كانت مدينة الإسكندرية علي مر السنين رمزا للتسامح والتعايش السلمي .. تعيش فيها جاليات كبيرة من اليونانيين والإيطاليين بجانب المصريين. نجد هذا في أعمال أدبية وسينمائية كثيرة ، منها »رباعية الإسكندرية« للورانس داريل وفيلم »إسكندرية ليه« و فيلم »إسكندرية كمان وكمان« ليوسف شاهين وايضا رواية »لا أحد ينام في الإسكندرية« لإبراهيم عبد المجيد. ولكن خلال الفترات الأخيرة تغيرت الاسكندرية، وأصبحت حسب ما وضح في المرحلة الأولي من الانتخابات البرلمانية الحالية معقلا للسلفيين المتشددين ، وتجسدت هذه التغيرات خلال أحد المؤتمرات الانتخابية التي نظمها حزب النور باحد الميادين الهامة بالإسكندرية في شهر نوفمبر الماضي حيث فوجئ أهالي الإسكندرية بقيام المسؤلين عن المؤتمر بتغطية تمثال حوريات البحر بالقماش والحبال وحجبه تماماً عن الأنظار . كيف حدث هذا التحول؟ قبل ثورة 1952 كانت تسود مصر ثقافة التسامح وتقبل الآخر. وكانت مدينة الإسكندرية منفتحة علي أوروبا، وكانت ايضا جزءا من حضارة البحر المتوسط، اما بعد ثورة 1952، اعتبروا هذا الانفتاح ثقافة استعمارية لابد من التخلص منها، والبحث عن ثقافة بديلة متجهين الي الشرق، مرة تحت مسمي القومية العربية ، ومرة اخري من خلال التحالف مع الوهابيين ، واستمر هذا الوضع في عهد النظام السابق ، هذا بالاضافة الي هجرة الوافدين من نجوع وقري المحافظات الأخري الي الاسكندرية ونتيجة الجهل واقتناعهم بمفاهيم خاطئة من العصور الوسطي. هكذا اصبحت الاسكندرية عروس البحر المتوسط !!