بلغت قضايا إثبات النسب بالمحاكم نحو 75 ألف قضية، بينما يشير رجال القانون إلى أن العدد الحقيقى تعدى مائة ألف حالة، بما يعنى أن هناك مائة ألف طفل وطفلة ينتظرون العدل لإثبات حق البنوة والخدمات والحياة، وأن هناك شريحة لم تتقدم للمحاكم لفقر السيدات وعدم القدرة على المصروفات بالمحاكم، وكشف قانونيون عن أن نصف زيجات الزواج العرفى بدون عقد مكتوب، ويعتمد على الشهود والموافقة، لذلك فإن المجلس القومى للمرأة، قرر مساعدة المرأة غير القادرة لرفع القضية، كما طالبت مراكز حقوق المرأة والطفل بقيد أطفال الزواج العرفى فى المواليد ولو مؤقتا، حتى لا تضيع حقوقهم فى الرعاية الصحية والتعليمية وحتى تفصل المحكمة فى قضاياهم التى تطول. ..................................................................................................... المستشار القانونى عبد العظيم ماجد يقول: تعريض أبناء هذا الزواج للخطر يعد فسادا فى الذمم والأخلاق، فالأب يحاول أن يتهرب من هذا الزواج ويرفض الاعتراف بنسب صغيره، رغم أنه المنوط قيد صغيره بمصلحة الأحوال المدنية واستخراج شهادة ميلاده، فإن تعذر يحق للأم أن تبادر به، بشرط أن تثبت رسمية هذا الزواج خلال 15 يوما من الولادة، فإن لم يكن لديها عقد زواج رسمى، يرفض طلبها باستخراج شهادة ميلاد لصغيرها، وذلك لأن مصلحة الأحوال المدنية لم تتحقق من أن هذا المولود إبنا للأب الذى طلبت أم المولود إثبات صغيرها له، ولا تستخرج شهادة ميلاد الصغير، مما يتعذر معه أحيانا إمكانية إعطاء المولود التطعيمات الضرورية اللازمة له، مما يدفع الأم لرفع دعوى إثبات نسب الصغير لأبيه.. من مزايا دعوى إثبات النسب أنها لا تحتاج التقدم بطلب إلى مكتب تسوية المنازعات الأسرية قبل رفع الدعوى، وذلك لأنها من الدعاوى التى لا يجوز فيها الصلح، كما تختصم مصلحة الأحوال المدنية، ووزارة الصحة لأنهما طرفان فى استخراج شهادة الميلاد والتعامل معها. الزواج الثابت لا يشترط فى إثبات النسب تقديم عقد الزاوج العرفى، بل يكتفى بإثبات الزواج ببينة حصوله وحصول الترابط فى ظله، باعتبار أن البينة الشرعية هى إحدى طرق إثبات النسب، وأنه ليس بلازم أن يشهد الشهود بحضور مجلس ذلك العقد العرفى بل يكفى أن يشهدوا بعلمهم بحصوله. يضيف ماجد: النسب يكون بجميع طرق الإثبات إما بالاقرار أو البينة والقرائن وشهادة الشهود، والإقرار هو إقرار المدعى عليه ببنوة الصغير، ونسب صغيره له، فإذا حضر فى أثناء نظر الدعوى فى الجلسة وأقر أمام القاضى بنسب صغيره حكم القاضى بإثبات نسب الصغير لأبيه المدعى عليه كما أن دعوى النسب تثبت بكافة طرق الإثبات وأهمها شهادة الشهود،أما البينة الكاملة فهى شهادة رجلين أو رجل وامرأتين فغالبا فى هذه الحالة تحال الدعوى للتحقيق لإثبات حدوث الزواج ومكانه وزمانه والدخول والإنجاب كما إن الدعوى إذا تطلبت الجزم واليقين يكون ذلك بإجراء تحليل البصمة الوراثية. البصمة الوراثية يجرى تحليل البصمة الوراثية على كل من المدعية والمدعى عليه والصغير، وعقب ظهور نتيجة التحليل يصدر تقرير من مصلحة الطب الشرعى للمحكمة مشفوعا به نتيجة تحليل البصمة الوراثية لأطراف الخصوم ويحوى نتيجة نهائية موضحا فيها عما إذا كان الصغير ابن المدعى عليه من عدمه حسبما تبين من نتيجة التحليل فإذا إنتهى تقرير الطب الشرعى إلى أن الصغير ليس ابن المدعى عليه حكمت المحكمة برفض الدعوى مع إلزام رافعة الدعوى بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، أما إذا جاءت نتيجة التقرير أن تحليل البصمة الوراثية تبين منه أن الصغير هو ابن المدعى عليه حكمت المحكمة بإثبات نسب الصغير لأبيه المدعى عليه، ويحق للمدعى عليه استئنافه خلال أربعين يوما، وغالبا لن يستأنف لأن محكمة أول درجة ثبت لديها على وجه الجزم واليقين كما أن المدعى عليه تأكد من صحة الحكم بثبوت النسب على وجه جازم وقاطع وبعد انتظار لمدة أربعين يوما تتقدم الأم بالصورة الرسمية للحكم لتستخرج شهادة ميلاد صغيرها. أما الباحث القانونى محمد رضا باحث الدكتوراه بحقوق عين شمس، فيرى أن الواقع العملى وإعتبارات الملاءمة، نظرا لازدياد أعداد مثل هذه القضايا ، يستوجب تدخلا تشريعيا للحد من هذه المشكلة، ويهيب بالمشرع التدخل بالتعديل وذلك بأن يفرض الجزاء المشدد على أى من الخصمين الذى يثبت عدم صحة مزاعمه فيما يتعلق بمشكلة النسب إذا رفعت قضاء، بمعنى أنه فى دعوى إثبات النسب لا يوجد نص قانونى يرتب جزاءا رادعا على الأب الذى ينكر نسب صغيره، لذا نرى أنه للحد من مشكلة عدم الاعتراف بالبنوة ومن باب إضفاء سبل قانونية جديدة لحماية الطفولة، يجدر مستقبلا النص على أنه فى حال إثبات نسب الصغير لأبيه المدعى عليه فى دعوى إثبات النسب وجب تحريك الدعوى الجنائية ضد الأب الذى تعمد بسوء نية عدم الاعتراف ببنوة صغيره، ويمكن أن تكون العقوبة بالحبس والغرامة أو أى منهما وذلك وفقا لكل حالة على حدة. الواقع العملى ويضيف أن هناك مشكلة تثار فى الواقع العملى فى دعاوى إثبات النسب أنه غالبا حين تحال الدعوى للطب الشرعى لإجراء تحليل البصمة الوراثية، فتلزم المرأة بصفتها المدعية رافعة الدعوى بأمانة قدرها ألف جنيه مثلا وكثيرا مايحدث أن تكون المرأة غير قادرة على تدبير هذا المبلغ وحتى وإن تمكنت من سداد الأمانة وأحيلت الدعوى للطب الشرعى فإن من أبسط قواعد العدالة إذا حكم بإثبات النسب أن يلزم المدعى عليه بأداء أمانة الطب الشرعى للمدعية. تقول الدكتورة سهير صفوت أستاذة علم الاجتماع المساعد بكلية التربية فى جامعة عين شمس: إن الزواج العرفى ابن شرعى لظروف إجتماعية سيئة، وأن هناك فارقا كبيرا بين الزواج والتزاوج، وأن الزواج العرفى نتاج لتغييرات مجتمعية شهدتها مصر، إذ ان سياسة الدولة المصرية تغيرت من الاشتراكية إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى الرأسمالية خلال حكم الرئيس السادات، مؤكدة أنه خلال هذه الحقبة سافر العديد من المصريين لدول الخليج لوجود النفط وتوفر فرص العمل هناك، وظهر حينها مصطلح الأسرة العرجاء لوجود الزوج خارج البلاد، وأصبح هناك تفكيك داخل الأسرة وغياب للقيم الاجتماعية، ومع حالة تفكيك المنظومة يظهر الزواج العرفى من الشباب للتمرد وتحقيق النزوات الجنسية، لذلك فإن حل مشكلة الزواج العرفى يكون بتكاتف المؤسسات الاجتماعية، كما أنه لابد من تغيير الخطاب الدينى لأن الشباب ضحايا، ونحتاج لعودة الأسرة قوية مرة أخرى.