.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.