مازالت الارض فى افريقيا لم تبح بعد بأسرارها رغم الثروات الطبيعية الهائلة التى تزخر بها القارة، والتى تمثل 30% من احتياطى ثروات العالم ،الا ان هذا الرقم ممكن ان يصل الى 50% لو توافرت الامكانات المادية والتكنولوجية للبحث والتنقيب، والابحاث العلمية فما تم اكتشافة حتى الآن هو جزء بسيط من الخامات الواضحة على السطح فماذا لو وصلنا إلى الاعماق. يقول الدكتور عباس شراقى - استاذ الجيولوجيا ورئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة - إن ما عرفناه حتى الآن هى الحقول التى أعلنت عن نفسها لكن الكنوز المخبأة فى باطن الارض تحتاج الى امكانات مادية، وصور اقمار صناعية، وتكنولوجية عالية للوصول لهذة الثروات. وضرب الدكتور شراقى المثل بالكونغو الديمقراطية التى حباها الله بثروات هائلة من ماس ويورانيوم وذهب إلا انها مصنفة ضمن افقر 10 دول فى العالم. جاء ذلك فى الندوة التى استضافتها الجمعية الافريقية بالقاهرة برئاسة السفير محمد نصر الدين عن الموارد الطبيعية فى افريقيا وعلاقتها بمصر بحضور عدد كبير من الطلبة الافارقة والمهتمين بالشأن الافريقي. ويضيف أن الكثيرين لا يعرفون ان 90% من الخامات المستخدمة فى صناعة الهواتف المحمولة على مستوى العالم تأتى من الكونغو، فهى اكبر دولة افريقية من حيث المساحة حيث تبلغ 2,3مليون كم2 اى أكبر من ضعف مساحة مصر، فضلا عن الكميات الهائله من المياه التى تمتلكها بفضل نهر الكونغو الذى يحتوى وحده على 1300 مليار متر مكعب من المياه، فضلا عن فرص توليد الكهرباء التى يمكن ان تلبى احتياجات القارة كلها لو احسن توظيفها، مشيرا الى ان الكونجو يحتاج 100مليار دولار لاقامة سدود على النهر لتوليد الكهرباء. ويؤكد شراقى ان شركات التنقيب عن البترول والمعادن العالمية تخصص 10% من ارباحها للاستكشافات الجديدة، كما ان لديهم فرقا بحثية مهمتها البحث وامدادهم بالابحاث العلمية التى تساعدهم فى عملية التنقيب، هو ما حدث من قبل الشركة الايطالية التى اكتشفت حقل الغاز مؤخرا فى البحر المتوسط. وتساءل شراقي: لماذا لا يكون لدينا فى افريقيا شركات وطنية هى التى تقوم بالبحث والتنقيب بدلا من ان تذهب العائدات للخارج؟. ويكشف عن ان اكبر منجم للحديد فى مصر اكتشف فى الواحات البحرية بسبب نملة كانت تحفر على السطح ولما ظهر اللون الاحمر الداكن تنبهنا الى وجود الحديد فى هذه المنطقة، وانشئ بعدها خط سكة حديد لنقل خام الحديد من الواحات البحرية الى حلوان. ويلفت الرجل الى ان فى كثير من الاحيان يكون الخام تحت ارجلنا و يفصل بيننا، وبينه ملى واحد ولا ندركه لذلك يدعو شراقى الى تخصيص جزء اكبر من ميزانية الدول الافريقية للبحث العلمي، والبحث والتنقيب عن الثروات فضلا عن إشراك كل مؤسسات الدولة من جامعات ومراكز ابحاث ليس فقط فى عمليات البحث بل ايضا فى تطوير المنتج والتحسين من ادائه حتى نتمكن من الحفاظ على صناعتنا وكذلك المنافسة فى السوق العالمية. ولان الشركات العالمية لن تقف مكتوفة الايدى فى انتظار الافارقة فهى تدخل بقوة للحصول على امتيازات الكشف والتنقيب وتحصل على النصيب الاكبر من عوائد هذه الثروات. ومن هنا جاءت مبادرة البنك الدولى التى اطلقها العام الماضى للكشف عن الثروات الطبيعية فى افريقيا بتمويل يبلغ مليار دولار، ويهدف مشروع «خريطة المليار» كما اطلق عليه الى تحديد اماكن وجود المعادن بالتعاون مع الحكومات الافريقية عن طريق الاتحاد الافريقي. ووفقا للبنك الدولى فإن هذه المبادرة ستمكن الحكومات الافريقية من الكشف عن الكنوز المخبأة فى باطن الارض لتمكين الافارقة من تحسين شروط التفاوض مع شركات التنقيب العالمية. وبالطبع المليار دولار المخصص لن يكون ثمن الثروات، وانما هو جزء لا يذكر مما تزخر به القارة الفتية التى هى مازالت مسرحا للقوى الكبري، والشركات متعددة الجنسيات. لكن السؤال هنا: هل حقا ستستفيد الشعوب الافريقية من هذة المبادرة وهل ستنعكس على تحسين احوالهم المعيشية سواء فى خدمات رعاية صحية ،او الحد من الفقر، ام ان المكاسب المادية ستكون حكرا على الشركات الاجنبية مناصفة مع جيوب القادة الأفارقة !