ظهر الانترنت كسلاح رئيسي في الثورات العربية بشكل كبير ومن هذه المؤشرات التي تؤكد ذلك قيام الرئيس السابق بقطع الانترنت عن مصر بالكامل في محاولة منه لمواجهة الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة ضد نظامه والتي ارغمته علي التنحي وما قامت به مؤخرا الحكومة السورية بوقف خدمات الانترنت لبعض الوقت في معظم الاراضي السورية لمنع حشد المتظاهرين وقد كان للانترنت دور كبير في الثورة التونسية والليبية. وبدعوي دفاع واشنطن منذ عقود طويلة للدفاع عن حرية التعبير ونشر الديموقراطية كما يقولون ولعقود خلت انتجت الولاياتالمتحدة برامج اذاعية موجهة الي مواطني الدول الدكتاتورية كانت تبث بالدرجة الاولي عبر اذاعة' صوت اميركا' لكنها لم تحقق الهدف المطلوب بعد ان ادركت الدور الكبير للانترنت والتليفونات الذكية في الثورات فقررت الادارة اقامة مشروع عالمي لانشاء شبكة انترنت' خفية' لا يمكن للانظمة الدكتاتورية حظرها او مراقبتها, كذلك توفير شبكة هواتف محمولة مستقلة لا يمكن للسلطات دخولها, مما يتيح للمعارضين امكانية الالتفاف علي الرقابة. فمثل الروايات البوليسية تقوم الادارة الاميركية بمساعدة بعض الشباب في واشنطن انشاء مشروع انترنت خفية من خلال صنع جهاز الكتروني للاتصالات لا يلفت الانتباه وصغير الحجم يمكن نقله داخل حقيبة سفر عادية. وهذا المشروع تموله وزارة الخارجية الاميركية بمنحة قدرها مليونا دولار, و يتم تركيب الجهاز بسهولة وسرعة و يسمح باجراء اتصالات لاسلكية في منطقة واسعة النطاق, وفي الوقت نفسه يتيح الاتصال بالانترنت وهو مشروع سبق وان ابتكره قراصنة الانترنت.وتسمح شبكات الاتصال الخفية للناشطين في بلدان مثل ايران وسوريا بالاتصال بالخارج من دون ان تتمكن حكوماتهم من رصدهم وليس هذا هو المشروع الوحيد فهناك مشروع طموح اخر فقد خصصت وزارتا الخارجية والدفاع الاميركيتان مبلغ50 مليون دولار لبناء شبكة هاتف محمول مستقلة في افغانستان عبر استخدام ابراج في قواعد عسكرية محمية كاعمدة ارسال. كما دعمت مؤخرا واشنطن تطوير برامج معلوماتية تحمي هوية مستخدمي الانترنت في دول مثل الصين, كما دعمت برامج لتدريب مواطنين من هذه الدول علي نقل المعلومات عبر الانترنت من دون ان تتمكن السلطات من رصدهم ليست الولاياتالمتحدة فقط التي تقوم بهذا الدور فهناك شبكة دولية من التقنيين مركزها أوروبا يطلق عليها تيليكومكس تعمل علي تقديم الدعم للثوار العرب, من خلال مساعدتهم في بث رسائلهم وإمدادهم بالنصائح التي تسمح لهم بالتهرب من أجهزة الرقابة الأمنية والتواصل عبر الانترنت, مع العديد من المدونين والمعارضين في البلدان التي تشهد ثورات ضد الأنظمة الديكتاتورية, وقد قدمت الدعم لثوار مصر خلال ثورة يناير ومن اهداف الشبكة الدولية تقديم الانترنت مجانيا, وغير خاضع لأي نوع من أنواع الرقابة وتعزيز وصول الأصوات المنتقدة و ظهر دور الشبكة خلال حركة الاحتجاج في ايران عام2009, وثورة الياسمين في تونس, عملت' تيليكوميكس' علي جمع ونشر المعلومات, التي استقتها من الصفحات المعارضة والمدونات, التي لجأ إليها عدد من المعارضين, الذين تجرأوا علي تحدي النظام الاستبدادي في بلدانهم. دور تيليكومكس في مصر استمر التعتيم وقطع الانترنت عن مصر لأيام عدة وأظهر هذا التصرف مدي العجز واليأس الذي يمر به الحكام المستبدون في مصر, بعدما أدركوا الخطر الذي يشكله مستخدمو الانترنت عليهم, وتبين أن النظام كان يخشي من الطريقة التي يمكن أن تساعد فيها وسائل الإعلام الاجتماعية في بث دعوات إلي التعبئة وانتقاد الحكام. صدمت التقنية التي اتبعها مبارك نشطاء الإنترنت والمتسللين في أنحاء العالم كافة, وكانت بالنسبة إلي الكثيرين بمثابة دعوة إلي الاستيقاظ وإلي تقديم مساعدات ملموسة لهذه الحريات علي الانترنت, من ضمن هؤلاء كانت' تيليكوميكس', التي عملت علي إعادة وصل النشطاء بالانترنت, ليتمكنوا من إيصال أصواتهم إلي العالم. يقوم الناشطون في خدمة إخفاء الهوية بعقد ورش عمل للمدونين العرب, وعبر السنوات الماضية, تمكنوا من تقديم النصح للناس حول كيفية تصفح الانترنت بشكل آمن, وإرسال الصور وأشرطة الفيديو دون أن يتم كشفهم. التواصل مع المصريين المحاصرين حولت' تيليكوميكس' ما بدأ كعمل تضامن مع المصريين, الذين منعوا من الأنشطة عبر الإنترنت, إلي استراتيجية مفصلة. و جذبت جهودها نيابة عن السوريين اهتماما دوليا واسع النطاق. بعد اكتشف اعضاء الشبكة الدولية أن الحكومة السورية تستخدم تكنولوجيا غربية الصنع لرصد أنشطة المواطنين السوريين عبر الإنترنت علي عكس مصرالتي كانت اهدأ نسبيا لكن هناك العديد من الصعوبات في القيام بهذه المهام في سوريا. سوريا هي الأكثر صعوبة تقوم السلطات السورية بتضييق الخناق علي المعارضة بشكل رهيب, لهذا فان دعم' تيليكوميكس' للسوريين أكثر تعقيدا مما كان عليه مع المصريين أو التونسيين او الليبين والأسباب الرئيسة لذلك تقنية بمجملها: استخدام الإنترنت علي نطاق واسع في سوريا أقل مما هو عليه في البلدان الأخري, التي شهدت ثورات ضد الأنظمة, وليس هناك استخدام علي نطاق واسع للهاتف المحمول من الجيل الثالث G3, وهناك عدد أقل من الهواتف الذكية, التي يمكن استخدامها بصورة غير واضحة لتوثيق حالات الاعتداء الرسمية كما إن طريقة التواصل هي إحدي المشاكل لأن اغلبية المتظاهرين السوريين يتحدثون العربية فقط. إعطاء صوت للسوريين استطاع نشطاء' تيليكوميكس تأمين نحو54 جيجابايت من البيانات أثناء هجوم القراصنة التابعين لهم علي أجهزة الرقابة للحكومة السورية ويأملون أن تساعدهم هذه البيانات في اكتشاف الطريقة التي تستخدمها الحكومة السورية للتجسس علي الناس, ومنعهم من الوصول إلي خدمات الاتصالات, مثل برنامج سكايب. ومنذ الصيف الماضي يحاول النشطاء إيجاد بدائل آمنة للسوريين, من أجل الوصول إلي الإنترنت. وفي منتصف, بعثوا برسالة قصيرة إلي6000 عنوان من البريد الإلكتروني, وتضمنت الرسالة:' إلي الشعب السوري العزيز, والمناضلين من أجل الديموقراطية. تحوي هذه الرسالة المبادئ الارشادية للاتصالات المنقذة للحياة'. وعلي الرغم من أن البريد الإلكتروني هو مجرد بضعة أسطر غير طويلة, باللغتين الانجليزية والعربية, إلا أنه يتضمن إرشادات مفصلة حول كيفية تجنب الرقابة واستخدام الانترنت بأمان, فضلا عن وجود صلة لتنظيم وتأمين الكمبيوتر في منتديات الدردشة. منذ ذلك الحين, تكاثرت الأصوات العربية والأسماء المستعارة علي قنوات الدردشة, واصبح بإمكان النشطاء في سوريا تبادل المعلومات وإرسال تقارير عن وحشية النظام, وتحركات الجيش السوري, وممارسات المخابرات السورية الفظيعة.