فى حلقة جديدة من حلقات الصراع بين اسرائيل وايران قضت إحدى المحاكم السويسرية بإجبار إسرائيل على دفع ثمن بترول حصلت عليه من إيران قبل اندلاع الثورة الايرانية عام 1979 . والحصول على البترول كان بموجب اتفاق يعود تاريخه إلى أيام الشاه قبل الثورة، عندما كانت تل أبيب وطهران تعملان معا لتصدير النفط إلى أوروبا . والحكم هو جزء من سلسلة إجراءات التحكيم الجارية في سويسرا بين إسرائيل وإيران وسبق هذا الحكم حكم آخر .. ففي شهر مايو الماضى قضت محكمة سويسرية بأن إسرائيل تدين لإيران بمبلغ 1.2 مليار دولار، أيضا قررت المحكمة أنه بعد رفع العقوبات الدولية ضد إيران لا توجد هناك أي عوائق قانونية تمنع إسرائيل من إرسال الاموال إلى إيران وبعد صدور الحكم قالت وزارة المالية الإسرائيلية إنها سترفض إرسال أموال لإيران مشيرة إلى انه بموجب قوانين التجارة لا يمكن تحويل أموال لدولة عدو وتعود جذور القضية إلى اتفاق بين إسرائيل والحكومة الإيرانية تم التوصل إليه قبل الثورة الايرانية في عام 1979. خلال هذه الفترة كانت إيران تقوم بتزويد إسرائيل بكميات كبيرة من البترول ولكنها كانت تقوم بذلك سرا لتجنب إثارة توترات مع الدول العربية وكان البترول الإيراني يصل إلى إيلات حيت يتم ضخه عبر خط أنابيب صغير إلى ميناء مدينة عسقلان. ويشير أورى بيلر، مؤلف كتاب «جسر وقود عبر الشرق الأوسط – إسرائيل، إيران، وخط أنابيب إيلات-عسقلان»، إلى أن إيران تحولت إلى مورد البترول الرئيسي لإسرائيل خلال هذه الفترة لكن بالنسبة للحكومة الإسرائيلية كانت هناك أحلام أكبر – بأن تصبح لاعبا رئيسيا في صناعة البترول وشحنه من إيلات إلى عسقلان ومن هناك إلى أوروبا. كان ذلك سيتيح لإيران تصدير البترول إلى أوروبا دون إستخدام قناة السويس وكانت إيران مترددة لأسباب سياسية واقتصادية ولكن بعد حرب يونيو 1967 وإغلاق قناة السويس، تمكنت إسرائيل وإيران من التوصل إلى اتفاق فيما بينهما بالرغم من أن الدور الإيراني ظل سرا وفى عام 1968، تم تأسيس شركة البترول « ترانس-آسياتيك» كمشروع إسرائيلي-إيراني مشترك لتصدير الغاز الآسيوى من إيلات إلى أوروبا عبر خط أنابيب إيلات-عسقلان. الإتفاق بين البلدين انتهى في عام 1979 بعد الثورة في إيران، مع توقف صادرات البترول الإيرانية إلى إسرائيل وفي عام 1994 توجهت إيران إلى التحكيم الدولي، وقالت إن إسرئيل تدين لها بالمال على الأشهر الثلاثة الأخيرة من البترول الذي تم شحنه إلى إيلات قبل الثورة وحصة إيران في أصول الشركة المشتركة. إسرائيل ادعت من جهتها أن إيران تدين لها بالمال لخرقها العقد الذي يقضي بتزويد إسرائيل بالبترول حتى عام 2017 وتفيد تقارير بأن إجمالي قيمة الأموال التي تطالب بها إيران يصل إلى 1.2 مليار دولار، في حين تفيد تقديرات أخرى بأن قيمة المطالبة بالأصول المشتركة قد تصل إلى 7 مليارات دولار وعلي مدي سنوات اعتاد الجميع متابعة حالة العداء الحاد بين إيران وإسرائيل وتلويح كل منهما للاخري بالحرب والإبادة, ومن آن لآخر تخرج تصريحات من مسئولي الدولتين لتؤكد أن المواجهة العسكرية باتت وشيكة ليحبس العالم أنفاسه في انتظار تلك المواجهة التي لم تحدث ويبدو أنها لن تحدث فرغم الهجوم والتصريحات النارية المتبادلة بين طهران وتل أبيب في العلن فإنه ومنذ عدة سنوات جرت مفاوضات سرية بين الطرفين لتسوية ديون بينهما، ودائما كان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد يكرر أن إسرائيل في طريقها إلي الزوال وقادة إسرائيل يهددون بتدمير منشآت إيران النووية في حين أن هناك لقاءات حقيقية واتصالات مستمرة بينهما منذ سنوات حول تسوية الديون بين الدولتين خاصة ديون البترول وجرت هذه اللقاءات, كما كشف محرر الشئون العسكرية في صحيفة هآرتس يوسي ميلمان في عدد من الدول الاوروبية, فمنذ عدة سنوات وعقب تولي الرئيس الاسبق محمد خاتمي سعت إسرائيل إلي فتح قناة اتصال سرية مع إيران وقاد هذه المساعي آرييل شارون حينما كان يتولي منصب وزير الخارجية في حكومة نيتانياهو، فشارون طالب في ذلك الوقت باستغلال موضوع الديون الإسرائيلية لإيران في فتح قناة الاتصال هذه فمن شأن الاتصالات والمباحثات غير الر سمية أن تفتح صفحة جديدة مع النظام الايراني. لكن موضوع الديون لم يقتصر على البترول فقط فقبل قيام الثورة الإيرانية اعتاد نظام حكم الشاه شراء كميات كبيرة من الاسلحة والذخائر الإسرائيلية من مصنع سولتام الإسرائيلي وكانت مخازن الطوارئ التابعة للجيش الايراني تمتلئ بالمدافع والصواريخ والقنابل المصنعة في إسرائيل, وفي منتصف السبعينيات وبالتحديد عام1975 وقعت إيران عقدا مع مصنع سولتام لبناء مصنع أسلحة بمدينة أصفهان, إضافة إلي تطوير الطائرة لافي وتطوير صاروخ بحر- بحر وصاروخ أرض- أرض بلغ مداه آنذاك600 كيلو متر واتخذت جميع الاجراءات ووصل المهندسون الاسرائيليون إلي إيران لمعاينة المكان وبدأ البناء بالفعل وقدم تصميم المشروع كهدية للشاه. ولم يكن مصنع سولتام يجري اتصالات مباشرة مع إيران بل تخفي وراء شركة تسمي سلجاد في المانيا وبذلك استطاعت إيران ان تقنع الجميع انها تستورد السلاح من اوروبا وليس من إسرائيل وقبل فترة قصيرة من هروب الشاه عقب اندلاع الثورة الايرانية في فبراير عام1979 دفعت إيران للجانب الاسرائيلي مبلغ200 مليون دولار من اجمالي المبلغ المتفق عليه لبناء المصنع وهو400 مليون دولار وتم إيداع هذه الاموال في حساب شركة سلجاد في بنوك المانيا وبريطانيا إلا ان اندلاع الثورة قلب الامور رأسا علي عقب فقد تقرر قطع جميع الاتصالات والعلاقات مع إسرائيل واضطر مصنع سولتام وغيره من المصانع الاسرائيلية للبحث عن أسواق اخري لتصريف منتجاتها ومع حالة الارتباك التي صاحبت الثورة وإقالة عدد من قادة الجيش الايراني والمسئولين الحكوميين فشل القادة الايرانيون في استرداد الاموال المودعة في بنوك أوروبا, وقد أجل الايرانيون الامر لفترة لكنهم عادوا للمطالبة بديونهم لدي إسرائيل خاصة قيمة البترول المصدر لإسرائيل الذي بلغت قيمته خمسة مليارات دولار, ووصل الامر إلي رفع دعوي قضائية أمام محكمة التحكيم التجاري في باريس ومنذ اعتراف إيران بإسرائيل عام1951 نشأت بين الدولتين علاقات قوية بلغت في السبعينيات مشاركة استراتيجية تجلت في مساعدة إيرانية لعمليات ترحيل اليهود من العراق وتعاون إسرائيلي إيراني في مجال المخابرات .