أعترف بأنى لا أفهم حكاية تشجيع الاستثمار بمنح الجنسية المصرية.. أفهم أن الاستثمار يحتاج إلى بيئة ومناخ آمن ومستقر وقوانين واضحة وجادة، وتطبيق صارم للقوانين، وتسهيلات وخدمات وشفافية ودقة المعلومات المتاحة والمعلنة عبر جميع وسائل الاتصال.. ولا أظن أنه فى مؤتمر شرم الشيخ عرض موضوع الجنسية مقابل الاستثمار فى مصر، ولم تكن هناك مطالبات به، وعرضت فى المؤتمر مشروعات وتمويلات ضخمة ولا أعرف حجم ما أتيح له أن يتحقق ولم تعرقله المشكلات الادارية والفساد والأداء المترهل الموروث من عشرات السنين وبدلا من تحويل نتائج المؤتمر الى حقائق على الأرض وإنهاء ما عرضه الحضور من مشكلات وتلبية المطالب المشروعة للمستثمرين بعد هذه الشهور ظهر هذا الاقتراح المدهش لى وللكثيرين بكل مايثيره من شكوك ومخاطر وعلامات استفهام فمن أين لنا ضمانات سلامة أهداف ونوايا من يملكون إيداع ودائع ضخمة بالعملة الصعبة؟!! وماذا سيستفيدون اذا كانت الجنسية فى هذا الوطن العزيز والعظيم قد أهدرت مقوماتها وكرامتها واحترامها. الفرص الواعدة للاستثمار فى مصر بلا حدود ومثلها الثروات الطبيعية والبشرية.. وأثق أن أصحاب النوايا الاستثمارية الجادة والتى لايصنعون منها أغطية لأهداف أخرى يعرفون ماتمتليء به مصر من آفاق للاستثمار، فقط يريدون المناخ والقوانين والأداء الجاد والايدى النظيفة والمعلومات الصحيحة والدقيقة والارادة الوطنية لتشجيع وحماية الاستثمار، ولا أظن ان من بينها الجنسية التى عصف بقيمتها الفساد والإفساد والاستبداد ولصوص الثروات والقدرات المصرية الذين استباحوا سرقة مصر وتدميرها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وإنسانيا وبما انعكس سلبا على قيمة ووزن مصر!! وفى كل الأحوال عندما يتعلق الأمر بمصير وطن وشعب وأمنه القومى وحاضره ومستقبله فلابد من مصارحات وشفافية كاملة تجيب عن جميع الاسئلة الحائرة، وتطمئن على سلامة هذا الوطن المستهدف خارجيا وداخليا. فى تصريح غريب نسب لوزير التموين فى رده على سؤال حول وقائع الفساد داخل شون القمح بالشرقية أنه قال، هو حد راح الفرن وملقاش عيش واذا كانت المسألة فسادا فى فساد فلن نجد خبزا فى الأفران!! لم أفهم التصريح وهل هو تهوين او تبرير للفساد الذى ضيع على المصريين المليارات وجعلهم الاوائل على قوائم استيراد القمح، وهدد أمنهم القومى والحيوى والصحى والغذائى ودمر الفلاحين وهدد بتوقفهم عن زراعة القمح وإلحاقة بما جرى لزراعة القطن!! وهل علينا ان نتظر حتى تكتمل المأساة التى ينذر بها هذا الفساد الذى يتوالى تكشفه ولانبعد عنه مؤسسات الوزارة وهو مايفسر لماذا يدافع المسئولون عن فساد منظومة توريد القمح باعتبار أن الأمر ليس جديدا وأنه مستمر منذ سنوات، والسؤال البديهى لماذا ترك يستفحل ويتضخم ويصل الى ما وصل إليه؟! وسؤال آخر للمسئولين الذين التزموا الصمت قبل أن تنفجر جرائم الفساد وتفصح عن حجم المخاطر التى تتهدد لقمة عيش المصريين، هل يعرفون مخاطر وحجم مشكلات الغذاء القادمة وماستتعرض له الدول التى لاتكتفى من غذائها وعلى رأسها مصر بالطبع خاصة ان ازمات الغذاء ومع سبق الإصرار والترصد ليست جديدة وكنت واحدة من الاقلام التى حذرت من سنوات وفعلت المستحيل لإطلاق إنذارات والنداء على سياسات زراعية تقترب بنا من حدود الاكتفاء الذاتى من محاصيلنا الأساسية، ووقع بين يدى مقال بتاريخ 14/1/2001 فى إطار حملة صحفية بعنوان «المصريون بين العبقرية والجنون- عبقرية مايمتلكون من إمكانات وثروات طبيعية وبشرية وعلمية وجنون الإهدار ومخططات التدمير والتلوث وعدم الاكتفاء- وفى المقال أشرقت إلى مانشرته صحيفة الأهالى فى معرض تناولها لمخاطر اتفاقية الجات على الزراعة والغذاء فى مصر من خلال تصريحات لمدير معهد السياسات الزراعية بواشنطن أثناء توقيع مصر للاتفاقية يقول فيها أنه لايتوقع زيادة المساحة التى ستزرع بالقمح فى مصر خلال السنوات العشر المقبلة وإن مصر ستكون من اكثر الدول خسارة نتيجة لهذه الاتفاقية، بينما فى كتابه عن الثورة الخضراء لزيارة الرقعة الزراعية فى مصر يقول د. فاروق الباز خلال حديثه عن ضرورة الحفاظ على الأراضى الزراعية وضرورة الوصول إلى حدود الاكتفاء الذاتى من محاصيلنا الاستراتيجية - إن أهمية الغذاء فى المستقبل ستفوق أهمية البترول والمعادن المختلفة لأن تعداد السكان فى العالم فى زيادة مستمرة والغذاء سوف يؤثر فى استراتيجيات الدول فى المستقبل وأن الدول العظمى تسعى لتطوير زراعتها لأنها تدرك تماما أن الإحتياجات الغذائية والنقص الغذائى والمعونة الغذائية للدول الأخرى سوف يكون لها المقام الأول فى التحكم فى هذه الدول سياسيا ويجب أن نحمى بلدنا من سيطرة أى دول أخرى بأن نكتفى غذائيا ونؤمن المستقبل. إذن الأمر يتجاوز محنه والنتائج الكارثية للفساد والذى يتوالى تكشفه من خلال لجنة تقصى حقائق القمح بمجلس النواب والتى امتلكت أمانة الاعتراف بأن شقيق أحد النواب متورط فى فساد التوريد!! وكل هذا الفساد ومازالت الجريمة الاكبر والأخطر هى توالى استيراد هذه الكميات الهائلة من أطنان القمح ومواصلة الاعتماد على الخارج وعدم الإعلان عن مخططات جديدة بتوقيتات محددة للاعتماد على فلاحينا وأقماحنا وعلمائنا وباحثينا للاقتراب من حلم وأمل الاكتفاء الذاتى، كل مئات الأدلة القاطعة التى قامت على إمكان تحققه. وكما تساءلت فى مقالات سابقة هل يصح ان تستمر سياسات الفشل التى تعرضت لها مصر من قبل الثورة والتى تستكمل المخططات الشيطانية للتطبيع والتدمير وحرمان مصر من عناصر قوتها واستقلال قرارها وفى مقدمتها الزراعة وفى مختلف مجالات حياتنا وماأثق تماما ان الإرادة الوطنية لدولة 30/6 تدعمها ولكنها تفتقد المسئولين الذين يؤمنون بها ويدركون أهميتها ويؤثرون مقومات تحقيقها بدلا من تقديم مبررات للفساد. أتفق مع دعوات توقيع أقصى العقوبات حتى الاعدام على كل من يواصلون ارتكاب جرائم الفساد, وانطلاق دعوة توقيع أقصى العقوبات حتى الإعدام على الفاسدين وجرائم الفساد تبدو أهميتها من انطلاقها من بعض نواب الشعب وبما يعنى ادراكهم لضرورة سن القوانين التى تنهى الاستقواء والتضخم الذى نشاهده الأن لجرائم الفساد رغم الحروب الجارية التى تشنها أجهزة الرقابة على شبكات الفساد التى تمددت بطول الوطن وعرضه - وماهى الحقيقية فى وقائع شكوى 75 موظفا من العاملين بالإدارة المركزية للمتابعة بوزارة التربية والتعليم بمختلف المحافظات من قرار الوزير الهلالى الشربينى بإنهاء ندبهم بعد اكتشافهم 900 حالة فساد مالى وإدارى بالمديريات والوزارة خلال سنة واحدة!! وهل الضرورة التى لابد سيفسر بها القرار هل ارتبط بها فحص حالات الفساد ال 900 !! أرجو أن يكون جزء من حرب الأجهزة الرقابية مع الفساد الفحص العاجل لكل مايدلى به مواطنون للمشاركة فى هذه الحرب. لمزيد من مقالات سكينة فؤاد