ما حدث فى معركة تحرير سرت خلال الأيام الماضية يستحق التأمل من زاوية مهمة وهى دعوة حكومة الوفاق برئاسة فائز السرج الولاياتالمتحدة للتدخل، دون أن تكون تلك الحكومة حتى اللحظة الراهنة جسما دستوريا يتمتع بالاعتراف العام وهو ليس فقط ما لم تحظ به من مجلس نواب طبرق برئاسة صالح عقيلة وحكومته برئاسة عبدالله الثنى وجيشها بقيادة الفريق خليفة حفتر، ولكن حتى داخل طرابلس نفسها التى دخلتها حكومة السراج وسيطرت على بعض مؤسساتها. لم يك مفهوما إلام استندت حكومة فائز السراج التى تشكلت طبقا لاتفاق الصخيرات لشرعنة طلبها تدخل الولاياتالمتحدة، ثم أنها أعلنت أن الغارات التى بدأها الطيران الأمريكى بناء على طلبها سوف تكون موقوتة فيما أعلن البنتاجون أنها لن تكون موقوتة يعنى حكومة السراج ليست صاحبة قرار فى تلك الحملة الجوية، وإدعت أن الطائرات الأمريكية أقلعت من قاعدة سيجونيللا الإيطالية ثم ثبت أنها طارت من فوق حاملة طائرات أمريكية فى المتوسط، وكانت بادعائها مشاركة إيطاليا تريد إثبات أن القوى الدولية التى تساند حفتر ومنها إيطاليا وفرنسا (التى تقوم بأعمال استخبارية لصالحه وسقطت إحدى مروحياتها أثنائها) هى أيضا تتجاوب مع طلب حكومة السراج وفضلا عن ذلك أعلن السراج أنه لا توجد قوات أمريكية على الأرض بينما أعلنت واشنطن بوست وجودها. والحقيقة إن مطالبة حفتر مشاركة دولة بالإسناد لصالح عملياته هى أمر مشروع ومفهوم لأن حكومة طبرق جزء من جسم دستورى معترف به دوليا على نحو غامر، وصحيح أن حكومة السراج أيضا تتمتع بتأييد أممى واسع ولكنها لا تمتلك الوضعية الدستورية لقوات حفتر. الجيش هو الجيش، مهما اخترع الغرب للسراج قوات حرس رئاسي، وبالتالى من يرد دعم معركة ليبيا ضد الإرهاب فليقم بتسليح الجيش الليبى (قوات حفتر) وهكذا فعلت روسيا بعد زيارة حفتر الأخيرة، أما تدخل الولاياتالمتحدة الجوى (رغم عدم تورطه فى تدخل برى حتى الآن كما فى العراق وأفغانستان) فسوف لا يؤدى إلا لإعادة إنتاج سيناريو الدولة الفاشلة التى يتحكم فيها أمراء الحرب مثل الصومال. محور الأنجلو ساكسون يحاول حجز مقعد للتحكم فى ليبيا الدولة الغنية بالنفط والسراج ينادى إيطاليا بطرق مقنعة للتدخل عبر أحاديث صحفية فى مجلات إيطالية يحذر فيها من تسلل عناصر داعش إلى إيطاليا مع موجات المهاجرين.. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع