وزير الخارجية يجتمع بمساعديه ومديري الإدارات بالعاصمة الإدارية    تعاون بين الرقابة على الصادرات والتمثيل التجاري لرفع القدرة التنافسية للمنتجات المصرية    روبير شومان.. رئيس وزراء ووزير خارجية فرنسا الذي عرف كمؤسس للاتحاد الأوروبي    السيدة انتصار السيسي: زيارة حرم سُلطان عُمان خطوة عزيزة على أرض مصر    أخرها مع ممثلة إباحية.. ترامب يواجه اتهامات تاريخية تتعلق بالرشوة والشغب ‬    موعد تدريب الزمالك الأول في المغرب استعدادًا للقاء نهضة بركان    المشدد 15 عاما لعامل و7 سنوات لسائق لقتل شخص وحرق منزل ب القليوبية    بالحجاب.. أحدث ظهور ل مي كساب| صور    سلوفينيا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في 13 يونيو المقبل    فصائل عراقية مسلحة تستهدف قاعدة نيفاتيم الإسرائيلية بالمسيّرات    «الدفاع الشعبي» تنظم عددًا من الندوات والزيارات الميدانية للمشروعات التنموية    بطولة العالم للإسكواش.. هنا رمضان تتأهل للدور الثاني    على معلول يحسم مصير بلعيد وعطية الله في الأهلي (خاص)    انعقاد برنامج البناء الثقافي بمديرية أوقاف البحيرة    قائمة مواعيد قطارات مرسى مطروح.. بمناسبة فصل الصيف 2024    انطلاق مبادرة المشروع القومي لرفع اللياقة البدنية لطلاب المدارس في قنا    لمواليد برج القوس والأسد والحمل.. توقعات الأسبوع الثاني من مايو لأصحاب الأبراج النارية    وسائل الرزق في القرآن .. يوضحها عالم أزهري    وزير الصحة: المدينة الطبية ل"المستشفيات التعليمية" نقلة نوعية في القطاع الطبي    تنبيه مهم من «الإسكان الاجتماعي» بشأن تأخر دفع الأقساط للوحدات السكنية    وزير النقل يعلن عن تجربة التاكسي الطائر في موسم حج هذا العام    رئيس هيئة المعارض يفتتح معرض الأثاث والديكور بمركز القاهرة للمؤتمرات    نشرة «المصرى اليوم» من الإسكندرية: تأجيل محاكمة المتهمين بأحداث سيدي براني وسموحة يصطدم ب«زد»    وزير الاتصالات يفتتح المقر الجديد لشركة «أرتشر» الأمريكية في مصر    تنفيذ 4 قوافل طبية للقرى الأكثر احتياجا في الدقهلية    بعد ظهورها مع إسعاد يونس.. ياسمين عبد العزيز تعلق على تصدرها للتريند في 6 دول عربية    عضو تضامن النواب تثمن دور القومي للمرأة في استقلالية إدارة المنح والمساعدات    استفز لاعبي الأهلي | نص مرافعة دفاع حسين الشحات في قضية الشيبي    حزب حماة وطن يكرم الآلاف من حفظة القرآن الكريم في كفر الشيخ    بنك ناصر يرعى المؤتمر العلمي الدولي ال29 لكلية الإعلام بجامعة القاهرة    نيكول سابا تكشف عن موعد أغنيتها الجديدة "خلصت خلاص"    حكم هدي التمتع إذا خرج الحاج من مكة بعد انتهاء مناسك العمرة    محافظ الغربية يوجه بتسريع وتيرة العمل في المشروعات الجارية ومراعاة معايير الجودة    بعد أسبوع حافل.. قصور الثقافة تختتم الملتقى 16 لشباب «أهل مصر» بدمياط    وفد صحة الشيوخ يتفقد عددا من المستشفيات ووحدات الإسعاف وطب الأسرة بالأقصر    تأجيل محاكمة المتهمين في قضية فساد التموين ل 8 يوليو    وزيرة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثانية في الجوانب القانونية لأعمال الضبطية القضائية    "العمل": تحرير عقود توظيف لذوي الهمم بأحد أكبر مستشفيات الإسكندرية - صور    إيرادات فيلم "فاصل من اللحظات اللذيذة" بعد 4 أسابيع من طرحه بالسينمات    البيتي بيتي 2 .. طرد كريم محمود عبد العزيز وزوجته من الفيلا    21 مليون جنيه.. حصيلة قضايا الإتجار بالعملة خلال 24 ساعة    السيسي يستقبل رئيس وزراء الأردن    برلماني: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    لليوم الرابع على التوالي.. إغلاق معبر كرم أبو سالم أمام المساعدات لغزة    مستشفى العباسية.. قرار عاجل بشأن المتهم بإنهاء حياة جانيت مدينة نصر    القبض على المتهمين بغسيل أموال ب 20 مليون جنيه    اكتشفوه في الصرف الصحي.. FLiRT متحور جديد من كورونا يثير مخاوف العالم| هذه أعراضه    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    دعاء الامتحانات مستجاب ومستحب.. «رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري»    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية يسجل 31.8% في أبريل الماضي    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    طقس اليوم: شديد الحرارة على القاهرة الكبرى نهارا مائل للبرودة ليلا.. والعظمى بالعاصمة 36    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا كانت البداية
نشر في الأهرام اليومي يوم 20 - 08 - 2016

أكملت منذ شهرين العام الثمانين من عمرى، وعندما استرجع الأحداث التى مرت بى، اكتشف ما كان لقريتى من ثأثير على مشوارى فى الحياة . كنت فى الثامنة من عمرى عندما عاد أبى من مدينة المنصورة حاملا مجموعة من الأوراق ألقاها امامى قائلا اقرأ يا أستاذ تصفحت الأوراق وإذا بها مجموعة من الصحف والمجلات، ما زلت أذكر انه كان من بينها مجلة الصباح والمصور والبعكوكة والفارس ، جذبنى من بينها البعكوكة التى كانت تنشر موضوعاتها بمزيج من الفصحى والعامية لشخصيات هزلية مثل الشيخ بعجر والآنسة أم سحلول والدكتور ماكسوريان بالإضافة إلى مجموعة من الأزجال لأشهر الزجالين فى ذلك الوقت منهم على ما أذكر ابو بثينة و إتاحة الفرصة لنشر ازجال للمبتدئين من الشباب، وكان اهتمامى بهذه المجلة ومتابعة ما ينشر بها فرصة لكى اجيد القراءة، وفى هذه الفترة كان أول خبر سياسى أقرؤه فى الأهرام بعنوان اغتيال أحمد ماهر باشا واعتقال الجانى الأثيم ولم أكن أعرف معنى هذه الكلمات فسألت والدى عن معانيها، وهكذا بدأ القاموس السياسى الخاص بى بأربع كلمات هى اغتيال واعتقال والجانى والأثيم، شجعتنى هذه البداية على قراءة الصحف اليومية التى كان والدى يحرص على شرائها. وفى سياق بحثى عن موضوعات جديدة للقراءة اكتشفت كنزا ثمينا من المعارف يتمثل فى السير الشعبية التى كان يقتنيها بعض شخصيات القرية ، وكانت أولاها السيرة الهلالية التى تتكون من أربع مجلدات، تحكى عن فروسية ابوزيد الهلالى سلامة ودياب ابن غانم والملك حسن ابن سرحان وما دار من صراعات بينهم وبين القبائل الأخرى وانتقالهم إلى مصر متجهين إلى الغرب نحو تونس فيما يسمى تغريبة بنى هلال، واكتشفت أيضا سيرة شعبية أخرى هى سيرة الظاهر بيبرس التى كانت تتكون من خمسين جزء كل جزءا منها يقع فى خمسين صفحة تدور أحداثها فى فترة الحروب الصليبية والصراع بين العرب والصليبيين، وما تحكيه عن جوان الجاسوس الصليبى الذى يتقن فنون التنكر لكى يحصل على المعلومات التى تمكن قومه من الانتصار على العرب يواجهه شخصية مصرية تتمتع بالقدرة على مواجهة أفعال جوان ، وهى شخصية عثمان ابن الحيله، وكان هناك أيضا سيرة الملك سيف ابن ذى يزن ملك اليمن وتصديه للقوى الأجنبية التى سيطرت على اليمن فى ذلك الوقت، وهى سيرة ممتعة تجمع بين الواقع والخيال فهى تحكى عن ظروف ميلاد ونشأة الملك سيف وأخيه فى الرضاعة الجنى عفاشة ابن عيروض واخته عاقصة اللذين كانا يحرسان أخيهما ويخلصانه من مكائد أعدائه،
كان فى القرية أيضا العديد من السير الشعبية الأخرى منها سيرة عنتره بن شداد والأميرة ذات الهمة وحمزه البهلوان وعلى الزيبق وألف ليلة وليلة بمجلداتها الأربعة . لم تكن السير الشعبية وحدها هى المجال المتاح للقراءة فى القرية المصرية فى النصف الثانى من أربعينيات القرن العشرين ، فقد كان هناك أيضا روايات الجيب وهى مترجمة من الإنجليزية والفرنسية بما فى ذلك روايات اللص الظريف أرسين لوبين ومفتش البوليس شيرلوك هولمز. وعلاوة على ذلك كان هناك مجال ثالث فى القراءة يتمثل فى روايات الهلال لجورج زيدان الذى تناول التاريخ الإسلامى من خلال روايات تحفل بالحب و الصراع و تمزج بين الواقع والخيال مما يشوق القارئ لقراءتها. هكذا تطورت تجربتى فى القراءة ما بين السير الشعبية و روايات الجيب و روايات الهلال فأنتقل إلى مستوى أرقى من الأدب متمثلا فى روايات يوسف السباعى وإحسان عبدالقدوس، وقد كانت كل مجموعة من هذه المؤلفات تساعدنى على مزيد من الفهم والمعرفة وتمكننى من التهيؤ لمرحلة أرقى من القراءة وصولا إلى روايات نجيب محفوظ وتشيكوف و تولستوى وماكسيم جوركى والروايات المترجمة عن الأدب الفرنسى والإنجليزى . كانت هذه القراءات بمثابة المدخل الطبيعى للانتقال إلى عالم السياسة وما يتطلبه من قراءات فى الاقتصاد والاجتماع والتاريخ والفلسفة ، لم يكن ممكنا أن يتم ذلك بسهولة بدون ما حصلته من قراءات ومعارف اثناء إقامتى فى القرية.
خلاصة القول إن هذه التجربة التى تبلورت فى القرية لم يكن ممكنا بدونها الانتقال إلى مستوى أرقي، فقد كانت منذ البداية تجمع بين المعرفة والنشاط مما يسهم فى نضح الشخصية واستعدادها للتطور والانتقال إلى آفاق أرقى.
لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.