مدينة كانوب.. جزيرة نلسون.. الأنبا كير كلها مسميات علي مدار التاريخ لمنطقة أبي قير التي تقع علي البحر المتوسط علي مسافة23 كم شرق الإسكندرية. والتي تعاني الكثير من المشكلات التي حولتها من مدينة تاريخية رائعة ترجع للعصر الفرعوني الي منطقة شبه عشوائية تعاني من الصرف الصحي ومخلفات المصانع التي تصب علي شواطئها وإستيلاء بعض البلطجية علي مساحات من الشواطئ لإقامة مقاه ومطاعم والكثير من الإشغالات ناهيك عن التوك توك, الذي أصبح يمرح بحرية في شوارعها بالإضافة الي التعديات في البناء التي أصبحت تهدد النسق المعماري المميز للمكان, ومشاكل الصيادين الذين تم حصرهم في مكان صغير من شاطئ الميناء مما أصابهم بالإختناق, نهاية بالتكدس المروري... كل هذه المشاكل رصدتها الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا التي تقع في قلب المنطقة في إطار تفاعل المؤسسة التعليمية مع البيئة المحيطة بها, وانتهت بإعداد دراسة وافية لمشكلات ابي قير مع وضع الحلول المقترحة للتطوير, وقد ظلت هذه الدراسة حبيسة الأدراج حتي رأت النور هذه الأيام من خلال دعوة محافظ الإسكندرية لإدراج هذه المنطقة ضمن خطة المحافظة للتطوير العمراني بإعتبارها البوابة الشرقية للمدينة. يقول الدكتور محمد جمعة أستاذ العمارة بالاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا إن مشروع التطوير فقد أعده قسم العمارة بالاكاديمية كدراسة مستقبلية وتخطيط شامل للمدينة بحدودها الإدارية من نهاية حي المعمورة وحتي الكلية البحرية جنوبا, وأن أخطر ما تعانيه ابي قير أنه لايوجد لها الا مدخلا ومخرجا واحدا هو الشارع الضيق نسبيا, الذي يجاور خط السكة الحديد وبالتالي إذا حدث أي قطع لهذا الطريق لأي سبب ستكون كارثة تعزل المنطقة عن الإسكندرية كلها لذا تم وضع تصور لتطوير شبكة الطرق الموجودة حاليا وإيجاد محاور بديلة لحل مشكلة المدخل, وقد بدأ المشروع بطريق يمتد من مزلقان الكلية البحرية ويتصل بطريق الكورنيش عند البحر الميت بنهاية الاكاديمية تقوم المحافظة بتنفيذه منذ ما يقرب من سنة بإمتداد12 كم تم إنجاز10 كم منها وجار استكمال الباقي, كما تم وضع مشروع لتطوير شبكة الطرق داخل الكتلة العمرانية وتسهيل المرور من خلال تنفيذ محور عرضي يربط مزلقان الكلية البحرية بمحطة القطارات الخاصة بالاكاديمية بطول10 كيلومترات تم تنفيذ أغلبها, بالإضافة لإحتواء الدراسة علي مجموعة من المشروعات التنموية, مثل تطوير الميادين بداية من محطة السكك الحديدية من خلال تصميم حديث يضم رصيفا للقطارات وجراجا متعدد الطوابق ومركز تجاري, حيث إن محطة القطار تقع في بداية الشارع الرئيسي للمدينة الذي سيتم تطويره حتي نهايته عند المسجد من خلال رصفه وإقامة جزر خضراء وأنشطة تجارية علي الجانبين بطول3 كم.. ويضيف الدكتور جمعة ان المشروع يضم محور عرضي يسار المسجد يؤدي الي الشاطئ الواقع علي البحر المتوسط الذي سيتم تطويره بإقامة طريق للكورنيش مشابه لكورنيش الإسكندرية للربط بصريا بين ابي قير والمدينة الأم, مع تزويد الكورنيش بمطاعم للأسماك, وهو النشاط الذي تشتهر به المنطقة. أما المحور العرضي يمين المسجد فيؤدي الي البحر الميت الذي ركزت عليه الدراسة من خلال استحداث كورنيش تنتشر عليه الانشطة السياحية والترفيهية ومارينا لليخوت وفندق عالمي ومجموعة من المطاعم السياحية, بالإضافة لتطوير ميناء ونظم الصيد ورفع الكفاءة الإنتاجية للصيادين, مع إقامة حلقة للأسماك علي أحدث النظم العالمية تضم أماكن للبيع بالجملة والقطاعي وأماكن تثليج وتصنيع بدائي. ويقول الدكتور محمد جمعة إن الدراسة لم تغفل السكان الذين يصل عددهم الي أكثر من ربع مليون نسمة فقد إهتمت بزيادة الرقعة السكانية غربا, واستكمال الخدمات اللازمة كالمدارس بإضافة4 مدارس ابتدائية و2 اعدادي وثانوي فضلا عن زيادة المساحات الخضراء والملاعب الرياضية والمستشفيات بإضافة مستشفي عام جديد مع الإهتمام بالخدمات الفنية والثقافية والترفيهية وتطوير منطقة طوسون تخطيطيا علي أساس إنشاء مجموعة من الخلايا السكانية متكاملة الخدمات والمرافق حتي يمكن القيام بعملية الإحلال والتبديل للمناطق العشوائية الحالية, ويكفي أن نعرف أنه خلال الأشهر التالية للثورة تم تشييد ما يقرب من50 عمارة مخالفة بدون تصاريح تحتاج الي سرعة الحسم حتي لاتتحول هذه المباني العشوائية الي كارثة علي رءوس اصحابها والقاطنين بها. ويقول الدكتور أسامة الفولي محافظ الإسكندرية إن مشروع تطوير منطقة أبي قير سوف يتكلف ملايين الجنيهات في سبيل إعادة الرونق الحضاري لهذه المنطقة ذات السمعة العالمية بإعتبارها البوابة الشرقية للإسكندرية ومن أكثر المناطق الأثرية جذبا للسائحين وعلماء الأثار بعد إنتشال المئات من القطع الأثرية من بحرها بالإضافة الي وجود ثلاث قلاع آثرية واحدة في كل ضلع من اضلاع المدينة التي تشبة المثلث, وفي النهاية أكد محافظ الإسكندرية أنه يأمل أن ينقل هذا المشروع المنطقة نقلة حضارية كبيرة لكي يجد الصيادون احتياجاتهم بإعتبار ان هذه المنطقة كانت في الاساس مدينة للصيادين, ثم إقيمت فيها شركات لصناعة السفن مما أدي الي إنتشار الورش والصناعات الصغيرة المتعلقة بالصيد فتحولت الي منطقة بحرية ذات طابع خاص.. بقي أن نقول أن منطقة أبي قير حصلت علي اسمها نسبة الي( الأنبا كير) الطبيب الذي لقي حتفه عام312 م وهو يناهض الوثنية ويعمل علي نشر المسيحية.