البابا تواضروس: عيد القيامة المجيد هو عيد الأعياد وفرحة الأفراح    قرار رسمي جديد بشأن بشأن "زي المدارس" على مستوى الجمهورية    "إسكان النواب" تكشف أسباب عدم تطبيق التصالح في مخالفات البناء    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    وزير الأمن القومي الإسرائيلي:" لا للتفاوض مع حماس ونعم لاجتياح رفح"    مريم متولي أفضل لاعبة في بطولة إفريقيا لكرة الطائرة سيدات    ملخص أخبار الرياضة اليوم.. ريال مدريد يحسم الليجا ومعلول يرتدي شارة الأهلي وسام مرسي يصعد للبريميرليج    معلول: تشرفت بارتداء شارة قيادة أعظم نادي في الكون    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    أول تعليق من كولر على أزمته مع أفشة عقب مبارة مازيمبي    بمناسبة عيد القيامة.. رئيس قضايا الدولة يشارك في احتفال الكاتدرائية المرقسية    بسبب ماس كهربائي.. المعمل الجنائي يعاين حريق مخزن قطع غيار بالعجوزة    إصابة 10 أشخاص فى أسيوط إثر انقلاب سيارة "تمناية"    الإنقاذ النهرى بالغربية ينتشل جثة غريق فى السنطة    "قطعتها على طريقة الجزارين".. اعترافات مثيرة لقاتلة الحاجة عائشة بالفيوم    قصة شم النسيم الحقيقية وسبب تسميته بهذا الاسم.. اعرف الجديد    تنبؤات المعهد القومي للبحوث الفلكية بتحديد موعد عيد شم النسيم لعام 2024    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن البحث على مقبرة نفرتيتي    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    اتحاد الصناعات: نواقص الدواء بالسوق المحلي 7% فقط    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    زغاريد وترانيم فرايحي بقداس عيد القيامة المجيد فى الدقهلية    بالصور.. الأجراس والترانيم تتعالى داخل كنائس وأديرة جنوب سيناء    قداس بدولة الهند احتفالا بعيد القيامة    المحبة والأخوة.. محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة ماري جرجس بطنطا    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    حقيقة وصول عروض احتراف لنجم الجونة    ملف رياضة مصراوي.. طاقم تحكيم الزمالك.. صعود سام مرسي.. وفوز الأهلي    الزمالك وديربي إنجليزي.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    عيار 21 بعد الارتفاع الجديد.. أسعار الذهب اليوم الأحد 5 مايو 2024 في مصر المصنعية (تفاصيل)    أسعار سيارات مرسيدس EQ في السوق المصري    التحالف الوطني يكرم ذوي الهمم العاملين بالقطاعين العام والخاص بالأقصر    ب 150 ألف مقدم.. تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل طرحها بأيام- (صور)    رئيس الغرفة التجارية بالجيزة: شركات عدة خفضت أسعار الأجهزة الكهربائية بنسب تصل إلى 30%    شديد الحرارة ورياح وأمطار .. "الأرصاد" تعلن تفاصيل طقس شم النسيم وعيد القيامة    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    وزارة العمل تكشف اخر مستجدات قانون العمل    بمشاركة رؤساء تحرير الصحف القومية.. مكتبة مصر العامة تناقش دور الصحافة في دعم الدولة المصرية    ضياء رشوان: لم يتبقى أمام نتنياهو سوى العودة بالأسرى بعد فشل إسرائيل.. فيديو    أهالي الجنود لجيش الاحتلال: اقتحام رفح يعني فخ الموت.. لم نعد نثق بكم    برج العقرب .. حظك اليوم الأحد 5 مايو 2024 : مشاعر غير متوقعة    عمرو أديب يوجه رسالة إلى التجار ويحذر: «علامة مش كويسة للسوق» (فيديو)    فستان حورية البحر.. نجوى كرم تثير الجدل بأحدث إطلالة| شاهد    قتيلان وجرحى في هجمات روسية على 3 مناطق أوكرانية    حكم سفر المرأة الكبيرة للحج دون محرم.. دار الإفتاء ترد    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    أوكرانيا تعلن إسقاط طائرة روسية من طراز "سوخوي - 25" فوق دونيتسك    ألمانيا تحقق مع متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين    غصة للاحتلال .. "السنوار" يهاتف فصائل فلسطينية لبحث ملف التفاوض بعد تجوله بغزة    "زلزال".. تعليق صادم من تامر أمين على صورة حسام موافي وأبو العينين (فيديو وصور)    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    رمضان عبد المعز يطالب بفرض وثيقة التأمين على الطلاق لحماية الأسرة المصرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد غياب كثير من ملامحها المتسامحة وثقافتها المنفتحة‏:‏ الإسكندرية تسترد روحها

الإسكندرية مدينة كوزموبوليتية ذات ثقافة منفتحة علي الآخرين‏,‏ فتحت ذراعيها لإستقبال كل الحضارات وتعايشت معها‏,ومؤخرا فاجأت الجميع في أول انتخابات رئاسية في مصر بخصوصيتها بعد أن احتل المرشح الثوري ذو الخلفية الناصرية, حمدين صباحي المركز الأول فيها. وذلك علي الرغم من الطابع الديني الذي يتسم به الكثير من مناطقها اليوم وتصدر تيارالإسلام السياسي المشهد في الانتخابات التشريعية ، فخلال السنوات الماضية تأثرت عروس البحر المتوسط بالأحداث السياسية وأسلوب الحكم صعودا وهبوطا. وهو ما ظهرت ملامحه في تغير وجه العديد من مناطقها الي عشوائية البناء والسلوك ليتبني كثير من سكانها ثقافة منغلقة. لكن يبدو أن المدينة التي اشتعلت بها أولي شرارات ثورة ينايرتتمرد وتبدأ اولي خطواتها نحو العودة إلي أمجاد الماضي.
فيلات ومبان أثرية تهدمت لتحتل مكانها مولات وأبراج سكنية. مطاعم وملاه ليلية علي البحر تحولت إلي مقاه. عشوائية السكن والسلوك بدأت في الزحف من أطراف الإسكندرية إلي داخلها, ليتنافس المارة والتكاتك والمشاريع أي الميكروباصات وأكوام القمامة علي احتلال بعض شوارع المدينة التي طالما اتسمت بنظافتها وجمال معمارها الذي كان يغلب عليه الطراز الاوروبي.
تغيرت الإسكندرية كثيرا كما يقول هيثم ندير, أحد سكانها, اختفي تقريبا المعمار القديم إلا من بعض المناطق في شارع فؤاد وشارع السلطان حسين والأزاريطة وكذلك بعض مناطق بحري.
ويضيف أحد عشاق الإسكندرية: حتي نوعية السكان اختلفت فبعد ان كان معظم سكانها من الأجانب, زادت الهجرة اليها من محافظات مصر المختلفة, كفر الشيخ, المنوفية وسوهاج لتتكون خصائص سكانية جديدة.
فالمدينة طالما كانت منفتحة بحكم الميناء والبحر وكانت وطنا للأرمن واليونانيين. ويتذكر حازم الطوخي طفولته قائلا كانت تمتزج الثقافات في مدارسنا, كنا منفتحين, يقبل كل منا الآخر ولم تشك الإسكندرية ابدا من اختلافات الثقافات. كان البقال يونانيا وبدايات صيدناوي وشيكوريل في الإسكندرية وكنا نمارس عادات رأس السنة من كسر الزجاج وغيرها. وبعد ثورة 52 كانت الإسكندرية ملاذا للكثير من الأجانب. ويري الطوخي أنه خلال حكم النظام السابق انتقلت اليها عدوي عشوائية الفكر والسكن. وانتشرت بها فكرة الكانتونات بعد هجرة أبناء المحافظات الأخري لها. بدأوا في بناء العشش و تكوين العشوائيات ومن هنا بدأ يتسلل و ينتشرتيار التشدد الديني بصوره المختلفة.
ابراهيم عبد المجيد الروائي والعاشق للإسكندرية يرجع سبب تغيرحال المدينة المنفتحة إلي فترة السبعينيات والثمانينيات, حين عمل النظام السياسي علي إفساح المجال للتيارات الدينية الرجعية علي حساب التيارات الأخري من اليساريين وغيرهم والتي حاول التضييق عليها وارهاقها في صراعات داخلية. ويستطرد: كان هناك شبه اتفاق ضمني بين الدولة والإخوان أن يظلوا في الشارع مقابل عدم اقترابهم من السلطة. ويشير عبد المجيد إلي أن الإسكندرية تركت لهم بشكل كبير, فتم شراء الملاهي الليلية وتحويلها الي مقاه وكذلك السينمات في الأحياء الشعبية. ثم بدأ السماح للناس بالبناء بعشوائية ودون تراخيص وفتح الباب للاستثمارالطفيلي في المدينة.
ويؤكد الروائي العاشق لمدينته أن المحافظين ذوي الخلفية العسكرية اهتموا بالكورنيش كواجهة فقط واهملوا المدينة في الداخل, وتركت الحرية للزوايا والمساجد تخطف عقول الكثيرين دون رقيب. إضيف إلي ذلك الهجرة من المحافظات وكذلك سفر الكثيرين من فقراء المدينة إلي السعودية و عودتهم بالكثير من الأفكار الوهابية الي مدينتهم هو ما ساهم في انتاج هذا الوجه المنغلق والمتشدد في الإسكندرية وهو جزء مما حدث في مصر لكنه أكثر ايلاما في المدينة ذات الطبيعة المتسامحة والمنفتحة. لتغلب مشاهد النقاب والذقن والجلابية بكثرة علي كورنيش الإسكندرية وكلما توغلنا في الداخل وباتجاه منطقة سيدي بشر قبلي تتجلي الكثيرمن مظاهر التوجه الديني المتشدد في بعض الأحيان كما يقول بعض سكان الإسكندرية الأصليين, لنجد متاجر تحمل اسم المنتقبة أوالعباية ترتدي كل المانيكانات في فاترينة العرض العباية والنقاب. في حين تحمل جدران الكثير من الشوارع عبارات تطالب النساء بالالتزام في الزي وتحرم بعض أشكاله مثل يا مسلمة الملابس الضيقة حرام, يا مسلمة البنطلون و البدي حرام. وتبدوهذه المظاهرأكثر تجليا في المناطق الفقيرة والعشوائية في سيدي بشروعبد القادر والعامرية, الورديان, القباري, الدخيلة, منابع السلفية في مصر. حزام عشوائي ومرتع للتشدد الديني حول المدينة يتسلل الي داخلها كما يقول محمد نديرمؤكدا انه قبل15 سنة من الآن كان يشعروكأنه في مدينة نيس أما الآن فاختلفت صورة المدينة تماما. ويضيف هيثم ندير: في منطقة النهضة, هناك بيت مال للمسلمين بدلا من البنوك, وهناك تطرف ديني في بعض المناطق في الحزام حول الإسكندرية بسبب الجهل وضيق أفق البعض لكنه يؤكد أن كثيرا من شباب السلفية الحقيقيين لديهم فكر مختلف ومستعدون للحواروإقناع الآخر.
لكن عشوائية السلوك لدي البعض ارتبطت أيضا بعشوائية البناء حتي أن كثيرا من المقاولين اعتادوا علي منح سكان العمائر المكونة من خمسة الي ستة ادوار شققا مفروشة لمدة ثلاثة أشهر يقومون خلالها باعادة البناء في نفس المكان لكن هذه المرة18 دورا.
انسحاب الدولة وتوغل الإخوان
فقر, عشوائية, مخالفات وغياب لدور الدولة سمح لجماعة الإخوان الأكثر تنظيما بفرض وجودها في الإسكندرية. وكما يقول حازم الطوخي, هنا اصل سيطرة الأخوان في الجامعات فالجماعة هي من كانت تدفع المصاريف الدراسية للزملاء من أعضائها,. الجماعة توغلت في كافة مناحي الحياة فأقاموا مراكز علاجية للغسيل الكلوي ومعارض للكتب بأرخص الأسعار والعديد من الخدمات الاخري. ونظم الإخوان أنفسهم حتي انطلقت الشرارة الاولي لثورة ينايروفرضوا انفسهم علي المشهد السياسي لكن حالة الشره والشبق للسلطة أضرتهم وافقدت أهل الإسكندرية الثقة بهم كما يقول إبراهيم عبد المجيد مؤكدا أن الكثير من بسطاء الشعب السكندري رفض منح صوته للإخوان بعد أن كشفوا عن وجههم الحقيقي بسبب مواقفهم في مجلس الشعب ومن تأسيسية الدستور واتجهوا الي ابن التيار الناصري حمدين ربما يعيد اليهم مجدها القديم. فالإسكندرية كما يوضح عبد المجيد هي من أولي المحافظات التي اعترفت بثورة23 يوليو. فاختيار شعبها لصباحي يؤكد أن المدينة بدأت تستيقظ وأنها تريد إعادة ثقافتها المندثرة فهي لم تعرف الفتنة الطائفية الا ايام حسني مبارك أما في الخمسينيات والستينيات, كان بابا الطائفة الإنجيلية يطوف عمائر المنشية والمسلمون يمطرونه بالسكر والبونبون. كما كانت دائما المدينة التي تحرص علي الاحتفال برأس السنة الميلادية. فأهل الإسكندرية يحملون حنينا طاغيا لطبائعهم القائمة علي التعددية والتسامح وكانوا بحاجة لمن يستثيرهذه الصفات المتأصلة فيهم وهوما فعله الإخوان بمواقفهم, ويتمني عبد المجيد أن تعود الإسكندرية إلي ماضيها الجميل خاصة في ظل تزايد لدور المجتمع المدني فيها من فنانين ومثقفين ممن يمارسون الانشطة المختلفة لمساعدة الإسكندرية علي استرداد روحها و طبيعتها. لكن هيثم, أحد شباب منطقة بحري يقول ان اهل الإسكندرية لديهم مشكلة حقيقية في انتخابات الإعادة بعد أن خرج مرشحهم حمدين صباحي من السباق الرئاسي. فهنا الناس لا تريد لا الفلول ولا الإخوان, فماذا تفعل الإسكندرية بعد ان استيقظت وبدأت أولي خطواتها نحو استعادة طبيعتها المنفتحة ومجدها القديم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.