بعد مرور ثمانية أشهر على انعقاد القمة الثانية لمنتدى التعاون الصينى- الإفريقى (فوكاك) فى مدينة جوهانسبرج يومى 4 و5 ديسمبر 2015، استضافت العاصمة الصينيةبكين أخيرا اجتماعات منسقى مراقبة تنفيذ قرارات القمة، بمشاركة أكثر من 100 وزير ومسئول إفريقى يمثلون 52 دولة،وحضور مستشار الدولة الصينى يانج جيا تشى، ووزير الخارجية وانج يى، ووزير التجارة جاو هو تشنج، وشارك فى الاجتماعات ممثلا عن مصر السفير محمد إدريس، مساعد وزير الخارجية للشئون الإفريقية. جاءت تلك الاجتماعات لمتابعة معدل تنفيذ ما توافق عليه القادة الصينيون والأفارقة خلال القمة من اتفاقات للتعاون والمشروعات المشتركة، ولتأكيد اهتمام الجانبين الصينى والإفريقى بتطوير العلاقات المتميزة بينهما، وهو ما تعهد به مجددا الرئيس الصينى شى جين بينج، فى رسالته إلى الاجتماع التنسيقى ببكين، حيث أشار إلى أن انعقاد الاجتماع يُظهر للعالم أنه مهما تغيرت الظروف الدولية، فإن علاقة الوحدة والتعاون بين الصين وإفريقيا باقية لن تتغير، وأن دعم الصين للسلام والتنمية فى إفريقيا أمر ثابت ومستمر. وقال شى فى رسالته إن قمة جوهانسبرج فى ديسمبر الماضى فتحت عصرا جديدا من التعاون الذى يحقق الربح للجانبين والتنمية المشتركة بين الصين وإفريقيا، وكانت معلما فى تاريخ العلاقات بين الجانبين، مؤكدا أنه خلال الأشهر الستة الماضية عملت الصين وإفريقيا معا من أجل التغلب على الآثار السلبية للاقتصاد العالمى الراكد وتوصلا إلى توافق بشأن التنفيذ المشترك لنتائج القمة، وحققا نتائج ملموسة بما يظهر التنمية الديناميكية للتعاون بين الصين وإفريقيا . وشدد الرئيس الصينى فى كلمته على أن الأداء الضعيف الحالى للاقتصاد العالمى يحقق فرصا وتحديات للتنمية الاقتصادية للصين وإفريقيا، مضيفا أن الصين وإفريقيا يجب أن «يقفا معا جنبا إلى جنب ويسيرا نحو الأمام يدا بيد»، مستشهدا بالحكمة الصينية: «إن وحدة الشقيقين تمنحهما القوة لاختراق الصلب»، وأنه بالصداقة والتعاون ستتأكد الصين وإفريقيا من أن نتائج القمة سوف تحقق المنفعة لشعوبهم التى يبلغ تعدادها 2.4 مليار نسمة . 243 اتفاقية فى 6 أشهر من جانبه، اعتمد يانج جيا تشى، مستشار الدولة الصينى، لغة الأرقام خلال كلمته فى الجلسة الافتتاحية للاجتماع التنسيقى لتنفيذ قرارات قمة منتدى التعاون الصينى - الإفريقى، حيث أشار إلى أن إجمالى اتفاقيات التعاون التى تم توقيعها بين الصين والدول الإفريقية منذ شهر ديسمبر الماضى بلغت 243 اتفاقية، تقدر قيمتها بنحو 50 مليارا و725 مليون دولار أمريكى، بينها 46 مليار دولار استثمارات صينية مباشرة وقروض تجارية لدول إفريقيا. ودعا مستشار الدولة الصينى إلى تعزيز التعاون الأمنى بين الصين وإفريقيا، مشيرا إلى أن بلاده ستساعد إفريقيا والاتحاد الإفريقى فى بناء القدرات فى مجالات حفظ السلام والحفاظ على الاستقرار ومكافحة الإرهاب، وكذلك فى إنفاذ القانون وتأمين الحدود. وعلى هامش الاجتماع التنسيقى تم تنظيم ندوة حول التعاون التجارى بين الصين وإفريقيا، شهدت توقيع 40 اتفاقية تعاون بين رجال أعمال من الصين والدول الافريقية والمؤسسات المالية والشركات بقيمة 18 مليار دولار أمريكى، شملت البنية التحية، والتصنيع، والاستثمار المالى، والطاقة والموارد الكيميائية، والطب، والزراعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها من القطاعات الأخرى. تقرير العمل خلال اجتماعات منسقى تنفيذ قرارات قمة منتدى التعاون الصينى الإفريقى (فوكاك) استعرض وزير الخارجية الصينى وانج يى خلال كلمته التقرير الخاص بتنفيذ خطة عمل القمة، مشيرا إلى أنها كانت لقاء تاريخيا وعلامة بارزة فى العلاقات بين الصين وإفريقيا، وأن الرئيس الصينى شى جين بينج طرح خلالها رؤية ومنهجا لمستقبل العلاقات الصينية - الإفريقية، وأعلن رفع مستوى العلاقات بين الصين وإفريقيا إلى الشراكة الإستراتيجية والتعاون الشامل، ودعا لتعزيز «خمسة ركائز» من التعاون، واقترح 10 خطط للتعاون خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع التركيز على مساعدة إفريقيا على تنمية التصنيع والتحديث الزراعى، وتعهد بما مجموعه 60 مليار دولار أمريكى من الدعم المالى، جنبا إلى جنب مع خطة محدثة للنمو المستقبلى للعلاقات بين الصين وإفريقيا، وفتح عهد جديد من التعاون المربح للجانبين، والتنمية المشتركة، والاتجاه لتعزيز الوحدة والتعاون بين الصين وإفريقيا. وأعرب وانج يى عن سعادته بأن الجانبين الصينى والإفريقى يوليان أهمية كبيرة لتنفيذ نتائج قمة جوهانسبرج، وأنهما اتخذا التدابير اللازمة لتنفيذ الخطط العشر، وأنه تم إحراز تقدم كبير فى إطار تعزيز علاقات الصداقة والتعاون المتبادل المنفعة. ونوه وزير الخارجية الصينى بتخصيص بلاده مبلغ 10 مليارات دولار بشكل مبدئى للصندوق الصينى الإفريقى للتعاون فى القدرات الصناعية، الذى توجه استثماراته بشكل أساسى إلى مشروعات التصنيع والتكنولوجيا والزراعة والطاقة والبنية الأساسية والتمويل فى الدول الإفريقية، بالإضافة إلى تخصيصها 5 مليارات دولار أخرى لدعم القرض الخاص بتنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة فى إفريقيا. الاستثمار بديل عن المساعدات كما أكد وانج يى، وزير الخارجية الصينى، أن حيوية التعاون بين الصين والدول الإفريقية تقدم نموذجا للتعاون الناجح بين دول الجنوب جنوب، حيث استكشف الطرفان ودشنا نماذج جديدة من المنفعة المتبادلة المربحة للطرفين، مشيرا إلى أنه قبل وعلى هامش اجتماع المنسقين وقعت الصين وإفريقيا عددا كبيرا من اتفاقيات التعاون، وهى فى معظمها اتفاقيات استثمارية، ويمكن القول باطمئنان إن التعاون فى مجال الاستثمار هو البديل العملى للمساعدات، وإنه أصبح المحرك الجديد للتعاون بين الصين وإفريقيا. وأضاف أن التعاون فى مجال الاستثمار لا يساعد فقط على تسريع عملية التصنيع وتعزيز تنمية القدرات الذاتية للبلدان الإفريقية، لكنه يسهل أيضا دخول المعدات والتقنيات والمنتجات الصينية إلى القارة الإفريقية بما يزيد القدرات الإنتاجية، والتى تحفز بدورها النمو الاقتصادى المحلى، وتزيد من حجم المنفعة المتبادلة، وهو نموذج جديد للتعاون ورفع مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين وإفريقيا إلى مرحلة جديدة ذات آفاق أرحب. ونوه وزير الخارجية الصينى بالزيارات الرسمية المتبادلة على جميع مستويات المسئولين بين الصين والدول الإفريقية، والتى زادت بشكل ملحوظ عقب قمة جوهانسبرج، وهو ما يعزز الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول الإفريقية، ودعم كل طرف للآخر فى القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية والمخاوف الرئيسية، مشيرا إلى أن الصين تدعم الدول الإفريقية لاستكشاف مستقل لمسار التنمية الذى يناسب ظروفها الوطنية الخاصة، وأعرب عن تقدير الصين للدعم السياسى «الثمين» الذى تقدمه الدول الإفريقية لها فيما يتعلق بقضايا تايوان والتطورات الأخيرة فى بحر الصينالجنوبى. تعزيز البناء الوطنى وفيما يتعلق بالتعاون الأمنى بين الصين وإفريقيا قال وانج يى إنه تحقق تقدم ملحوظ فى هذا المجال، وإن بلاده على استعداد دائم لدعم الدول الإفريقية للحفاظ على أمنها واستقرارها، ومكافحة الإرهاب، وكذلك دعم الاتحاد الإفريقى فى تسريع بناء القوة الإفريقية، مشيرا إلى أن الصين تواصل القيام بدور نشط فى عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة، ومكافحة القرصنة فى إفريقيا، بناء على قرار مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة، كما تسهم الصين بأكبر عدد من قوات حفظ السلام فى إفريقيا حاليا، حيث هناك أكثر من 2400 من القوات الصينية فى 7 عمليات حفظ سلام للأمم المتحدة في إفريقيا. وشدد وزير الخارجية الصينى على أنه تم تحقيق نتائج طيبة فى برنامج تنفيذ قرارات قمة جوهانسبرج حتى الآن، وأن اجتماع المنسقين فى بكين سيعطى دفعة قوية لجهود تسريع هذه العملية.ودعا المجتمعون إلى المضى قدما وتنسيق الجهود لتحقيق المزيد من نتائج قمة جوهانسبرج وتحويلها إلى فوائد تعود على 2.4 مليار مواطن فى الصين والدول الإفريقية. القطاع المالى وحول إسهام القطاع المالى فى تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والدول الإفريقية قال شيه بينج، نائب محافظ بنك الصين للاستيراد والتصدير، على هامش مؤتمر الحوار بين مسئولى المؤسسات المالية الصينية ومنفذى ومنسقى نتائج قمة جوهانسبرج من الجانبين الصينى والإفريقى، إن بنك الصين للاستيراد والتصدير وافق على قروض للشركات الإفريقية بقيمة 4.3 مليار دولار أمريكى منذ قمة جوهانسبرج، وبدأ التقييم الموضوعى لعدد من المشاريع الرئيسية بقيمة أكثر من 10 مليارات دولار أمريكى. بالإضافة إلى ذلك وقع صندوق التنمية الصينى الإفريقى على اتفاقيات تعاون بين الصين والأطراف الممثلين من مصر وكينيا والسودان وسيراليون وجيبوتى ودول إفريقية أخرى، تشمل البنية التحتية والزراعة، والطب وغيرها من المجالات الأخرى لمساعدة الشركات الصينية على توسيع استثماراتها فى إفريقيا. وأشار إلى أن صندوق التنمية الصينى الإفريقى يعتبر أول صندوق استثمار صينى يركز على إفريقيا، بدأ العمل عام 2007 بحجم رأس مال إجمالى يقدر ب10 مليارات دولار أمريكى، ويدعم الصندوق الشركات الصينية للتجارة والاستثمار فى إفريقيا، مع التركيز على الزراعة والصناعة والبنية التحتية والصناعات الأساسية وتنمية الموارد، وغيرها من المجالات التى تساعد إفريقيا على تحسين قدراتها الذاتية. وقد قام الصندوق حتى الآن بالاستثمار فى 87 مشروعا بقيمة 3.55 مليار دولار أمريكى فى أكثر من 30 بلدا، وبعد الانتهاء من تنفيذ هذه المشاريع، يمكن للشركات الصينية جلب استثمارات بنحو 16 مليار دولار أمريكى فى إفريقيا.