حزب الجيل يقدم قائمتيه في شرق وغرب الدلتا ويستكمل فرز ملفات المترشحين    «المشاط»: الحكومة تُحرز تقدمًا في ملف تمكين القطاع الخاص وتهيئة مناخ الاستثمار    وزيرة التضامن عن مساعدات غزة: نفذنا أكبر عملية إغاثة إنسانية على مستوى العالم في آخر 30 سنة    تاريخ المشاركات العربية في كأس العالم    حماية المستهلك بالشرقية تضبط 8.5 طن زيت طعام مجهول المصدر وورشة لتزييف عبوات العلامات التجارية الشهيرة    انتصار جديد لشيرين عبدالوهاب على روتانا    افتتاح منفذ لبيع إصدارات هيئة الكتاب بمكتبة مصر العامة في أسوان    وزير الخارجية: مصر تدعم كافة المبادرات التي تهدف لبناء أطر شبابية عربية مستدامة    صندوق النقد يشيد بدور الرئيس السيسي في قيادة جهود عملية السلام    "التعليم" ترفع درجة الاستعداد القصوى بالمدارس لمواجهة فيروس "الميتانيمو"    رسائل حب من المصريين للرئيس عبد الفتاح السيسى: صانع السلام.. فيديو    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    تجميع 33 ألف 417 طن قش أرز بالشرقية    برشلونة يُحصن نجمه بعقد طويل الأمد وشرط جزائي خرافي    كريم فؤاد يجرى أشعة رنين لتحديد موعد انتظامه فى تدريبات الأهلى    التعليم توجه المديريات بخطوات جديدة لسد العجز في المدارس للعام الدراسي الحالي    محافظ أسيوط يتفقد موقع حادث تروسيكل مصرف قناطر حواس    وزير التعليم: 88% من طلاب أولى ثانوي اختاروا نظام "البكالوريا المصرية"    السجن المؤبد والمشدد في جريمة قتل بطوخ.. جنايات بنها تُصدر أحكامها على 12 متهما    عريس ال Ai.. أول قانون يواجه ظاهرة زواج البشر من روبوتات الذكاء الاصطناعى    صعود جماعي لمؤشرات البورصة بجلسة الأربعاء بتداولات تتجاوز 5 مليارات جنيه    الشيوخ الأمريكى يفشل فى فتح الحكومة للمرة الثامنة والإغلاق يدخل أسبوعه الثالث    وزير الثقافة: قافلة مسرح المواجهة والتجوال ستصل غزة حال توفر الظروف المناسبة    افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية "التراث الأثرى الإيبروأمريكى" بمكتبة الإسكندرية    «القوس بيعشق السفر».. 5 أبراج تحب المغامرات    بعد تعيينه شيخاً للمقارئ أحمد نعينع: أحمد الله على ما استعملنى فيه    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    تعرف على منتخبات أفريقيا المشاركة في كأس العالم 2026    انطلاق فعاليات اليوم العالمى لغسيل الأيدى بمدارس سوهاج    اليوم العالمى لغسل اليدين.. خطوات بسيطة لتحضير صابون سائل من مكونات طبيعية    وزير الصحة يبحث إنشاء مراكز تدريب للجراحة الروبوتية فى مصر    كرم الضيافة    البلدي يتراجع 4 جنيهات، أسعار كرتونة البيض اليوم الأربعاء ببورصة الدواجن    وزير الدفاع الألماني: إذا اختبر بوتين حدودنا فسنرد بحزم    36 جامعة مصرية فى تصنيف التايمز    مصر تعين سفيرا جديدا في إثيوبيا    رئيس مجلس النواب يستقبل السفير محمود كارم رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    مصر والأردن يفتتحان اجتماع المجلس الوزاري المشترك الثالث لوزراء المياه والزراعة العرب    اللجنة الخاصة: استثناء "فوات الوقت" في استجواب النيابة للمتهمين    منال عوض: مصر تمضي بخطى ثابتة نحو تعزيز الإدارة المستدامة للمخلفات الإلكترونية    الإغاثة الطبية بغزة: 170 ألف مواطن فلسطيني استقبلوا بمستشفيات القطاع خلال عامين    مانشستر يونايتد يوافق على تجديد عقد كاسيميرو    ضبط 340 قضية مخدرات و89 قطعة سلاح وتنفذ 62 ألف حكم خلال 24 ساعة    مرتبات أكتوبر ب زيادات جديدة.. الحكومة تُعلن مواعيد الصرف للموظفين بالدولة    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    تهشم سيارة هالة صدقي في حادث سير بالشيخ زايد (تفاصيل)    الاعتداء على مروان البرغوثى في سجون الإحتلال وإصابته بكسر 4 من ضلوعه    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    أسعار الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض الأبيض والأحمر الأربعاء 15 أكتوبر 2025    مجموعة بحري.. نبروه يواجه دكرنس ودمنهور يصطدم ب سبورتنج بدوري القسم الثاني «ب»    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل «القرن الحادى والعشرين» (78)
أزمة التنوير فى ألمانيا
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 06 - 2015

علاقتى بالتنوير بدأت فى المرحلة الجامعية الأولى حين كنت فى السنة الثانية بقسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) فى أكتوبر من عام 1944. وفى أحد أيام شهر يونيو عام 1945 التقيت أستاذى يوسف كرم بمعهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان بالعباسية بالقاهرة وكان فى حينها أستاذاً للفلسفة بجامعة الاسكندرية. وفى عام 1946 أرسلت إليه بحثا أعددته خصيصاً له وكان عنوانه «كانط والميتافزيقا». وكانط هو فيلسوف التنوير فى القرن الثامن عشر ألمانى الجنسية ويعد من أعظم فلاسفة البشرية. كتاباته عسيرة الفهم، ولا أدل على ذلك من أنه نشر موجزاً لكتابه «نقد العقل الخالص» يوضح فيه للفلاسفة ما هو غامض. وفى 18 ديسمبر 1946 تسلمت من أستاذى رسالة تعليقاً على بحثى جاء فى مفتتحها الآتي: «قرأت بحثك وإنى أهنئك فقد بذلت مجهوداً ظاهراً فى تفهم كانط وتلخيصه. ولقد فهمته جيداً وجاء تلخيصك دقيقا وإن لم يخل من الغموض». ثم توالت تعليقاته على البحث صفحة صفحة.
وبعد ذلك قرأت مقالاً كان قد نشره كانط فى عام 1784 بعنوان «جواب عن سؤال: ما التنوير؟». فكرته المحورية رفع الوصاية عن العقل سواء جاءت الوصاية من سلطة دينية أو سلطة سياسية، وفى الحالتين من الوصاية فإن العقل يمتنع عن آن يكون سلطان ذاته، ومن ثم يمتنع التنوير. ومن هنا يلزم رفع الوصاية لقنص التنوير. إلا أن هذا الرفع لن يكون ممكناً إلا إذا كانت لدى العقل الجرأة فى تأدية ذلك الرفع، وهذه الجرأة لن تكون ممكنة إلا إذا أفاق العقل من سباته الدوجماطيقي، أى من نومه الذى يحلم فيه أنه مالك للحقيقة المطلقة. وقد كان لعقل كانط هذه الجرأة فأفاق ثم دعا الآخرين إلى هذه الإفاقة، وقد كان، إذ شاع التنوير فى ألمانيا وفى فرنسا إلى الحد الذى لا يقولون فيه فلاسفة التنوير إنما يقولون «الفلاسفة» وكفي. وكان من شأن إشاعة التنوير قيام الثورة الفرنسية والثورة الأمريكية.
وإذا كان للثورة قانون فقانونها أن لكل ثورة ثورة مضادة. وقد اشتعلت الثورة المضادة عندما استولى هتلر زعيم الحزب النازى على السلطة فى 30 يناير 1933. ومع صعود النازية فى ألمانيا صعدت الفاشية بقيادة موسولينى فى ايطاليا. وكان الفضل فى إفرازهما مردوداً إلى بزوغ مدرسة أُطلق عليها «مدرسة فرنكفورت» أو «معهد البحوث الاجتماعية» بقيادة فيلسوفين يهوديين هما: »تيودور أدورنو(1903-1969) وماكس هوركهيمر(1895-1973). نشرا معاً كتابهما العمدة لهذه المدرسة وعنوانه »ديالكتيك التنوير« (1944). فكرته المحورية أن التنوير ليس إلا خداعا للجماهير لأنه يستند الى ثقافة شعبية هى عبارة عن مصنع لانتاج سلع ثقافية نمطية مثل الأفلام والبرامج الاذاعية والمجلات، والتى كان من شأنها تحويل المجتمع الجماهيرى إلى مجتمع استهلاكى يفرز ملذات عابرة واحتياجات زائفة فى ظل نظام رأسمالى، وأن التنوير على الرغم من أنه هو المسئول عن التقدم الاجتماعى والثقافى والمادى فإنه فى طياته تكمن بذور التراجع إلى أشكال بدائية مضادة للحضارة. وعلى الرغم من أن العقل هو الفكرة المحورية وأنه أساس الحرية والعدالة والحقيقة بحيث تبدو هذه الأفكار وكأنها متجذرة فى العقل فإن التنوير سرعان ما سقط فى الشك إلى الحد الذى لم يبق فى العقل شيئا من اليقين، ومن ثم تحول إلى اللاعقل. ولا أدل على ذلك من أن هوركهيمر نشر مقالاً عنوانه «نهاية العقل» ثم كتاباً عنوانه «أفول العقل» وفيهما يقرر أن المفاهيم الأساسية للحضارة فى حالة تآكل. ثم انضم إليهما فيلسوف ألمانى ثالث اسمه جورجن هابرماس مدافعاً عن ثقافات ما قبل الحداثة التى تعادى العلمانية بعد أن كان مدافعاً عن الحداثة وعن علمانيتها وعن وضعها للعقل فى الصدارة وذلك فى كتابه المعنون «الخطاب الفلسفى للحداثة» (1985). ومعنى ذلك أن هابرماس قد انقلب على ذاته. وقد جاء هذا الانقلاب مواكباً لزيارته لايران بدعوة رسمية أعلن بعدها أنه من المشروع إقامة «حكومة الله» وأن هذه المشروعية تمنعنا من اتهام إيران بأنها ثورة دكتاتورية.والمفارقة هنا أن الاتحاد الدولى للجمعيات الفلسفية قد دعاه لالقاء المحاضرة الافتتاحية للمؤتمر الفلسفى العالمى الثامن عشر ببرايتون بانجلترا فى عام 1988. وكانت هذه المحاضرة رمزاً على بداية انزلاق الاتحاد العالمى نحو الاتجاه المضاد للتنوير. وفى عام 1990 دعوت رئيس الاتحاد إفاندرو أجاتسى للمشاركة فى ندوة بالقاهرة عنوانها «التنوير والثقافة»، وكان عنوان بحثه هو عنوان الندوة ذاتها. فكرته المحورية الدعوة إلى تنوير جديد يتجاوز تنوير كانط بدعوى أن هذا التنوير يتخذ من العقل معياراً أوحد لتقدم العلم و التكنولوجيا، وبالتالى فإنه يستبعد التراث فى حين أن التراث أيا كانت ملته فيه من الحكمة ما يرقى إلى الأسطورة التى من الممكن أن تلهمنا باتجاهات جديدة إزاء الواقع. وبهذا المعنى يمكن القول إن أجاتسى يمتنع عن المفاضلة بين تراث وآخر كما يمتنع عن المفاضلة بين التناقضات فى تراث بعينه. مثال ذلك: لدينا فى التراث الاسلامى ابن تيمية وابن رشد والأول يكفر الثانى ويقصيه. ولدينا فى التراث كذلك الوهابية وحركة الاخوان المسلمين اللتان تستندان إلى ابن تيمية وأغرقت أوروبا فى الارهاب وكانت ألمانيا هى أول بلد يلجأ إليه الاخوان المسلمون فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى بقيادة سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا. وبعدها توالى الزحف إلى بلدان أوروبية أخري. وإثر ذلك شاع مصطلح «الاسلاموفوبيا» أى الرعب من المسلمين. ومن هنا أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لألمانيا فى يونيو 2015، إذ تنطوى على سؤال محوري: ما هو مستقبل الارهاب فى ألمانيا بوجه خاص وفى أوروبا بوجه عام؟
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.