عيار 21 الآن بعد الزيادة الكبيرة.. مفاجأت في أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء بالصاغة    إسرائيل تجدد قصفها لجنوب سوريا بالصواريخ.. وبيان عاجل من جيش الاحتلال    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة كريت اليونانية الآن (بؤرة الزلازل)    تحذير إسرائيلي لسكان غزة من التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات    «قرار نهائي».. الزمالك يرفض عودة نجمه السابق (تفاصيل)    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    من اليوم حتى وقفة العيد، جدول مواعيد القطارات الجديدة على خط القاهرة أسوان    تشييع جثمان محامي كفر الشيخ في جنازه مهيبة وانعقاد دائم للنقابة الفرعية    بيان الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة وموعد ارتفاع درجات الحرارة    موقع نتائج جميع سنوات المرحلة الابتدائية الترم الثاني 2025 بالاسم ورقم الجلوس في الإسماعيلية    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    موعد نهائي كأس مصر بين بيراميدز والزمالك والقنوات الناقلة    اتحاد الكرة يحسم مصير زيزو من المشاركة مع الأهلي في كأس العالم    موعد مباراة البنك الأهلي وإنبي في كأس الرابطة المصرية والقنوات الناقلة    كامل الوزير: لم أحزن لانتقال زيزو إلى الأهلي.. ونريد محمد صلاح جديد    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    احتجزوا زوجته وأولاده الخمسة، آخر تطورات قضية المصري المتهم بتنفيذ هجوم كولورادو    كندا تخطط لإزالة الرسوم الجمركية الصينية على منتجاتها الزراعية    9 ساعات متواصلة، نيابة الأقصر تواصل التحقيقات مع المتهمين في التنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الطفل    زاهي حواس يثير الجدل مجددا: لا دليل أثري على وجود سيدنا إبراهيم وموسى ويوسف في مصر (فيديو)    90.1 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    الفريق أحمد خليفة يعود إلى أرض الوطن عقب زيارة رسمية لدولة رواندا    للتنظيف قبل العيد، خلطة طبيعية وآمنة لتذويب دهون المطبخ    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    الفيفا يرفع إيقاف القيد عن الزمالك في قضية الفلسطيني ياسر حمد    الهلال يسعى لضم كانتي على سبيل الإعارة استعدادا لمونديال الأندية    رئيس الأركان يعود إلى مصر عقب انتهاء زيارته الرسمية إلى دولة رواندا    رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد شراكة وتطوير لإطلاق مدينة «جريان» بمحور الشيخ زايد    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأربعاء 4 يونيو 2025    كامل الوزير يرد على منتقدي المونوريل: ليس في الصحراء.. وتذكرته 50% من تكلفة بنزين سيارتك    حملات مكثفة على المنشآت الغذائية استعدادًا لعيد الأضحى المبارك بالمنوفية    حريق محدود بشقة سكنية بطهطا دون إصابات    اقتداءً بسنة النبي.. انطلاق تفويج حجاج دول العالم الإسلامي إلى منى لقضاء يوم التروية    طفاطف جديدة وخطوط سير في رأس البرّ خلال عيد الأضحى بدمياط    تأخر شحنة مهمة ينتظرها وعطل في المنزل.. برج العقرب اليوم 4 يونيو    تغييرات جوهرية.. توقعات برج الحمل اليوم 4 يونيو    احترس من المبالغة في التفاعل المهني.. حظ برج القوس اليوم 4 يونيو    رشوان توفيق ينعى سميحة أيوب: موهبتها خارقة.. وكانت ملكة المسرح العربي    أبرزهم شغل عيال وعالم تانى.. أفلام ينتظر أحمد حاتم عرضها    مي فاروق توجه رسالة نارية وتكشف عن معاناتها: "اتقوا الله.. مش كل ست مطلقة تبقى وحشة!"    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    البيت الأبيض: ترامب سيشارك في قمة الناتو المقبلة بهولندا    سفير روسيا بالقاهرة يكشف ل«البوابة نيوز» شروط موسكو لوقف الحرب في أوكرانيا    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    "تنمية المشروعات" يواصل دعم الإسكندرية: تفقد مشروعات بنية أساسية وتوقيع عقد تمويل ب30 مليون جنيه    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    لأول مرة.. الاحتلال يكشف أماكن انتشار فرقه فى قطاع غزة..صورة    «قبل ساعات من العيد».. الضأني والماعز يتصدران أسواق الأضاحي بالمنيا عام 2025    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رؤيتى ل « القرن الحادى والعشرين» (47)
خيانة الحضارة
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 10 - 2014

«يزهو انسان هذا القرن بأن له عدواً، وبأن عداوته ترقى إلى حد الاعلان عن ضرورة إبادته، وهو على وعى بأنه وهو يبيده إنما يبيد الحضارة». دارت فى ذهنى هذه العبارة وأنا أقرأ كتاباً كان قد أصدره فيلسوف بريطانى اسمه كارل بوبر فى عام 1945، أى إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية تحت عنوان «المجتمع المفتوح وأعداؤه»،
وكان يقصد أفلاطون من القرن الرابع قبل الميلاد وهيجل وكارل ماركس من القرن التاسع عشر الميلادي. وكان يرى أن الثلاثة معادون للحضارة. والمفارقة هنا أن عدو الحضارة ليس هو رجل الشارع إنما فيلسوف. ومن هنا جاءت عبارته الأولى من مقدمة كتابه على النحو الآتى:
إن هذا الكتاب يثير مسائل قد لا تكون واضحة فى الفهرست. إنه يصور بإيجاز بعض المصاعب التى تواجه حضارتنا، وهى حضارة قد توصف بأن غايتها إشاعة الانسانية والعقلانية والمساواة والحرية. ومع ذلك فهى حضارة مازالت فى مرحلة الطفولة، ولهذا فهى مازالت فى مرحلة التطور بالرغم من خيانة قادتها المثقفة. والكتاب من أجل ذلك يحاول أن يدلل على أن هذه الحضارة لم تتعاف من صدمة مولدها، أى من صدمة الانتقال من المجتمع القبلى أو المجتمع المغلق بما ينطوى عليه من إذعان للقوى السحرية إلى المجتمع المفتوح الذى يحرر القوى الناقدة فى الانسان.والكتاب من أجل ذلك أيضا يحاول أن يدلل على أن الصدمة التى يحدثها ذلك الانتقال هى من العوامل التى أفضت إلى بزوغ هذه القوى الرجعية التى حاولت فيما مضى ومازالت تحاول خلع الحضارة والعودةبها إلى النظام القبلي. والكتاب من أجل ذلك ثالثاً يومئ بأن ما نسميه اليوم نزعة شمولية إنما هى تنتمى إلى حضارتنا قديماً وحديثاً.
أما أنا فأثير السؤال الآتى:
ما مغزى هذه العبارات التى كتبها بوبر فى مقدمة كتابه؟
إنها تعنى خيانة المثقفين أو مَنْ يقال عنهم أصحاب الياقات البيضاء أو أصحاب الجباه العريضة أو إن شئت الدقة قل الفلاسفة على نحو ما يعنيه بوبر.
والسؤال بعد ذلك:
مَنْ هم خونة الحضارة فى القرن الحادى والعشرين؟
إنهم الأصوليون فى كل الأديان بديلا عن الشموليين فى الأنظمة السياسية. وكان يوم 11/ 9 هو يوم خيانة الحضارة عندما حدث انفجار فى مركز التجارة العالمي. والمغزى هنا أن ذلك المركز إنما يمثل أعلى مراحل الثورة العلمية والتكنولوجية، أو بالأدق أعلى مراحل الحضارة الانسانية ومن ثم فتدميره هو تدمير للحضارة. ولكن من الظلم القول بأن الأصولية الاسلامية هى التى انفردت بمحاولة تدمير الحضارة فثمة نفر من أصحاب الجباه العريضة أو بالأدق من الفلاسفة الذين شاركوا بالتمهيد لذلك التدمير، ومن هؤلاء فيلسوفان ألمانيان هما أدورنو وهوركهمير وهما من مؤسسى مدرسة نشأت فى فرانكفورت بألمانيا ولهذا أطلق عليها اسم
«مدرسة فرانكفورت». أصدرا كتاباً فى عام 1943 عنوانه «ديالكتيك التنوير». وإذا كان الديالكتيك ينشغل بالكشف عن المتناقضات فالديالكتيك الوارد فى العنوان إنما يكشف عن التناقض الكامن فى التنوير. فما هو هذا التناقض فى رأى هذين الفيلسوفين؟ فى رأيهما أن التنوير الذى يعنى إعلاء سلطان العقل قد أفرز نقيضه وهواللاعقل المتمثل فى النازية والفاشية فى أوروبا، إذ على الرغم من أن التنوير كان المسئول عن التقدم الاجتماعى والثقافى والمادى إلا أنه كان يحمل فى طياته بذور التراجع إلى أشكال بدائية مضادة. وعلى الرغم من أن العقل هو المفهوم المحورى للتنوير، وأنه أساس الحرية والعدالة والحقيقة بحيث تبدو هذه المفاهيم وكأنها متجذرة فى العقل، أى فطرية، إلا أنه سرعان ما سقط فى المذهب الشكى فلم يبق منه شيء وأصبح بعد ذلك اللاعقل.
وفى عام 1941 نشر هوركهيمر مقالاً فى مجلة «دراسات فى الفلسفة والعلوم الاجتماعية» عنوانها «نهاية عقل»، وفى عام 1946 أصدر كتاباً عنوانه «أفول العقل». ارتأى فى المقال أن المفاهيم الأساسية للحضارة فى حالة تآكل سريع، وكان العقل من بين هذه المفاهيم، إذ لم يعد موضع ثقة وعلى الأخص بعد صعود الفاشية. ومعنى ذلك أن العقلانية أصبحت مخاصمة لذاتها، هذا عن المقال أما عن الكتاب فقد ارتأى فيه أن ثمة علاقة عضوية بين التنوير والتقدم التكنولوجى من جهة وبزوغ البربرية الجديدة من جهة أخرى. ومغزى هذه العلاقة أن التقدم التكنولوجى يصبح خطراً على الحضارة. وهذا هو ما تروج له الأصولية الاسلامية.
ولم تكن مدرسة فرانكفورت هى وحدها المدعمة للأصولية فقد أضيف إليها تيار آخر اُطلق عليه «ما بعد الحداثة» وهو تيار لاعقلانى يرفض التأويل بدعوى أنه يرد الفن إلى معان مجردة ويقيد طاقاته المحررة للإنسان، ومن ثم فإنه يعتبر ثقافة مضادة. وهكذا يمكن القول بأن ثمة سمتين أساسيتين لذلك التيار وهما اللاعقل و رفض التأويل، وهما لا يفترقان لأن مَنْ يرفض العقل يرفض التأويل لأن وظيفة العقل، فى رأيى، لا تقوم فى وصف العالم إنما فى تأويل العالم، إذ العقل ليس صفحة بيضاء يسجل فيه ما يرد إليه من العالم إنما هو قوة فاعلة، أى يضيف من عنده بحيث يرى العالم على نحو مغاير. وإذا كان رفض التأويل هو العلامة المميزة لتيار ما بعد الحداثة فيمكن القول بأن ثمة علاقة عضوية بينه وبين الأصولية الاسلامية من حيث إنها تلتزم حرفية النص الديني، وبالتالى ترفض إعمال العقل.
وتأسيساً على ذلك كله يمكن القول بأن الأصولية الاسلامية وما يماثلها من أصوليات دينية وتيارات فلسفية لا عقلانية كلها موضع اتهام بخيانة الحضارة.
لمزيد من مقالات مراد وهبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.