جوع وإذلال وهوان،طفولة مشرّدة وتفكك أُسري،موت غرقاً فى البحر أوعطشاً بالصحراء،حشر داخل خيام مكدسة وأحياناً اغتصاب..إنه نمط حياة معظم،إن لم يكن كل،اللاجئين والمشردين الذين أجبرتهم الصراعات والحروب وحملات الاضطهاد على الفرار من بلادهم.ورغم مطاردة الموت لهم ضربوا الرقم القياسى ببلوغ عددهم 65.3 مليون بنهاية عام 2015 بزيادة خمسة ملايين خلال عام واحد وفقاً لتقرير مفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وهو ما يعنى أن دوافع اللجوء والتشرد أقوى من الخوف من الأخطار التى تهدد حياتهم. الأرقام المُقلقة للغاية من بينها أن 12.4 مليون إنسان شردتهم الصراعات وحملات الاضطهاد فى عام واحد(2015)بمعدل 24 كل دقيقة و34 ألفاً فى اليوم،وأن 54% من اللاجئين جاءوا من ثلاث دول فقط هى سوريا وأفغانستان والصومال،وبينما ارتفع عدد اللاجئين إلى 21.3 مليون وطلبَ 3.2 مليون آخرون اللجوء بقى 40.8 مليون مشردين داخل دول تعانى من صراعات ويقبع 86% فى دول محدودة أومتدنية الدخل نسبياً.نصف اللاجئين أطفال تحت سن ال18 ونصفهم موجودون فى إفريقيا التى شهدت أوتشهد حالياً العديد من 14 نزاعاً تم رصدها حول العالم من بينها الصومال وليبيا وجنوب السودان ومالى ونيجيريا وساحل العاج وإفريقيا الوسطى وبوروندى والكونغو- كينشاسا.أما الذين عادوا إلى بلادهم فلم يزيدوا على 127 ألفاً فى عام 2014 وهو أدنى معدل خلال 31 سنة. تقرير المفوضية بمناسبة اليوم العالمى للاجئين (20 يونيو) أرجع الارتفاع المهول فى أعداد اللاجئين والنازحين إلى ثلاثة أسباب أولها الصراعات فى دول مثل الصومال وأفغانستان،والثانى وقوع أحداث جديدة أومتجددة مثلما حدث فى سوريا وأوكرانيا وإفريقيا الوسطي،أما الثالث فهو عجز المجتمع الدولى عن إحراز تقدم على طريق إيجاد حلول لمشاكلهم،حيث أوضحت دراسة حديثة أن 75% من شبان السنغال مثلاً يريدون مغادرة بلادهم فى غضون خمس سنوات.وحذر فيليبو جراندى رئيس المفوضية من أن العوامل المهدِّدة للاجئين تتزايد قائلاً إن هناك عدداً مخيفاً من المهاجرين واللاجئين يلقون حتفهم فى البحر والبر وإن هناك فارين تقطعت بهم السبل وعجزوا عن الوصول إلى وجهتهم بسبب إغلاق الحدود.ويرى محللون أن الإحصائية وجهت رسالة للعالم وخاصة لقادة أوروبا مفادها أنه إذا لم تبذلوا جهداً أكبر لإنهاء الحروب والصراعات والاضطهاد التى يعانيها اللاجئون والمشردون فسوف يأتون إليكم بمشاكلهم فى بلادكم مشيرين إلى ما ذكرته المفوضية من أن عدد النازحين على مستوى العالم تضاعف منذ عام 1997 وزاد بنسبة 50% منذ عام 2011 مع اندلاع الحرب فى سوريا. أكثر من مليون لاجيء وصلوا بالفعل إلى أوروبا خلال عام 2015 عبر البحر المتوسط و35 ألفاً عن طريق البر وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة،وأوضح مدير مفوضية اللاجئين أن تدفقهم الهائل على أوروبا هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية وكان سبباً فى تزايد نفوذ الأحزاب اليمينية والمعادية للمهاجرين قائلاً إن واحداً من كل 113 إنساناً فى العالم لاجيء أونازح أوطالب لجوء إلى دولة أخري.وبينما توقعت وكالة حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبى وصول 300 ألف طالب لجوء بالقوارب إلى إيطاليا من ليبيا هذا العام قال وزير الداخلية الألمانى توماس ديميزير إن نحو مليون لاجيء ينتظرون دورهم فى الأراضى الليبية لركوب البحر إلى الاتحاد الأوروبى بمساعدة عصابات المهربين.وزادت المفوضية أن 50 ألف طالب لجوء وصلوا فعلاً بالقوارب إلى شواطيء صقلية منذ بداية العام،وفسر كلاوس روسلير مدير وكالة حماية الحدود الأوروبية سبب تدفقهم الكبير بتكثيف الاتحاد الأوروبى عمليات المراقبة فى البحر المتوسط وقيام سفنه بإنقاذ قواربهم المعرضة للغرق مما حفزهم أكثر على سلوك هذا الطريق.كما أكدت منظمة الهجرة العالمية أن البحر المتوسط شهد 80% من حوادث غرق اللاجئين على المستوى العالمى وأن 3400 منهم غرقوا خلال الشهور الخمسة الأولى من العام الحالى بزيادة 12% على عدد ضحايا الفترة نفسها من العام الماضي،والسبب شبكات مهربين انتُزعت من قلوبهم الرحمة. المُحزن فى الأمر أكثر أن الدول العربية والإسلامية أصبحت المُصدِّر الأول للمهاجرين حول العالم بسبب الحروب والنزاعات القديمة والجديدة والمتجددة وفقاً لتقرير مفوضية اللاجئين لعام 2014 حيث أن البلاد الثلاثة الأكثر تضرراً هى سوريا (7.6 مليون نازح و3.88 مليون لاجيء) وأفغانستان (2.59 مليون لاجيء ونازح) والصومال (1.1 مليون).وفى العراق رصدت المفوضية مؤخراً 84 ألف نازح من الفلوجة وحدها منهم 30 ألفاً نزحوا فى ثلاثة أيام فقط وقالت إن آلافاً آخرين مازالوا محاصرين فى المعارك بين القوات الحكومية وداعش،كما حذر المجلس النرويجى للاجئين من كارثة إنسانية هناك بسبب الفوضى داخل معسكرات النزوح حيث ينام الآلاف فى العراء بلا خيام فى درجة حرارة تصل إلى 50 مئوية.وأخيراً أعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أنها سجلت 5.6 مليون لاجيء فلسطينى فى مخيمات داخل الضفة الغربية وغزة وخارجهما قائلةً إن 42% من سكان فلسطين لاجئون وبلا عمل منهم 39.6 تقل أعمارهم عن 15 سنة.أحوال تنفطر لها القلوب. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى