لا يوجد حاكم فى الدنيا سجن شعبا حتى لو ملك جيوش الأرض. والرئيس التركى رجب طيب أردوغان أخذته العزة بالإثم وقرر ان يسجن الشعب التركى وان يكسر شوكة جيشه سواء بتسريح الآلاف أو تغيير نظام الكليات العسكرية أو إنشاء جيش مواز على عادة الإخوان المسلمين.. الرئيس أردوغان خرج من محنة الانقلاب ساخطا على الجيش التركى رغم انه يعلم ان هذا الجيش هو الذى يحمى سلطة القرار فى الدولة وهو الصيغة التى قررها الغرب يوما وهو يرسم صورة تركيا ما بعد الخلافة العثمانية وان هذا الجيش صاحب القرار فى نهاية المطاف حتى لا تعود أشباح الحكم العثمانى تهدد جيرانها فى أوروبا..ان معظم الضربات التى وجهها أردوغان إلى الجيش لن تدوم طويلا فنحن أمام واحد من أقدم واعرق الجيوش فى العالم وقد وصل يوما إلى حدود فيينا واحتل عشرات الدول قرونا طويلة وبجانب هذا فإن أردوغان يعلم ان عقيدة هذا الجيش هى الفكر العلمانى الذى صاغه وحدده يوما اتاتورك فى ظل التزامات دولية..ان الصدام بين الجيش التركى والتيار الإسلامى فى تركيا صراع قديم وقد اطاح الجيش قبل ذلك بقيادات إسلامية كان آخرها اربكان ولا شك ان أردوغان يعلم كل هذه الأشياء..انه يحاول الآن تفكيك الجيش وتقسيمه اعتقاداً بأن الشارع يحميه وهذا وهم خاطئ، لأن البندقية هى التى عادة تنهى الحوار إلا إذا قرر تجنيد الميليشيات الإخوانية لتسبح تركيا فى بحر من الدماء أمام الحرب الأهلية..إنها مغامرة كبيرة يلعبها الآن الرئيس أردوغان سواء كان الانقلاب شيئا حقيقيا ام مؤامرة صنعها لكى يواجه سطوة الجيش، وفى كل الحالات لا يوجد حاكم عاقل يدخل فى حرب مع جيش بلاده، لأن هذا الجيش مصدر قوته وحمايته ولكن أحيانا يتصور كل ديكتاتور ان القرار فى يده وينسى ان الكرسى لا يدوم .. إذا استمر الحال فى تركيا على ما هو عليه الآن فلن يطول المقام بالرئيس أردوغان فى السلطة، لأن الحل الوحيد أمام تقسيم الجيش والشعب هى الحرب الأهلية ولن يكون فيها منتصر أو هو. لمزيد من مقالات فاروق جويدة