فى كل عام ومع حلول شهر رمضان المعظم تنشر وسائل الإعلام مرئية ومسموعة ومقروءة كثيرا من الفتاوى المتعلقة بالصيام وأحكامه وما قد يبطله.. ومن هذه الفتاوى ما يتعلق باستخدام قطرة العين فى أثناء الصيام. وبرغم صدور عدة فتاوى من دار الافتاء المصرية على مدى عدة سنوات بأن استخدام قطرة العين لا يبطل الصيام إلا أن بعض شيوخنا الأفاضل قد شككوا هذا العام فى ذلك واستعرض بعضهم الآراء المتعارضة الصادرة عن بعض العلماء منذ مئات السنين متعللين بأنهم ينقلون آراء السابقين من العلماء وذلك دون تحليل لهذه الآراء وعدم ابداء آرائهم مما قد يؤدى إلى كثير من البلبلة.. ولا ادعى قدرتى على الفتوى فلست مؤهلا لها ولكنى فقط أثير بعض التساؤلات التى ارجو أن توضع فى الاعتبار عند المتصدر للفتوى إذ لماذا يكتفى بعض علمائنا الأفاضل بذكر آراء العلماء السابقين التى قد يكون قد مرت عليها مئات السنين وصدرت فى ظروف تختلف تماما عن ظروفنا دون اعمال فكرهم وابداء آرائهم المستندة إلى ما جاء فى القرآن والسنة مع أخذ آراء السابقين فى الاعتبار.. لقد اجتهد السابقون فلماذا لا نجتهد نحن؟ ولنتذكر جميعا أن القرآن الكريم حدد بعض الأمور تحديدا دقيقا مثل أركان الإسلام وأحكام المواريث بينما ترك كثيرا من التفاصيل ليعمل الإنسان عقله بما يناسب كل زمان ومكان فى حدود ما جاء بالقرآن والسنة. أما فيما يختص باستخدام قطرة العين فى أثناء الصيام فلنا أن نتساءل: ما هو حجم نقطة القطرة التى توضع فى العين وما مصيرها؟ أن معظمها «على القلة المتناهية لحجمها» يمتص من سطح العين ولكن جزءا صغيرا جدا قد يصل إلى الحلق عن طريق الأنف مما قد يجعل الإنسان يشعر بطعم القطرة، وذلك دون وصولها إلى الجوف وهو نفس ما يحدث عند الوضوء مع الاختلاف الكبير بين حجم نقطة القطرة وحجم كمية الماء التى تصل إلى العين فى أثناء الوضوء «ولكن الإنسان لا يشعر بطعمها لأن الماء لا طعم له»، فهل يمكن أن يدعى البعض أن الوضوء يبطل الصيام على أساس أن الماء يصل إلى العين فى أثناء الوضوء مثل القطرة.. بالطبع فإن ذلك من المستحيل أن يحدث فالوضوء مقدمة ضرورية للصلاة التى هى ركن من أركان الإسلام.. وهذا يؤكد أن استعمال القطرة لا يبطل الصيام. ومن ناحية أخرى فإننا نعرف جميعا أن الأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوي.. فهل يعقل ما ذهب إليه البعض من أن يفسر استعمال القطرة فى أثناء الصيام على أنه تحايل مما يبطل الصوم علما بأن القطرة لا تستعمل لغير التداوى أو التشخيص.. اننى ارجو الجميع التفكير جيدا كما أمرنا الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قبل ابداء الرأى مع أخذ آراء السابقين فى الاعتبار دون التقيد بها مع شرط الالتزام بما جاء فى القرآن والسنة. د.ممتاز حجازي أستاذ العيون بطب القاهرة