صدر تصريحان فى منتهى الخطورة الأول على لسان وزير شئون البرلمان (المستشار مجدى العجاتى)، والثانى عن أحد المسئولين الكبار فى تحالف «فى حب مصر» الداعم للحكومة، تضمنا اتجاه الحكومة نحو المصالحة مع جماعة الاخوان، والأخطر أن ذلك يأتى فى سياق الدستور!! بل إنهما صرحا رسميا ولم يتم تكذيب ذلك، أن الدستور نص الى مصالحة الاخوان!! والحقيقة الساطعة أن الدستور لم ينص على ذلك مطلقا، فالأحكام الانتقالية بالدستور من (222 247)، ليست بها أى اشارة على الاطلاق الى جماعة اسمها الاخوان يستلزم الأمر مصالحتها، بل إن المادتين الحاكمتين فى هذا السياق هما: المادة (237) التى تنص على التزام الدولة، بمواجهة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمنى محدد.. الخ، كما أن جماعة الاخوان هى جماعة إرهابية صدر بهذا التوصيف حكم قضائى نهائى وبات ولا يجوز الخروج عنه، والممارسات الفعلية لهذه الجماعة (قيادات وأعضاء) كانت إرهابية حيث استخدموا السلاح ودمروا وخربوا وأثاروا الذعر، وقتلوا الجيش والشرطة و المواطنين، فضلا على آلاف قدموا لمحاكمات بتهمة الإرهاب، كما أنه صدر وفقا لقانونى الكيانات الإرهابية والإرهاب، أن الجماعة الارهابية وقياداتها ارهابيون وكل من ينتمى اليها ارهابي، بل أنه قد تم تقديم المئات منهم بتهمة الانضمام الى جماعة الإخوان الارهابية، وصدرت بشأنهم أحكام عديدة أغلبها أصبح نهائيا، فكيف إذن يأتى حديث أحد أعضاء الحكومة ومن بعده أحد قيادات تحالف الغالبية الداعم للحكومة، للمصالحة مع هذه الجماعة، أو مجرد ذكر اسمها على لسانه؟! أليس فى هذا تناقض وعدم احترام الحكومة لأحكام القضاء، وعدم احترام الدم الذى سقط بأيدى هؤلاء المجرمين؟! كما أنه ليس احتراما لارادة الشعب التى أطاحت فى 30 يونيو، بهذه الجماعة من السلطة الى الأبد فى ثورة شعبية عارمة؟! فما هى وظيفة الحكومة إن لم تكن احترام ارادة الشعب؟! والمادة الثانية فى الأحكام الانتقالية هى (241)، والتى تنص على أن مجلس النواب يلتزم فى أول دور انعقاد له بعد نفاذ هذا الدستور باصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا وذلك وفقا للمعايير الدولية وبالتالى لم يتأت ذكر للإخوان أو غيرهم، حيث إن هذه المادة تشير الى ضرورة وحتمية اصدار قانون للعدالة الانتقالية لمحاسبة الذين أجرموا فى حق هذا الشعب وسرقوه ونهبوه ودمروا المجتمع وهربوا أموال الشعب، ومن أسف ان ما يجرى من مصالحات عبر جهاز الكسب غير المشروع بقانونين صدرا بعد 30 يونيو فاقدين للشرعية، حتى أصبح يقال أن ثورة 30 يونيو جادت لازاحة الاخوان وعودة نظام مبارك!! ولعل التقاعس البرلمانى عن صدور هذا القانون قبل انتهاء دور الانعقاد يفقد البرلمان دستوريته، لأنه لم يعد يحترم الدستور، كما أن إصدار قانون للدولة الانتقالية يأتى أولا، ثم يتم بحث اطر المصالحة فى ضوء ما يمكن معالجته ومحاسبة هؤلاء المجرمين، وليس بالاستعانة بهم فى مناصب حكومية وغيرها، الأمر الذى يلقى بعلامات استفهام غريبة، والأخطر أن ذات الوزير يعلن أيضا أنه لا نية لتقديم الحكومة لمشروع قانون للعدالة الانتقالية؟! أليس هذا مخالفا لنص المادة (241) من الدستور؟! أليست هذه جرأة حكومية على دستور البلاد الذى أقسم هذا الوزير وغيره على احترامه؟! هل المصالحة مع الاخوان الإرهابيين أصبحت أهم عند الحكومة من احترام الدستور وحتمية تقديم قانون العدالة الانتقالية؟ على البرلمان أن يتصدى لذلك احتراما للدستور، وأن يتقدم بعض النواب بمشروع قانون للعدالة الانتقالية فورا باشتراك القوى الوطنية والثورية، لاقراره فى البرلمان بعيدا عن هذه الحكومة التى تعمل وفقا لبرنامج خفى بعيدا عن مصلحة الشعب، وتفتقر الى الحس السياسى والشعبى، وهو ما يفقدها الشرعية السياسية، لكن الأهم من هذا وذاك، أن هذا التصريح الحكومى يأتى فى سياق تحولات اقليمية غامضة، ومصالحات تتم بصورة سريعة، ومصر غائبة ولا رد فعل سوى التصريحات الدبلوماسية الجامدة التى تفتقر الى المبادرة. ولايزال للحديث بقية. لمزيد من مقالات د. جمال زهران