بدأ وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى زيارة لموسكو أمس يسعى خلالها إلى تأسيس تعاون أوثق مع الجانب الروسى بشأن الحرب فى سوريا، فى ظل معارضة قوية من مسئولى الدفاع والمخابرات الروس لهذا التوجه، اقتناعا منهم بأن أهداف البلدين تتعارض تماما فى ذلك الصدد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مارك تونى إن كيرى توجه إلى روسيا «مجددا» فى «محاولة أخرى» لإقناع موسكو بالمشاركة فى عملية يمكن أن تؤدى إلى وقف تام للعمليات القتالية فى سوريا. وتأتى زيارة كيرى - التى تعد الثانية للعاصمة الروسية خلال العام الجارى والثالثة خلال 12 شهرا - فى وقت ساءت فيه العلاقات الأمريكية الروسية بعد تبادل الجانبين طرد دبلوماسيين ومناورات روسية عدائية تجاه طائرات وسفن أمريكية، فضلا عن تجاهل وقف العمليات القتالية فى سوريا، حيث قصفت روسيا جماعات مسلحة تدعمها الولاياتالمتحدة هناك على نحو أثار استياء كبيرا داخل واشنطن. وفى هذا الصدد، قال مسئول مخابراتى أمريكى : «ليس واضحا لماذا يعتقد كيرى أنه يستطيع إقناع الروس بدعم أهداف الإدارة فى سوريا، فوزير الخارجية يتجاهل أن الروس وحلفاءهم من السوريين لم يميزوا بين قصف تنظيم داعش الإرهابى وقتل أعضاء من المعارضة المعتدلة ومنهم بعض الأشخاص الذين دربناهم». فى الوقت نفسه، كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن كيرى سيعرض على موسكو خلال الزيارة التعاون عسكريا لمكافحة جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة فى سوريا، وتنظيم داعش. ولم ينف كيرى ما أوردته الصحيفة، إلا أنه امتنع عن التباحث فى تفاصيل الاقتراح قبل وصوله إلى الكرملين. وتابعت الصحيفة، نقلا عن مسودة الاقتراح، إن الاتفاق ينص على إقامة قيادة أمريكية وروسية مشتركة ومركز مراقبة لتوجيه غارات جوية مكثفة ضد التنظيمين. وعند سؤال كيرى عما إذا كان يريد التعليق حول ما ورد بأن واشنطن ستعرض على موسكو تحالفا عسكريا، أجاب «لا أريد التعليق الآن، أنا فى طريقى إلى موسكو وسألتقى بوتين وسيكون لدينا متسع من الوقت للحديث عن الأمر». على صعيد آخر، كشف الرئيس السورى بشار الأسد عن أن موسكو لم تتحدث معه «أبدا» عن عملية انتقال سياسى للسلطة فى سوريا، مشددا على أن الشعب السورى هو وحده الذى يحدد هوية الرئيس. وقال الأسد فى حوار لشبكة «إن.بى.سى نيوز» الأمريكية عند سؤاله عما إذا كان بوتين أو وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف تحدثا معه عن انتقال سياسى فى سوريا إنه «لم يصدر منهما أبدا كلمة واحدة فى هذا الشأن». وأضاف الأسد أنه» ليس قلقا» حيال اجتماع كيرى ببوتين واحتمال أن يتوصل المسئولان إلى «تفاهم» يغادر بموجبه السلطة، موضحا أن»السياسة الروسية لا تستند إلى عقد الصفقات بل إلى القيم»، بينما السياسة الأمريكية «تقوم على عقد الصفقات بصرف النظر عن القيم»، بحسب تعبيره. وحول الصحفية الأمريكية مارى كولفن التى لقت حتفها فى قصف للجيش السورى بمدينة حمص فى 2012، قال الأسد إنها «مسئولة عن كل ما حدث لها»، لأنها «دخلت سوريا بشكل غير قانونى وعملت مع الإرهابيين».