مسجد الإمام الشافعي مبنى عتيق، أمامه فناء كبير واسع، ومن داخل المسجد بالمبنى يوجد ضريح محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع المعروف باسم الإمام الشافعي، ولد الشافعي في غزة عام 150 ه / 767 م، ونشأ في مكةالمكرمة ودرس على يد الإمام مالك صاحب المذهب المالكي في الفقه السني، ثم استقل بمذهبه الخاص (الشافعي). وتجد داخل المقام رسائل ملقاة داخل المقام، كل من لديه شكوى متضرر منها، يكتبها ويرميها داخل المقام، لعل وعسى أن يأتيه الله بالفرج. ويقول الدكتور بهاء حسب الله، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة حلوان: إن الإمام الشافعى هو المؤسس الحقيقى لعلم أصول الفقه، والشافعى ليس هو الفقيه العالم فحسب لكنه الشاعر المبدع، والمُحدث الماهر، والمقاتل الشجاع، وأحد مجددى فكر المذاهب الإسلامية، ومن منظرى أصولها، وباعتباره إماما لعلمى الحديث والتفسير، وهذا الذى دفعه فى النهاية لتأسيس مذهبه فى الفقه، وهو ما سمى بالمذهب الوسطي. ويشير إلى أن تابوت الإمام الشافعى الكائن داخل الضريح يرجع إلى أعمال السلطان صلاح الدين الأيوبي، وهو تابوت فاخر من الخشب له غطاء هرمى الشكل غنى بالزخارف الهندسية والنباتية والكتابات الكوفية والنسخية، وتشتمل الكتابات على اسم الإمام الشافعى الذى ينتهى إلى عبد مناف جد النبى محمد صلى الله عليه وسلم. كما تضم الكتابة تاريخ صناعة التابوت 574ه واسم الصانع عبيد النجار المعروف بابن المعالي. وتقرأ الكتابة: (عمل هذا الضريح المبارك للإمام الفقيه أبى عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن الهاشم بن المطلب بن عبد مناف رحمه الله. صنعه عبيد النجار المعروف بابن معالي. عمله فى شهور سنة أربع وسبعين وخمس مائة رحمه الله ورحم من ترحم عليه ودعا له بالرحمة ولجميع من عمل معه من النجارين والنقاشين ولجميع المؤمنين). وبرغم أنه ولد بمكة سنة 150 ه، فإنه من أشهر الأئمة الذين طافوا بلدان العروبة والإسلام، بحثا عن علم الأصول، وسعيا فى نشره، فبعد أن قضى بمكة أكثر من عشر سنوات هاجر إلى المدينة ليتتلمذ على يد الإمام أنس بن مالك، ويتدارس على يديه فقهه (المالكي) ومنها إلى اليمن ليعمل قاضيا بها سبع سنوات، ثم إلى بغداد 184 ه لدراسة المذهب (الحنفي) على يد الشيبانى الفقيه، ومنها إلى مكة من جديد ليقضى بها قرابة عشر سنوات كإمام للحرم المكي، ومنها إلى مصر سنة 199ه، ليقوم فيها بدوره التاريخى فى نشر مذهبه الفقهي، والتى كان لمصر دور مهم فيه لاعتدال العقيدة الدينية والمذهبية فى نسيج شعبها، وفى مناخها نفسه، مما دفع الإمام إلى التوسط فى منهجه، فسُمى مذهبه ب (المذهب الوسطي).. ودفن فى القرافة التى سُميت باسمه قرافة الإمام الشافعي. وأشار إلى أن الذى قام ببناء تربة الشافعى هو صلاح الدين الأيوبى وهى أول مبنى يقوم على قبر الشافعي، وتم الانتهاء من عمل التابوت الخشبى الذى يعلو التربة، وهو مزخرف بحشوات هندسية منقوشة نقشاً غاية فى الإتقان، وكتب عليه آيات قرآنية وترجمة حياة الشافعى واسم صانعه (عبيد النجار) بالخطين الكوفى والنسخ الأيوبي.